ليبيا: السلطة الجديدة تواجه أزمة منح الثقة في ظل خلافات مجلس النواب

السلطة الجديدة في ليبيا تواجه أزمة منح الثقة في ظل خلافات مجلس النواب

09 فبراير 2021
يصادق ملتقى الحوار على السلطة الجديدة بحال فشل النواب المصادقة عليها(ياسين غايدي/الأناضول)
+ الخط -

 لم تفلح بيانات ومواقف الترحيب المحلي والدولي بالإعلان عن سلطة سياسية موحدة لليبيا في تبديد المخاوف بشأن الانقسام الذي يعيشه مجلس النواب، والذي يمكن أن يكون حجر عثرة دون حصول الحكومة الجديدة على الثقة لمباشرة أعمالها.

وعقب انتخاب السلطة السياسية الموحدة، تبادل عدد من النواب التصريحات، لوسائل إعلام ليبية، وقد تباينت فيها الدعوة لعقد جلسة مجلس النواب، لمنح الثقة للحكومة الجديدة، بين طبرق وطرابلس، تبعا للانقسام الذي يعيشه المجلس، منذ إبريل/ نيسان الماضي، على خلفية جدل أثارته مباركة رئيس مجلس النواب في طبرق، عقيلة صالح، للحرب التي شنها خليفة حفتر على طرابلس.

وفي الأثناء، برز طرف ثالث أعلن عن بدء مشاورات لعقد الجلسة في مدينة صبراته، غرب البلاد، فيما استبق رئيس مجلس النواب، المجتمع في طبرق، عقيلة صالح، الخطوة، بدعوة أعضاء المجلس لـ"جلسة تشاورية"، يوم الاثنين المقبل، "ستعقد بمقر المجلس في مدينة طبرق".

وقال عقيلة صالح إن "الجلسة ستخصص لوضع الترتيبات اللازمة للنظر في منح الحكومة الثقة فور تقديم تشكيلتها لتتمكن من مباشرة المهام الملقاة على عاتقها"، بحسب بيان نشر على الموقع الرسمي للمجلس ليل الاثنين.

واعتبر صالح أن الوصول إلى تشكيل المجلس الرئاسي الجديد "إنجاز مرحلة مهمة من مراحل الاتفاق السياسي"، مشيرا إلى أن الحكومة الجديدة "سيتم تشكيلها في الموعد المحدد".

لكن عضو مجلس النواب، محمد الرعيض، أكد أن أكثر من 100 نائب توافقوا على عقد الجلسة في مدينة صبراتة، غرب طرابلس، معللا الخطوة بأنه "لا يمكن لكل النواب الذهاب إلى بنغازي أو طبرق وممارسة دورهم بحرية ودون أي ضغوط تمارس عليهم"، مشيرا إلى أن صبراته مدينة محايدة وتتوفر فيها الظروف الأمنية، كما أنها محاذية لمطار مدينة زوارة.

وأكد الرعيض، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، على ضرورة التئام أعضاء مجلس النواب، مرجحا أن جلسة مجلس النواب ستنعقد في الـ15 من الشهر الجاري بنصاب لن يقل عن 120 نائبا.

وحول دعوة عقيلة صالح للجلسة، الأسبوع المقبل، قال: "عقيلة دعا في السابق لجلسات تشاورية لأنه يدرك أن النصاب لن يتوفر فيها ودعوته لجلسة الأسبوع المقبل فقط التشويش على خطوة النواب باتجاه تغيير رئاسة المجلس واستبعاده".

ووفقاً للمحاصصة المناطقية التي قامت عليها انتخابات ملتقى الحوار السياسي، يرى الرعيض أن تكون رئاسة مجلس النواب لـ"الجنوب، فرئيس المجلس الرئاسي الجديد من الشرق ورئيس الحكومة من الغرب".

يرى الرعيض أن تكون رئاسة مجلس النواب لـ"الجنوب، فرئيس المجلس الرئاسي الجديد من الشرق ورئيس الحكومة من الغرب"

ويتوجب على رئيس الحكومة الجديدة، عبد الحميد الدبيبة، تقديم تشكيلته الحكومية في غضون ثلاثة أسابيع من تاريخ انتخابه، أي قبل الـ26 من الشهر الجاري، لمجلس النواب لمنحها الثقة خلال ثلاثة أسابيع أيضا، أي قبل 19 مارس/ آذار، لكن ناجي صاديق رئيس حزب "ليبيا الديمقراطية"، يرى أنه من الصعب أن يلتئم مجلس النواب في ظروف تزايد انقساماته قبل هذا التاريخ.

ويلفت صاديق، الذي شغل منصب مستشار سياسي للمؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق)، إلى أن عرقلة التئام المجلس لا تتوقف على تشبث عقيلة صالح بمركزه، فهناك أيضا حمودة سيالة رئيس المجلس في طرابلس ولكل منهما أنصاره، مضيفاً "دخول ملتقى الحوار السياسي للمشهد تراجع معه دور مجلس النواب والدولة، ما قلل من الضغوط التي يعانيها طيف كبير من النواب، لكن زوال الضغوط لا يكفي لعقد جلسة موحدة بعيدا عن هيمنة الساعين للبقاء في السلطة".

ويذكّر صاديق بفشل النواب الراغبين في الاجتماع في صبراته لتوحيد المجلس وتغيير الرئاسة خلال اجتماعاتهم في غدامس رغم توفر النصاب القانوني، ولذا يرجح فشل انعقاد أي جلسة وفي أي مدينة "خصوصا وأن الوقت المتبقي لمنح الثقة للحكومة الجديدة غير كاف لتجاوز كل هذه الخلافات".

ويبدو أن البعثة الأممية تدرك عمق أزمة مجلس النواب ولذا قدمت البديل، فبعد إعلانها عن انتخاب السلطة الجديدة، قالت الرئيسة السابقة للبعثة، ستيفاني وليامز: "على مجلس النواب اتخاذ الخطوات اللازمة لاعتماد السلطة الجديدة"، في مدة لا تتجاوز 21 يوما، وإلا "سيعود القرار في هذا الشأن لملتقى الحوار السياسي".

وتنص وثيقة البرنامج السياسي الوطني للمرحلة التمهيدية للحل الشامل، وهي وثيقة دستورية للمرحلة المقبلة أقرها ملتقى الحوار السياسي، على أنه في حال فشل مجلس النواب في المصادقة على السلطة التنفيذية يعود ملتقى الحوار السياسي للاجتماع للمصادقة عليها، وهو ما يتوقعه الناشط السياسي خميس الرابطي.

ويوضح الرابطي في حديثه لـ"العربي الجديد"، رأيه بالقول إن "مواقف عدد من الدول لمّحت إلى نهاية المجلس"، ويضرب مثالا بالبيان المشترك لحكومات فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، الذي باركت فيه لملتقى الحوار السياسي نجاحه في انتخاب سلطة سياسية جديدة، وطالبت فيه أيضا أفراد الملتقى بـ"الحفاظ على وظيفتهم المهمة، بما يضمن تركيز السلطة التنفيذية الموحدة الجديدة على التحضير للانتخابات وإجرائها"، وهو نص بحسب قراءة الرابطي يشير إلى إدارك المجتمع الدولي فشل مجلس النواب مسبقا بل ونهايته.