مؤشرات تقدّم بمفاوضات فيينا: روسيا تقنع إيران بتقديم تنازلات

مؤشرات تقدّم في مفاوضات فيينا النووية: روسيا تُقنع إيران بتقديم تنازلات

29 ديسمبر 2021
إيران تشترط رفع العقوبات (أليكس هلادا/فرانس برس)
+ الخط -

قال المندوب الروسي في مفاوضات فيينا، ميخائيل أوليانوف، اليوم الأربعاء، إن روسيا والصين أقنعتا إيران بـ"التخلي عن بعض مطالبها" خلال مفاوضات فيينا النووية الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي المترنح، في وقت رأت الولايات المتحدة تقدماً محتملاً في المفاوضات مع إيران.

وأوضح أوليانوف في مقابلة مع مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، أن إيران كانت تطالب بأن تركز المفاوضات على مسألة رفع العقوبات فحسب وليس المسائل النووية، مشيراً إلى أنها قبلت في نهاية المطاف ببدء الجولة السابعة من المفاوضات "على أساس مسودات الجولة السادسة" التي انتهت في العشرين من يونيو/حزيران الماضي.

وتعليقا على تصريحات أميركية وأوروبية بأن الوقت بات ينفد أمام إحياء الاتفاق النووي والدعوة إلى الإسراع في الوصول إلى نتيجة، قال المسؤول الروسي إن "هناك مبالغة ما. نعم هناك استعجال، لكن اسمحوا أن نحذر قليلاً وألا نعين مهلاً مصطنعة" في إشارة غير مباشرة إلى مهلة أميركية للتوصل إلىى اتفاق حتى نهاية يناير/كانون الثاني أو مطلع فبراير/شباط، حسب موقع "أكسيوس" الأميركي. 

وأكد أوليانوف: "لا يمكنني ضمان الوصول إلى اتفاق لكن فرص ذلك كبيرة للغاية. أنا في هذه المرحلة متفائل وليس هناك ما يدعوني للتشكيك"، مشيراً إلى أن جميع أطراف المفاوضات ومنها إيران والولايات المتحدة "تريد إحياء الاتفاق النووي".

وتعليقاً على اتهامات لإيران بالسعي لكسب الوقت في المفاوضات لتطوير برنامجها النووي، قال مندوب روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا إن "الوقت الراهن ليس لأجل تهديد إيران بممارسة المزيد من الضغوط عليها. حتى إن قام الإيرانيون بإنتاج كمّ ملحوظ من المواد النووية، فماذا سيحصل؟ هذه المواد لن تستخدم من دون رؤوس نووية، وإيران لا تمتلك هذه الرؤوس". 

وقال أوليانوف، اليوم الأربعاء، إنه اجتمع مع نظيره الأميركي في فيينا، حيث تجرى الجولة الثامنة من المفاوضات. وكتب أوليانوف على "تويتر" أنه اجتمع مع المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي. وأضاف "تمثل المشاورات الوثيقة والتنسيق بين الوفدين الأميركي والروسي في سياق محادثات فيينا شرطاً مسبقاً مهماً لإحراز تقدم نحو استئناف العمل بخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)".

من جهتها، رأت الولايات المتحدة تقدماً محتملاً في المفاوضات مع إيران، لكنها انضمت الى المفاوضين الأوروبيين في التشديد على الحاجة الملحة لتقليص البرنامج النووي الإيراني.

وكانت أطراف مفاوضات فيينا النووية قد أطلقت جولتها الثامنة، يوم الإثنين الماضي، وسط حالة ترقب شديد لمخرجات هذه الجولة التي تنعقد تحت ضغط تصاعد التحذيرات الأميركية من أن "الوقت بات ينفد"، مع الحديث عن مهلة حتى نهاية يناير/كانون الثاني أو مطلع فبراير/شباط للوصول إلى نتيجة، فضلاً عن تبادل رسائل عسكرية تحذيرية بين إيران وإسرائيل. 

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، للصحافيين في واشنطن، بحسب ما أوردت وكالة "فرانس برس": "قد يكون هناك بعض التقدم المتواضع الذي تم إحرازه".

وأضاف: "لكن بطريقة أو بأخرى من المبكر القول إلى أي مدى كان هذا التقدم جوهرياً. على الأقل نعتقد أن أي تقدم تحقق لا يرقى إلى خطى إيران النووية المتسارعة".

وشددت الدول الأوروبية، أمس الثلاثاء، على "الطابع الملح" لإنجاز المفاوضات في وقت تقترب فيه طهران "بشكل كبير" من مخزون اليورانيوم الضروري لصنع قنبلة ذرية.

وقال مفاوضون من الدول الأوروبية الثلاث، الأطراف في اتفاق العام 2015 وهي فرنسا وألمانيا وبريطانيا غداة استئناف المفاوضات في فيينا "هذه المفاوضات ملحة".

وأضاف هؤلاء: "من الواضح أننا نقترب من نقطة يكون فيها التصعيد النووي الإيراني أفرغ الاتفاق من مضمونه"، مشددين على أن الوقت المتاح يقاس "بالأسابيع وليس بالأشهر لإنجاز المفاوضات".

وحذرت إسرائيل، العدو اللدود لإيران من اللجوء الى خيارات عسكرية في حال بلغت طهران قريبًا "العتبة النوويّة"، أي أن يكون لديها ما يكفي من الوقود لإنتاج قنبلة ذرّية.

وحذرت إدارة بايدن أيضا من العودة لممارسة الضغوط إذا فشلت المفاوضات وواصلت إيران أنشطتها النووية.

إيران: أجواء مفاوضات فيينا إيجابية

في المقابل، أكدت وكالة أنباء "إرنا" الإيرانية الرسمية، أن "الأجواء العامة في مفاوضات فيينا على الرغم من تصريحات منحازة  للدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) إيجابية وتمضي المفاوضات إلى الأمام". 

وقالت الوكالة إن "فرص التوصل إلى اتفاق قد زادت بشكل كبير والمفاوضات تتقدم". وأشارت إلى أن لجنتي رفع العقوبات والمسائل النووية قد بدأت قبل قليل اجتماعاتهما لمناقشة الحلول للقضايا الخلافية العالقة. 

ومن المقرر أيضاً أن يجري كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني لقاء، اليوم الأربعاء، مع نائب مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي منسق المفاوضات، أنريكي مورا، ولقاءات أخرى مع بعض رؤساء الوفود. 

وبدأت اجتماعات لجان الخبراء، أمس الثلاثاء، وذلك لبحث القضايا العالقة الخلافية في ما يتصل بملفي رفع العقوبات والخطوات النووية. ومن المقرر أن تتوقف المفاوضات غداً الخميس بسبب عطل أعياد الميلاد على أن تستأنف الإثنين المقبل.

إيران تشترط إلغاء العقوبات

وقال كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، الثلاثاء لوكالة "إرنا" الإيرانية، إن أطراف المفاوضات أكدت أن "سر النجاح والتقدم في المفاوضات في التوصل إلى اتفاق يكمن في إلغاء العقوبات بشكل مؤثر وعملي".

من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، اليوم الثلاثاء، إن التفاوض سيجرى من اليوم على "نص مشترك جديد" تم التوصل إليه، مؤكداً أن "أهم موضوع بالنسبة لإيران هو رفع العقوبات والتحقق من ذلك عملياً".

إلى ذلك، قال منسق المفاوضات، أنريكي مورا، إن المفاوضات "على الطريق الصحيح"، مؤكداً ضرورة إنهاء المفاوضات للوصول إلى اتفاق "في فترة زمنية معقولة في غضون أسابيع، لا أشهر". 

"تخصيب"غير مسبوق

وأعلنت إيران، في إبريل/نيسان، أنها بدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، أي أعلى بكثير من عتبة 3.67% المنصوص عليها في الاتفاق الدولي، مقتربة من نسبة 90% الضرورية لصنع قنبلة ذرية مع أنها تنفي أن تكون لديها نية بذلك.

وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، السبت، إنه لا توجد خطط لدى طهران لتخصيب اليورانيوم بما يزيد عن 60 بالمائة، حتى لو فشلت مفاوضات فيينا.

وأشار إسلامي في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي" إلى أن مستويات التخصيب مرتبطة باحتياجات البلاد.

وشدد المفاوضون الأوروبيون على مستوى تخصيب اليورانيوم من قبل إيران الذي يقربها بشكل خطر من العتبة النووية.

وقال المفاوضون أنفسهم: "نأخذ علما بتعليق رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية ومفاده أن إيران لن تخصب (اليورانيوم) فوق نسبة 60% إلا أن تخصيب اليورانيوم عند نسبة 60% غير مسبوق في دول لا تمتلك السلاح النووي".

وأضافوا: "زيادة مخزونات اليورانيوم إلى 60% تقرب إيران بشكل كبير من الحصول على المواد الانشطارية التي يمكن استخدامها في صنع سلاح نووي".

وتشارك في المفاوضات مع إيران أيضا كل من الصين وروسيا. وتشارك الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.

وانطلقت مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي يوم الثاني من إبريل/نيسان الماضي. وتُعقد المفاوضات بالأساس بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، لكن بعد رفض الأولى إجراء أي مفاوضات مباشرة مع الثانية، يتفاوض الطرفان بشكل غير مباشر، إذ يجتمع الوفد الإيراني مع بقية وفود أعضاء الاتفاق النووي، الصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، في إطار اللجنة المشتركة للاتفاق برئاسة نائب مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، أنريكي مورا، فيقوم الأعضاء الخمسة بدور ساعي البريد بين طهران وواشنطن ويبادلون الرسائل بينهما، لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى حل وسط.  

وانعقدت ست جولات من المفاوضات في عهد حكومة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، والجولة السابعة التي انطلقت بعد 5 أشهر من انتهاء الجولة السادسة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كانت الأولى في عهد الرئيس الإيراني الجديد المحافظ إبراهيم رئيسي الذي تسلك حكومته توجهاً وتكتيكاً مختلفاً عن سلفها في المفاوضات، وهو ما ترجمته من خلال تقديم مسودتي مقترحات حول رفع العقوبات والمسائل النووية في مستهل الجولة السابعة، سجلتا تعديلات على ما توصل إليه المفاوضون خلال الجولات السابقة، وهو ما اعتبرته الأطراف الغربية "انقلاباً" على المسودات السابقة.

 

المساهمون