حفتر يعلن الحرب مجدداً على تركيا: أحدث حلقات إجهاض "السلام"

حفتر يعلن الحرب مجدداً على تركيا: أحدث حلقات إجهاض "السلام"

26 ديسمبر 2020
حفتر: لا خيار إلا رفع "راية التحرير" من جديد (Getty)
+ الخط -

أعاد اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر قرع طبول الحرب، مع تهديده تركيا بشن حرب على قواتها المتواجدة في ليبيا، وهو ما تلقفته قوات حكومة الوفاق، التي أعلنت استعدادها التام للرد على المليشيات. وتهدد التطورات العسكرية بإعادة قطار المسار السياسي المتوقف إلى نقطة البداية، خصوصاً مع اعتذار نيكولاي ملادينوف عن المهمة الموكلة إليه مبعوثاً للأمم المتحدة إلى ليبيا. وكان 75 سياسياً ليبياً اجتمعوا، عبر الإنترنت أخيراً، واتفقوا على إجراء انتخابات العام المقبل، لكنهم فشلوا في كسر الجمود بشأن آلية اختيار الحكومة الانتقالية التي ستدير البلاد في الفترة التي تسبق الانتخابات. وكان اتفاق وقف إطلاق النار وقّع في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحت رعاية الأمم المتحدة وجرى احترامه عموماً، ما سمح للأطراف المتخاصمة بالعودة إلى طاولة المفاوضات. وفي الأسابيع الأخيرة، تبادل الطرفان الاتهامات بانتهاك بنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال الاستمرار في حشد قواتهما بالقرب من الخطوط الأمامية وتلقي المساعدة العسكرية من داعميهما الإقليميين.

دعا حفتر الضباط والجنود للاستعداد لطرد "المحتل التركي"

ودعا حفتر، أمس الأول، قواته إلى حمل السلاح مجدداً لـ"طرد المحتل" التركي. وكان الدعم التركي لحكومة الوفاق، لا سيما عبر إرسال مستشارين عسكريين وطائرات مسيّرة، أتاح إلحاق سلسلة من الهزائم بمليشيات حفتر على أبواب طرابلس.
وفي إشارة إلى تركيا، التي صادق برلمانها، الثلاثاء الماضي، على مذكرة تقضي بتمديد نشر عسكريين في ليبيا لمدة 18 شهراً، قال حفتر، في كلمة لمناسبة ذكرى استقلال ليبيا الـ69، "نذكّر العالم بموقفنا الثابت بأنه لا سلام في ظل المستعمر ومع وجوده على أرضنا". وأضاف، من معقله في بنغازي، "لا قيمة للاستقلال ولا معنى للحرية ولا أمن ولا سلام وأقدام الجيش التركي تدنس الأراضي الليبية. لا خيار أمام العدو التركي إلا مغادرة ليبيا سلماً وطوعاً، أو بقوة السلاح والإرادة القوية". وتابع "لا خيار إلا رفع راية التحرير من جديد، وتصويب بنادقنا ومدافعنا ونيران قذائفنا نحو هذا العدو المعتدي المتغطرس المتجاهل لتاريخنا النضالي". وتابع "استعدوا أيها الضباط والجنود الأبطال. ما دامت تركيا ترفض منطق السلام واختارت لغة الحرب، فاستعدوا لطرد المحتل". وشدد على أن "المواجهة الحاسمة قد بدأت ملامحها تلوح في الأفق القريب مع رصد مناورات وتحشيد لمرتزقة تركيا وجندها بالقرب من خطوط التماس، وتكديس السلاح والعتاد وبناء القواعد وغرف العمليات العسكرية".

وفي إطار محاولاتها الترويج إلى وجود دعم تركي عسكري جديد لقوات الوفاق، ذكرت صحيفة "المرصد" الليبية، أمس الجمعة، أن "طائرتي شحن عسكريتين تركيتين قادمتين من قاعدة في أنقرة هبطتا في قاعدتي مصراتة والوطية". وأضافت أنهما "تحملان أسلحة ومرتزقة للمشاركة في الأعمال الإرهابية في ليبيا". في المقابل، ذكرت وزارة الدفاع في حكومة الوفاق أن هناك معلومات تؤكد وجود عمليات تحشيد عسكري في مناطق سرت والجفرة من قبل مليشيات حفتر.
وسارعت قوات حكومة الوفاق للرد على تهديدات حفتر، مؤكدة "استعدادها لصد أي عدوان، وعدم السماح بتكرار أحداث الرابع من إبريل/نيسان 2019" في إشارة ليوم هجوم مليشيات حفتر على طرابلس. وقال وزير الدفاع في الحكومة الليبية صلاح الدين النمروش، لقناة "ليبيا الأحرار" الخاصة أمس الجمعة، "قواتنا احترمت وما تزال اتفاق وقف إطلاق النار برعاية المجتمع الدولي، لكن مجرم الحرب حفتر حاول أكثر من مرة اختراقه وعملية التحشيد مستمرة من طرفه". وأضاف: "تعليماتنا لقواتنا الاستعداد التام، وانتظار تعليمات القائد الأعلى (فائز السراج) للتعامل والرد على مصادر النيران في المكان والزمان المناسبين دون هوادة". وأوضح أن "أي حل سياسي لن يكون طرفاً فيه مجرمو حرب كانوا سبباً في كل المجازر والدمار، ولا يمكن أن نقبل بأي مبادرة تعطي غطاء لجرائم حفتر في ترهونة والألغام جنوب طرابلس". وأعرب عن استغرابه أن "يفكّر عاقل في الجلوس مع هذا المجرم الذي أغلق مصدر قوت الليبيين، وزرع بموانئ النفط مرتزقة متعددي الجنسيات بعد أن دحرتهم قواتنا". وتابع "ندعم العملية السياسية، ولن نتخلى عن سرت أو الجفرة أو أي شبر من ليبيا".

النمروش: لا يمكن أن نقبل بأي مبادرة تغطي جرائم حفتر

وكان رئيس حكومة الوفاق فائز السراج دعا، أمس الأول، إلى "طي صفحة الخلاف لتحقيق الاستقرار". واعتبر أنّ ذلك لا يتحقق إلا "بتكاتف القوى السياسية" الليبية. وأشاد السراج بنتائج المفاوضات التي كانت قد انطلقت برعاية الأمم المتحدة، خصوصاً في ما يتعلق بتنظيم انتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021. وقال إنّ "الاتفاق على الانتخابات يعدّ فرصة تاريخية يجب عدم التفريط فيها". وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا انتهزت المناسبة، أمس الأول، لحث الخصوم في ليبيا على الالتزام بوقف إطلاق النار واحترام خريطة الطريق السياسية.
وفي إطار إقفال الطريق أمام تركيا، أعلن النائب أحمد الشارف، في تصريح تلفزيوني، أن "زيارة وفد الجنوب إلى مصر ستكون بادرة خير وانفراجة على الليبيين جميعا". واعتبر أن "مصر ستكون بوابة الجنوب الليبي للتواصل مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول الإقليمية والفاعلة". وكانت مصادر دبلوماسية مصرية كشفت عن مشاركة الإمارات وفرنسا، في التحضير للاجتماعات التي أجراها في القاهرة على مدار الأيام الأربعة الماضية، وفد من شيوخ قبائل وعشائر مناطق الجنوب الليبي، تمهيداً لاتخاذ خطوات فعّالة على الأرض، تمكن سلطة مليشيات شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر، من الانتشار بشكل أكبر في تلك المناطق. وتهدف الخطوات التي تمّ بحثها، إلى تقويض التواجد التركي والقوى الموالية لأنقرة في الجنوب الليبي، فضلاً عن اتخاذ إجراءات اجتماعية واقتصادية على الأرض، تمولها الإمارات وتنفذها مصر وتشارك فرنسا في دعمها وحمايتها، كرد متأخر على خطوات مشابهة اتخذتها تركيا في المناطق ذاتها. كما انضم رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب في طبرق طلال الميهوب إلى الحملة الهجومية على أنقرة. واعتبر، في تصريحات متلفزة، أن "ليبيا لن تكون إلا واحدة وموحدة وذات سيادة، وأن الاتفاقية الموقعة بين حكومة السراج غير الشرعية ونظيرتها التركية، لا تساوي الحبر الذي كتبت به". ووجه تهديداً إلى رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، قائلاً "جهز نفسك لمحاكمتك أمام الليبيين فمصيرك أسيراً لدى القوات المسلحة والوضع بالسجون".
(العربي الجديد، فرانس برس، الأناضول)

المساهمون