مبادرة عراقية جديدة لتطبيع الأوضاع في كركوك: إدارة مشتركة

مبادرة عراقية جديدة لتطبيع الأوضاع في كركوك: إدارة مشتركة

11 مارس 2021
تعدّ كركوك من أبرز المناطق المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وإقليم كردستان (الأناضول)
+ الخط -

قُبيل سبعة أشهر على الانتخابات العراقية المبكرة المقرر إجراؤها في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، يؤكد مسؤولون عراقيون محليون في مدينة كركوك وجود مبادرة جديدة تتعلق بتطبيع الأوضاع في المدينة المتنازع على إدارتها بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان.

وما تزال محافظة كركوك الغنية بالنفط شمالي العراق تدار من قبل محافظ بالوكالة وإدارة محلية تم تسميتها نهاية عام 2017، إثر الحملة العسكرية التي أطلقتها بغداد، رداً على تنظيم أربيل استفتاء للانفصال عن العراق وشملت مدينة كركوك وانتهت بإبعاد قوات البشمركة عنها وبالتالي خروج الأحزاب والقوى الكردية منها.

ووفقا لمصادر محلية في مدينة كركوك، أحدها مسؤول في ديوان المحافظة، فإن مبادرة يجري التحضير لها برعاية الأمم المتحدة تتعلق بتطبيع الأوضاع في مدينة كركوك قائمة على مبدأ الشراكة لكل مكونات المحافظات في المشهد السياسي والأمني والحكومي بدون إقصاء أي طرف من الأطراف قبيل إجراء الانتخابات المقبلة.

وأضافت المصادر ذاتها أن الحراك بشأن المبادرة من المؤمل أن ينطلق بعد الانتهاء من التصويت على الموازنة المالية وقانون المحكمة الاتحادية وهناك مؤشر لعدم ممانعة القوى السياسية الرئيسة في بغداد حيال هذا الأمر بشرط أن يبقى الملف الأمني في المحافظة لدى القوات الاتحادية العراقية حصراً باعتبارها تمثل كل العراق دستورياً. 

وكشفت المصادر عن لقاء أجري مؤخراً لبحث بنود المبادرة في بغداد وكركوك بين ممثلين لعدة قوى سياسية تركمانية وعربية وكردية، ويمكن اعتبار موضوع عودة البشمركة العقبة الأبرز في أي حوار متعلق بكركوك لوجود اعتراض شديد من المكونين العربي والتركماني حيال الموضوع بسبب ما يعتبرانه تجربة سيئة لهما مع هذه القوات خلال سيطرتها على كركوك في سنوات سابقة.

وكانت أربيل قد أبدت في وقت سابق تفاؤلاً بإمكانية التوصل إلى تفاهمات بخصوص كركوك قُبيل الانتخابات، وأكد وزير الإقليم للشؤون الاتحادية، في حكومة كردستان خالد شواني، وجود مبادرة جديدة تجري برعاية الأمم المتحدة وبمشاركة ممثلين عن رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وممثلي المكونات في كركوك.

وأوضح، في تصريح لمحطة تلفزيون محلية عراقية، أن لقاءات تجري حالياً وتبحث إمكانية التوصل إلى صيغة تفاهمية لرؤية مشتركة لإيجاد وضع إداري للمحافظة تشارك فيه جميع المكونات من دون إقصاء أو تهميش لأي مكون".

وأوضح أن "المبادرة تسعى أيضاً لأن تكون إدارة الملف الأمني والعسكري، مشتركة من جميع المكونات، مع وضع معادلة سياسية بالتفاهم بين جميع المكونات، ومعالجة قضية الأراضي الزراعية المتنازع عليها في المحافظة". 

 وبين أن "أفق الحل لكركوك مطروح، وهو صعب، لكن نسعى وهناك نية وإرادة"، معرباً عن أمله بأن "يتم التفاهم والتوصل إلى صيغة تخدم جميع مكونات المحافظة". وشدد على أن "كركوك لا يمكن أن تدار من قبل مكون واحد، ومن يذهب بهذا الاتجاه فهو خاطئ". 

وأبدت الجبهة العربية في المحافظة، رفضاً قاطعاً لأي محاولات لإعادة البشمركة، إلى كركوك، وقال رئيس الجبهة، ناظم الشمري: "نرفض عودة البشمركة إلى كركوك، والتنسيق العسكري معها إذا كان ضرورياً، فمن الممكن أن يكون على أطراف كردستان أو في بغداد أو أربيل، شرط أن لا تتواجد البشمركة في كركوك".

وأضاف، في تصريح صحافي، أن "أي دخول للبشمركة إلى كركوك، سيكون ضمن محاولة أولية لإعادتها إلى المحافظة، وهذا أمر مخالف للدستور أولاً، ونرفضه رفضا قاطعا".

كما أن موقف الجبهة التركمانية، لم يختلف بشأن قوات البشمركة، إذ حذّرت من محاولات زج المحافظة بصراعات إقليمية، وأبدت، في بيان لها، مخاوفها من "أطماع حكومة الإقليم في كركوك، والتي تعد خطيرة جداً".

وحول ذلك، قال الخبير بالشأن السياسي العراقي جمال كركوكلي، وهو من أهالي المحافظة أيضاً، إن الوضع في المدينة لا يحتاج سوى لحسن نوايا من جميع ممثلي مكونات كركوك للتوصل إلى تفاهمات. 

وأضاف كركوكلي لـ"العربي الجديد"، أن المشاكل في كركوك ستبقى لحين إجراء انتخابات مجالس المحافظات، لافتاً إلى أن المجالس هي التي ستحدد منصب المحافظ ونوابه ورئاسة المجلس وباقي تفاصيل الحكومة المحلية.  

وأوضح أن قوات الأمن التي تمسك أمن المدينة هي العقدة الأكثر صعوبة، مشيراً إلى أن الفترة القادمة قد تشهد تحركاً، بفعل قرب الانتخابات، لعقد تحالفات برلمانية لتحقيق الأغلبية التي ستشكل الحكومة، لكن لا يعني أن الحل سيكون شاملاً وقد يكون في أقصى الأحوال إدارة أمنية مشتركة ضمن خارطة طريق يتم التفاهم عليها سياسيا لا أمنياً. 

واعتبر أن السكان في كركوك لا توجد بينهم مشاكل، ولا حتى يكترثون لموضوع تقاسم المناصب بين العرب والتركمان والكرد ولا لقومية عنصر الأمن الذي يقف بالشارع لحماية الناس وهذا أمر مفروغ منه لدى المجتمع بالمدينة، لكن المشاكل متعلقة بالأحزاب التي تقدم نفسها أنها ممثلة لمكونات كركوك وجماهير تلك الأحزاب أيضا".

وتعدّ كركوك من أبرز المناطق المتنازع عليها، بين الحكومة الاتحادية في بغداد، وحكومة إقليم كردستان في أربيل، وبقيت تحت سيطرة القوى الكردية منذ احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأميركية عام 2003، حتى دخول الجيش العراقي عام 2017 على خلفية استفتاء انفصال إقليم كردستان العراق والذي شمل كركوك ومناطق أخرى متنازعا عليها.

المساهمون