ليبيا: خرق جديد لوقف إطلاق النار و حفتر مستمر في عرقلة الحل

ليبيا: خرق جديد لوقف إطلاق النار وحفتر مستمر في عرقلة مسارات الحل

05 يناير 2021
مليشيات حفتر خرقت وقف إطلاق النار(Getty)
+ الخط -

عادت الخلافات والتوتر على الصعيد الأمني والعسكري مجدداً في وقت تكافح البعثة الأممية من أجل إعادة الحياة لمسارات الحوار السياسي الليبي وتوصل المختلفين في ملتقى الحوار السياسي إلى توافق حول سلطة تنفيذية جديدة موحدة. 
وقال المتحدث الرسمي باسم غرفة تحرير سرت – الجفرة التابعة لحكومة الوفاق، الهادي دراه، إن مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر أطلقت الرصاص باتجاه قواتنا، فجر اليوم الثلاثاء. 


وفيما اعتبر دراه الحادث خرقاً جديداً لاتفاق وقف إطلاق النار، أضاف، في بيان له اليوم الثلاثاء، أن مليشيات حفتر تجري تحركات كبيرة في منطقة المحطة البخارية وأحياء غرب سرت، مؤكداً جاهزية قوات الوفاق لصد أي تقدم أو هجوم. 
هدوء حذر في سبها
وفي الأثناء، لا تزال مدينة سبها تعيش على وقع هدوء حذر بعد مناوشات مسلحة بين فصيلين مسلحين انتهت بقيام مليشيات حفتر بالسيطرة على مقار عسكرية ونشر عدد من مسلحيها وسط المدينة، بحسب الناشط السياسي من مدينة سبها، المهدي البوسيفي.
وساد التوتر بالمدينة إثر قيام مليشيات تابعة لحفتر بإطلاق وابل من الرصاص على مقر قوة أمنية تابعة لوزارة داخلية حكومة الوفاق بالمدينة، الأحد الماضي، ما حدى بالأخيرة للرد، لكن المتحدث باسم إدارة التوجيه المعنوي بقيادة مليشيات حفتر، خالد المحجوب، أكد سيطرة حفتر ومليشياته على كامل المدينة. 
وأوضح المحجوب، في بيان أمس الإثنين، أنه "تم توجيه ضربات قوية للخلايا المسلحة في مدينة سبها"، زاعماً وجود "محاولات تحريك مرتزقة في منطقة الجنوب الليبي"، من جانب حكومة الوفاق. 
لكن البوسيفي أكد من جهته، لـ"العربي الجديد"، أن مساعي اجتماعية لا تزال تدور حالياً للحد من انجرار المنطقة لمواجهات مسلحة أوسع، مشيراً إلى أن الأوضاع بالمدينة يسودها التوتر والترقب. 
وقال إن "المجموعة المسلحة التابعة لحكومة الوفاق لا تزال في مقراتها بينما تسيطر مليشيات حفتر على الأحياء الرئيسية والمقار الحكومية بالمدينة في انتظار نتائج المساعي الاجتماعية الحاصلة الآن". 

تقارير عربية
التحديثات الحية

خلافات اللجنة العسكرية
وفي الأثناء تسربت الخلافات إلى جلسات ومشاورات اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، خصوصاً حول البند المتعلق بإخراج المقاتلين الأجانب الذي جعله قادة قوات حكومة الوفاق شرطاً لتنفيذ البنود الأخرى ومنها فتح الطريق بين الغرب والشرق، حيث أكد آمر غرفة عمليات تحرير سرت الجفرة التابعة لحكومة الوفاق، ابراهيم بيت المال، أن الغرفة لن تعطي تعليمات بفتح الطريق بين شرق البلاد وغربها إلا بعد سحب المرتزقة. 
وأعرب بيت المال، في تصريحات لتلفزيون ليبي، عن قبوله تسلم خرائط الألغام التي زرعتها مليشيات حفتر في ضواحي مدينتي سرت والجفرة، مؤكداً استعداد قوات الوفاق للمشاركة في نزعها، لكنه أكد على ضرورة تطبيق بنود اتفاقية جنيف التي تنص على سحب المرتزقة. 
وكانت مصادر ليبية قد أكدت، لـ"العربي الجديد"، في تصريحات سابقة سعي حفتر لعرقلة مقترح أممي بشأن إرسال مراقبين دوليين لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أنه طالب بضرورة مشاركة مراقبين من دول حليفة له، موعزاً لممثليه في اللجنة العسكرية المشتركة بتقديم اقتراح يقضي بتثبيت وجود قواته في مدينة سرت وقاعدة الجفرة بالإضافة لمشاركة مراقبين من دول حليفة له. 

هشة جداً
ويبدو أن الخلافات على صلة بهذا المطلب من جانب حفتر، إذ سيكون من بين أكبر مهام اللجنة الدولية حلحلة ملف المقاتلين الأجانب خصوصاً أن المهلة التي حددها الاتفاق العسكري، الموقع بين أعضاء اللجنة العسكرية 5 + 5 في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بتسعين يوماً لخروج المقاتلين الأجانب من ليبيا على وشك الانتهاء. 
وكانت رئاسة مجلس الأمن قد طالبت بضرورة إصدار قرار يقضي بنشر بعثة دولية لمراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا. 
وشدد طارق الأدب، سفير تونس لدى الأمم المتحدة حيث تتولى تونس رئاسة مجلس الأمن خلال الشهر الجاري، في مؤتمر صحافي أمس الاثنين، على ضرورة اعتماد مقترح الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، بشأن إرسال البعثة لمراقبة تنفيذ الاتفاق "في أسرع وقت ممكن"، مشيراً إلى أن الأوضاع المتعلقة بالاتفاق في ليبيا "هشة جداً".
لكن المصادر ذاتها التي تحدثت، لـ"العربي الجديد"، أكدت أن أجواء الخلافات التي تسود أعضاء اللجنة تعكس خلافات دولية بشأن إمكانية توافق أعضاء مجلس الأمن على إرسال بعثة دولية لمراقبة تنفيذ الاتفاق العسكري، لافتة إلى أن المعلومات الواردة من كواليس اللجنة العسكرية تشير إلى خلافات بين دول كبرى بشأن مهمة اللجنة المرتقبة. 
وعن تلك المهام توضح المصادر أن أطرافاً موالية لمعسكر حفتر تطالب بأن يكون إشرافها مقتصراً على الاستمرار في هدوء الجبهات ووقف إطلاق النار من خلال نشر قوة لحفظ السلام في مدينة سرت، بينما يطالب أعضاء من غير الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن في أن تكون أكبر مهام اللجنة الإشراف على تنفيذ بند إخراج المقاتلين الأجانب من الطرفين، ومساعدة اللجنة العسكرية الليبية في فك خطوط الاشتباك وإبعاد المقاتلين إلى نقاط بعيدة عن نقاط التماس، وبحسب الباحث السياسي الليبي خميس الرابط فإن تسرب تلك الخلافات إلى أعمال اللجنة العسكرية المشتركة أمر مؤكد. 
ويوضح الرابطي رؤيته في حديثه، لـ"العربي الجديد"، بأن الملف الليبي يعيش حالة إعادة ترتيب وفق رؤى مختلفة لصالح دول إقليمية وأخرى دولية خصوصاً الأوروبية منها، وبالتالي فلا ينتظر أن يتوافق مجلس الأمن على مهام اللجنة الدولية لأنها تضر مصالح مباشرة لبعض الأطراف لاسيما التي تمتلك مقاتلين على الأرض. 


حفتر يشهر سلاح "الإقالة"
وفي جانب معسكر حفتر هدد الأخير قادة قواته بـ"الإقالة" من مناصبهم إذا لم يتقيدوا بأوامره، قائلاً، خلال اجتماعه برئيس الغرفة الأمنية ببنغازي عبدالرازق الناظوري ووزير الداخلية بالحكومة الموازية إبراهيم بوشناف وعدد من الضباط، أمس الإثنين: "إما العمل بكل قوة وحزم والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه المساس بأمننا أو أن يقدم رؤساء الأجهزة الأمنية استقالتهم، أو سوف يتم إقالتهم"، بحسب المكتب الإعلامي لقيادته. 


وأمهل حفتر قادة قواته "أسبوعين لتنفيذ أحد هذه الخيارات الثلاثة"، بحسب البيان الذي نشره المكتب الإعلامي، وكانت مصادر أمنية من بنغازي وبرلمانية من طبرق أكدت أن العملية الأمنية الجديدة التي يعتزم حفتر إطلاقها ستجري تزامناً مع إعادة تشكيل حفتر لقياداته، باستبعاد جملة من الضباط وإعفائهم من وظائفهم، والدفع بشريحة جديدة من الضباط الجدد لتولي إدارات يستعد حفتر لاستحداثها، وذلك في إطار جهوده لإعادة سيطرته على مناطق نفوذه، شرق البلاد. 

خلاف إماراتي مصري
ويعلق الرابطي بأن هذه الإجراءات والخطوات من جانب حفتر تحظى برعاية ودعم أطراف ترى أنها فقدت مكانها في الملف الليبي ويتوجب عليها تمكين حفتر من العودة للمشهد لضمان بقائها. 
ويرجح الرابطي بأن تكون الإمارات التي باتت على خلاف مع القاهرة في الملف الليبي هي من تقف وراء حراك حفتر العسكري الجديد، ودعمه لإعادة سيطرته على مناطق نفوذه السابقة. 
وبينما يرجح الرابطي أيضاً إمكانية وقوف دول أخرى مثل روسيا وفرنسا وراء هذا النشاط الجديد لحفتر، يؤكد أن حفتر لا يزال يشكل عامل قلق وعرقلة أمام جهود التسوية في الملف الليبي بدليل خرقه الجديد لاتفاق وقف إطلاق النار على تخوم، سرت صباح اليوم. 
ملتقى الحوار السياسي
وعلى الصعيد السياسي عقدت رئيسة البعثة الأممية بالإنابة، ستيفاني وليامز، الاجتماع الأول للجنة الاستشارية بملتقى الحوار السياسي، عبر تقنية الفيديو كول، لمناقشة مهام اللجنة والإطار الزمني لعملها. 
وبحسب بيان للبعثة، في وقت متأخر أمس، فإن ويليامز أكدت أن اللجنة ذات مهمة استشارية وستعمل على مدى أسبوعين لإنتاج وتقديم توصيات لمعالجة الخلافات بين أعضاء الملتقى حول آلية اختيار السلطة التنفيذية وتسمية شاغليها. 
وأبلغت ويليامز أعضاء اللجنة بدعم المجتمع الدولي الواضح للسلام في ليبيا، مطالبة اللجنة بـ"الاستفادة من هذه الفرصة التي قد لا تدوم طويلاً، ويجب علينا اغتنامها للإسراع في إنشاء سلطة تنفيذية موحدة". 
وهي تصريحات تشير إلى سيطرة البعثة على مسار عمل الملتقى، كما يرى الناشط السياسي البوسيفي، لافتاً إلى أن ويليامز هي من حددت زمن عمل اللجنة ومهمتها وأعضاءها أيضاً. 
لكنه يرى في ذات الوقت أن سيطرة البعثة من خلال اللجنة على الخلافات وسعيها لتوجيهها في مسار قد يخدم مصالح دول كبرى لا تزال الخيارات التي يحاول فرضها حفتر على الأرض تعرقلها خصوصا مع التوتر العسكري ومحاولات تسخين بالجبهات بين الفينة والأخرى. 
ويتابع: "يتوجب على البعثة الأممية ضبط المشهد العسكري وفي حالة استمرار التوتر والتصعيد العسكري فلن تستطيع فرض نتائج أي توافق سياسي ما دام السلاح لا يزال يمتلك كلمة القبول أو الرفض".