مجلس الشيوخ الأميركي يناقش تشريعاً لحماية الديمقراطية في تونس  

مجلس الشيوخ الأميركي يناقش تشريعاً لحماية الديمقراطية في تونس  

20 يونيو 2023
يقيد التشريع المطروح التمويل الأميركي لتونس بحماية الديمقراطية (Getty)
+ الخط -

تصوت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، اليوم الثلاثاء، على مشروع "قانون حماية الديمقراطية في تونس"، والذي يتضمن قيودا على المساعدات الأميركية، في ظل ما تشهده البلاد من تضييق على الحريات واعتقالات سياسية.

وطرح العضوان البارزان في مجلس الشيوخ، النائب الجمهوري جيم ريش، والديمقراطي بوب مينينديز، يوم الجمعة الماضي، مشروع القانون، بهدف تعزيز المؤسسات الديمقراطية عبر تقليص التمويلات التي تستفيد منها تونس، وإنشاء صندوق لدعم الإصلاحات الديمقراطية، بحسب ما أورد موقع لجنة العلاقات الخارجية.

وينصّ التشريع على الحد من التمويلات التي تقدمها وزارة الخارجية الأميركية بنسبة 25%، بما في ذلك المساعدة الأمنية، باستثناء التمويلات الموجهة للمجتمع المدني التونسي، وذلك بغرض دفع الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى إنهاء حالة الطوارئ المعلنة في 25 يوليو/تموز 2021.

وقال وزير الخارجية التونسي الأسبق، ورئيس مركز الدراسات الإستراتيجية والدبلوماسية، رفيق عبد السلام في حديث لـ"العربي الجديد"، إن القانون جاء لتوجيه رسالة لقيس سعيد بأن "يكف عن المسار التدميري الذي يدفع البلاد نحوه، ويدرك أن تونس ليست جزيرة معزولة أو مزرعة خاصة يفعل فيها ما يشاء"، مضيفا أن "سلوكه السياسي الشعبوي يوجه رسالة في القارة الأفريقية وما هو أبعد من ذلك، بأن النظام السلطوي الشعبوي هو البديل المستقبلي، وهذا ما يزعج أميركا في ظل منافسة دولية كبيرة تشكك في جدوى وشرعية النظام الديمقراطي". 

وتابع عبد السلام: "المشكلة الكبرى أن قيس سعيد يذكر كل العالم بأنه قام بانقلاب، وهو بذلك يحرج حتى القوى التي تبحث عن مبرر في دعمه تحت عنوان الواقعية السياسية وأولوية الاستقرار". 

وأضاف أن "الأميركيين وافقوا سعيد في خريطة طريقه، ولكن تماديه في تقويض كل المؤسسات وكتابة دستور بنفسه، ثم نسبة المقاطعة المرتفعة لانتخابات برلمانه والاستفتاء على دستوره، أشعرتهم وغيرهم بأن الأخير بات ضعيفا ويفتقد الشرعية التي يدعيها".

وقال: "إنه (قيس سعيد) يسير بخطى ثابتة نحو بناء نموذج قذافي جديد في الضفة الجنوبية للمتوسط، فقد حول تونس من قصة نصف نجاح ديمقراطي إلى قصة فشل كامل على جميع الأصعدة".

وحول خفض المساعدات وتقليص الدعم، قال عبد السلام إن "هذا قرار يخص الإدارة الأميركية، ولكن الأصل في الأشياء أن تكون الدول الغربية منسجمة مع شعاراتها ومبادئها في الدفاع عن القيم الديمقراطية في مواجهة هذه الهجمة الشعبوية الفوضوية".

وأضاف أن ما يطلبه الأميركيون هو الحد الأدنى، بالكف عن المحاكمات العسكرية وإطلاق حرية الإعلام، في حين تطالب القوى الديمقراطية بما هو أبعد من ذلك، وهو "تفكيك هذا النظام السلطوي الناشئ والعودة لديمقراطية كاملة غير منقوصة وفق دستور الثورة الذي التهمه قيس سعيد".

واستدرك وزير الخارجية الأسبق: "قيس سعيد يتذرع بمقولة السيادة الوطنية ورفض التدخل الخارجي، لكن تدخل رئيسة وزراء الحكومة اليمينية المتطرفة في إيطاليا ينزل عليه بردا وسلاما ولا نسمع وقتها حديثا عن السيادة الوطنية، أما حينما يطالبه العالم باحترام الحد الأدنى من القيم الإنسانية والقوانين الدولية، والكف عن الاعتقال التعسفي والاختطاف ومداهمة البيوت ونصب المحاكمات الصورية، يرد برفع لافتة السيادة الوطنية، وهذا هو ديدن الدكتاتوريات العربية بالأمس واليوم". 

وقال السيناتور الديمقراطي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بوب مينينديز، الذي بادر بطرح مشروع القانون: "أؤيد بقوة المساعدة الأميركية لتمكين التطلعات الديمقراطية والكرامة الاقتصادية للشعب التونسي".

وأضاف مينيدينز: "هذا التشريع يحفظ المساعدات الإنسانية والاقتصادية للمجتمع المدني التونسي، مع توضيح خيارات الرئيس قيس سعيد.. يستطيع هو وحكومته، إما إنهاء حالة الطوارئ وإعادة تونس إلى المسار الديمقراطي، أو يمكنه الوقوف في طريق دعم الولايات المتحدة للشعب التونسي والحكومة".

ويتضمن التشريع اعتماد 100 مليون دولار سنويا للسنتين الماليتين المقبلتين؛ لإنشاء "صندوق دعم الديمقراطية في تونس"، على أن يتاح المبلغ بعد تصديق وزير الخارجية على أن الحكومة التونسية "قد أحرزت تقدما في المعايير الديمقراطية، بما في ذلك استعادة سلطات البرلمان واستقلال القضاء ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين والاعتقالات التعسفية للصحافيين".

ومنذ إعلان سعيد في 25 يوليو/تموز عما سمّاه التدابير الاستثنائية لإنقاذ البلاد، تراوحت المواقف الأميركية الرسمية والبرلمانية بين القلق والمطالبة باستعادة الشرعية، والتنبيه من الانحراف عن المسار الديمقراطي.

ورغم تشديد واشنطن دعواتها للرئيس التونسي للعودة إلى الديمقراطية، واصل الأخير إجراءاته الاستثنائية مجازفاً بخسارة تونس أهم المانحين الدوليين، والداعمين الاقتصاديين.

ولم يتردد سعيّد في إعلان حل الحكومة التونسية وإعفاء رئيسها هشام المشيشي من منصبه، كما أصدر قراراً بتجميد كل اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن جميع أعضائه، في 25 يوليو/تموز الماضي، كما أقدم على تعطيل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين (محكمة دستورية وقتية)، ثم واصل مساره بحل المجلس الأعلى للقضاء وتغيير هيئة الانتخابات وتشكيل هيئة انتخابية مؤقتة ومجلس قضائي وقتي معينين.

كما أقدم على تغيير الدستور المصادق عليه من البرلمان في 2014 واستحوذ على جميع السلطات، قبل أن يمرر دستورا جديدا صاغه بنفسه، ويصدر مرسوما انتخابيا أنجز به انتخابات تشريعية خلال دورتين، انتهت إلى تنصيب برلمان جديد منقوص عدديا.

وتعد واشنطن من أهم المانحين لتونس قبل الثورة وبعدها، حيث دعمت تجربة تونس الديمقراطية في جميع مراحلها.

وعقب إعلان سعيد عن إجراءاته الاستثنائية، دعته الإدارة الأميركية آنذاك إلى ضرورة التزام مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.