ليبيا: أصوات المقترعين أم المدافع؟

ليبيا: أصوات المقترعين أم المدافع؟

07 أكتوبر 2021
مجلس النواب منعقداً في سرت في مارس/آذار الماضي (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

ضجيج وخلافات في كل الاتجاهات في ليبيا بشأن التشريعات الانتخابية حتى على مستوى التوصيف. ولا يُدرى حتى الآن ما إذا كانت قواعد انتخابية أم مجرد قوانين، وما هي مضامينها، وهل صدرت أم لم تصدر؟ كل ذلك يحدث قبل أقل من ثلاثة أشهر من الموعد المحدد لإجراء الانتخابات الرئاسية (في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل) والنيابية (في يناير/كانون الثاني المقبل).

في 18 أغسطس/آب الماضي أعلن مجلس النواب عن إقرار قانون انتخاب رئيس الدولة "بالأغلبية"، من دون أن يعلن عن إصداره بشكل رسمي حتى الآن. المفوضية العليا للانتخابات أكدت تسلّمها نسخة منه، مع طلب من رئاسة مجلس النواب للبدء في الإعداد للانتخابات الرئاسية المقبلة وفق القانون. ويوم الإثنين الماضي، أقرّ المجلس أيضاً قانون الانتخابات البرلمانية بـ"الأغلبية"، لكنه لم يصدره حتى الآن. أما المجلس الأعلى للدولة فاستنكر الطريقة التي يتعاطى بها مجلس النواب، أو رئاسة المجلس تحديداً، في إعداد القوانين الانتخابية، بل اعتمد هو الآخر قوانين خاصة به وأحالها إلى مجلس النواب للنظر فيها، لكن الأخير لم يناقش حتى وصولها إليه. مع العلم أن ممثلي مجلس النواب وممثلي المجلس الأعلى عقدوا اجتماعات في مدينة الرباط المغربية للتشاور حول إيجاد صيغة توافقية، لإصدار التشريعات اللازمة للانتخابات، والتي انتهت الأسبوع الماضي من دون أي نتائج، سوى إقرارهما بحاجة الحالة الليبية لحضور دولي أكثر كثافة.

ولم يكن هناك من داع لهذه الدعوة، فالمبعوث الأميركي، السفير لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، هو من افتتح مشاورات الرباط، ولا يزال منخرطاً في الأزمة الدستورية منذ مدة لحسابات أميركية، ربما تتعلق بمخاوف الولايات المتحدة من انجراف البلاد إلى أتون فوضى جديدة.

الانتخابات الليبية المقبلة هي الثالثة في عشر سنوات، فالأولى (جرت في عام 2012) والثانية (في عام 2014) لم تنتجا سوى تصاعد مؤشر التأزيم لحد وصول البلاد إلى عتبة التقسيم، وسط حرب طويلة وتقاسم الشرعيات. لكن الانتخابات المقبلة تبدو أكثر حساسية، بعد إضافة قانون جديد يتعلق بانتخاب رئيس الدولة الذي تدور حوله كل التباينات والعراقيل الحالية، خصوصاً أن لا خلافات حول قانون الانتخابات البرلمانية، فمجلس النواب نفسه لم يضف جديداً إليه، خلال جلسة يوم الإثنين الماضي، باستثناء تعديل واحد مرتبط بانتخاب رئيس الدولة، وهو تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى ما بعد انتخاب رئيس الدولة بشهر.

والحقيقة حتى الآن أن البلاد مقبلة على انتخاب رئيس من دون أي تجديد يذكر لصلاحياته ومهامه. ويُضاف إلى ذلك أن المقترع لا يعرف كيف سيتنهي نظام الحكم سواء رئاسياً أم برلمانياً أم مختلطاً. وكل هذا كان من الواجب أن توضحه القاعدة الدستورية التي فشل في إصدارها ملتقى الحوار السياسي، وتغاضى عنها مجلس النواب.

ووسط كل هذا الضجيج والخلافات، التي لا يبدو أن حسمها سهل، يشدد الجميع على رفض قوانين الآخر ويتوعّدون. فهل تنقل قوانين مجلس النواب الانتخابات من أصوات المقترعين إلى أصوات المدافع؟

المساهمون