ما وراء التحول في موقف عسكر إسرائيل من الاتفاق النووي؟

ما وراء التحول في موقف عسكر إسرائيل من الاتفاق النووي؟

04 ابريل 2021
تحول لافت بموقف جيش الاحتلال الإسرائيلي (فرانس برس)
+ الخط -

يعد الموقف الذي عبرت عنه قيادات عسكرية إسرائيلية بارزة بشأن الشروط التي ينبغي تحققها في أي اتفاق نووي مستقبلي مع إيران، كما نقلت صحيفة "معاريف" في عددها الصادر أول من أمس الجمعة، تحولا كبيرا في موقف المؤسسة العسكرية بدولة الاحتلال.
وأوردت الصحيفة أن المؤسسة الأمنية تصر على أن يلبي الاتفاق المستقبلي مع إيران "خطين أحمرين" أساسيين، وهما: أن يكون العمل ببنود الاتفاق مطلقا وغير محدد بسقف زمني، وأن يتم إخضاع المرافق النووية الإيرانية لعملية تفتيش دقيقة وصارمة.
وكان لافتا في ما نقلته "معاريف" أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية باتت مستعدة للتراجع عن شرطين أساسيين كانت تصر في السابق على تضمينهما أي اتفاق بين إيران والولايات المتحدة، وهما: فرض قيود على الترسانة الصاروخية الإيرانية وكبح جماح تمركز إيران في المنطقة.
فحسب القيادات العسكرية بدولة الاحتلال فإنه من الصعوبة بمكان على إسرائيل أن تثبت للعالم بأن الصواريخ التي تطورها إيران يمكن أن تحمل رؤوسا نووية، وهذا سيجعل المطالبة بفرض قيود على الترسانة الصاروخية الإيرانية غير مقنع؛ سيما أن طهران تبرر تطوير هذه الترسانة بدواع أمنية ودفاعية.
وفي ما يتعلق بتمركز إيران في المنطقة، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، كما نقلت "معاريف"، ترى أن وضع حد لتمركز إيران في المنطقة، وضمن ذلك في سورية، يستحيل إحرازه بالعمل العسكري كما تفعل إسرائيل حاليا، فضلا عن أن توظيف العمل السياسي والدبلوماسي في محاولة تحقيق هذا الهدف يبدو غير مجدٍ بسبب المواجهة المحتدمة بين الولايات المتحدة وكل من روسيا والصين.
ويكتسب التحول على موقف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية دلالات كبيرة، سيما أنه يعكس تراجعا عن الموقف الذي عبر عنه رئيس أركان جيش الاحتلال، أفيف كوخافي، في كلمته أمام مؤتمر "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي قبل شهرين، والذي عارض فيه العودة إلى الاتفاق الأصلي مع إيران تحت أي ظرف وألمح إلى إمكانية استخدام الخيار العسكري في حال عادت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لهذا الاتفاق.
لكن على الرغم من مؤشرات التحول على موقف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، فإن الذي يحدد موقف تل أبيب في النهاية هو المستوى السياسي، وتحديدا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يبدي تشددا كبيرا إزاء فكرة العودة للاتفاق الأصلي؛ إذ سمح بُعيد صعود بايدن لوزراء من حزب "الليكود" الذي يتزعمه بإطلاق التهديدات باستخدام الخيار العسكري في حال عادت الإدارة الجديدة إلى الاتفاق.

ومع ذلك، فإنه لن يكون بوسع نتنياهو المنشغل بمواجهة تبعات الأزمة السياسية الداخلية، تجاهل موقف المؤسسة الأمنية وتأثير التحولات التي يرجح أنها أسهمت في إحداث هذا التحول على توجهات جنرالات إسرائيل من الاتفاق.
ويمكن القول إن هذا التحول جاء بسبب إدراك المؤسستين العسكرية والاستخبارية في تل أبيب أن استراتيجية "الضغوط القصوى" التي تبناها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بتشجيع مع نتنياهو، قد جاءت بنتائج عكسية، كما عبر عن ذلك نائب رئيس "الموساد"، الذي يعرف فقط بـ"أ"، بعد أن تسرح من الخدمة قبل شهرين في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة "يديعوت أحرنوت"؛ حيث أوضح أن هذه الاستراتيجية دفعت طهران لتجاوز بنود الاتفاق النووي بشكل يقربها من الحصول على الإمكانيات التي تؤهلها لإنتاج السلاح النووي، وقتما قررت ذلك.

من ناحية ثانية، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعي تماما جدية إدارة بايدن في العودة إلى الاتفاق النووي وتشديدها على "المسار الدبلوماسي" كآلية لضمان عدم حصول طهران على سلاح نووي.
 في الوقت ذاته فإن الأمنيين الإسرائيليين يحاولون عدم الإقرار بما أشار إليه معلق "هآرتس" العسكري، عاموس هارئيل، والمعلق في "يديعوت أحرنوت"، إليكس فيشمان، من أنه في حال عادت الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي فإنه لن يكون بوسع إسرائيل استخدام الخيار العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية.
كما أن صناع القرار ومحافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب ترى أن وثيقة "التعاون " بين إيران والصين قد حسنت من مكانة طهران ووسعت هامش المناورة أمامها بشكل يجعلها قادرة على المساومة بشكل أفضل في أية مفاوضات مع إدارة بايدن بشأن العودة للاتفاق النووي.