ليبيا: "اختراق صفحة" أم المفوضية؟

ليبيا: "اختراق صفحة" أم المفوضية؟

18 نوفمبر 2021
يقّل رئيس المفوضية بالظهور الإعلامي (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

لا تكاد المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا تخرج من دائرة الشكوك والارتياب حيال مواقفها، حتى تعود إليها مجدداً. فبالإضافة إلى الاتهامات الموجهة إليها بعدم الحياد، والانحياز إلى مجموعة تسيطر على قرار مجلس النواب، بسبب اعتمادها للقوانين الانتخابية التي أصدرها البرلمان الليبي أساساً لإجراء الانتخابات، على الرغم من كثرة الشكوك التي أثيرت حول طريقة إصدارها، واتهامات أخرى تشير إلى ارتهانها لإملاءات أطراف إقليمية ودولية متنفذة في الملف الليبي، عادت المفوضية مجدداً لتجعل الشكوك تحوم حول قدرتها على حماية أصوات الناخبين، ومدى الإمكانيات التي تملكها لمنع التزوير في المراكز الانتخابية الموزعة في مختلف أنحاء البلاد، في الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وتتجه الشكوك هذه المرة إلى طريقة إدارة المفوضية لصفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك"، وتراجعها في الكثير من المرّات عن منشوراتها. فبعدما علّلت منشور رفض قبول ترشح سيف الإٍسلام القذافي، بحدوث "اختراق" للصفحة، علّق أحد المتابعين للمشهد الانتخابي في ليبيا، بالقول إن "الاختراق هو داخل المفوضية لا على صفحتها"، في تجاوب مع تفسيرات ذهبت إلى إمكانية وجود انقسام داخل كادر المفوضية الوظيفي، يعمل لصالح الأطراف السياسية المختلفة. 

ففي أقل من أسبوعين، حذفت المفوضية ثلاثة أخبار هامة حول الانتخابات، من دون أن تقدم تفسيراً منطقياً ومقنعاً لذلك، لاسيما مع تعويل الرأي العام على الصفحة الرسمية، بسبب قلة الظهور الإعلامي لرئيس المفوضية عماد السايح وموظفيها الرسميين.

وحصلت أول عمليات الحذف عندما نشرت المفوضية شروط الترشح للانتخابات الرئاسية قبل تسلمها من مجلس النواب التعديلات التي اقترحتها على القوانين الانتخابية، والتي عادت وحذفتها بعد ساعة من نشرها مع اعتذار بأنه "خطأ غير مقصود". لكن ارتباكها في الخطأين الثاني والثالث كان أكثر لفتاً للأنظار، فكلاهما يتعلق بترشح سيف الإسلام القذافي، الذي صاحب ظهوره المفاجئ في مدينة سبها جنوبي البلاد، داخل مركز انتخابي للمفوضية، جدل ومتابعة محلية ودولية. فبعد أقل من ثلاث ساعات على ظهوره، ليقدم أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية، نشرت الصفحة الرسمية للمفوضية بيانات تفصيلية حول ترشح نجل معمر القذافي، من دون أن تفعل الشيء ذاته عند اعتمادها للمرشح الوحيد للانتخابات الرئاسية الذي سبقه، عبد الحكيم بعيو، قبل أن تحذفها بعد نحو ساعتين، وتبقي على ذكر اسمه كمرشح للرئاسة، من دون تقديم أي تبرير للحذف والتعديل. 

وجاء الحذف الثالث، الإثنين الماضي، عندما نشرت المفوضية خبراً موقعاً باسم رئيسها، لمدة ساعة تقريباً، أعلنت فيه رفضها لترشح سيف الإسلام للانتخابات الرئاسية، وذلك بسبب "ما تشهده من زعزعة للاستقرار وإغلاق لمكاتبها"، قبل أن تحذف الخبر أيضاً. ومرّ وقت طويل تناقلت فيه وسائل الإعلام المحلية تبريرات مختلفة من رئيس مكتب الإعلام والتواصل في المفوضية، خالد المناعي، أحدها ما صرح به لـ"العربي الجديد"، بأن الأمر هو "خلل طارئ على الصفحة". وبعد مضي يوم كامل، عادت الصفحة الرسمية لنشر أخبار العملية الانتخابية مجدداً، تحت مبرر لا يقل غرابة عن سابقاته، لتقول المفوضية إن صفحتها تعرضت لـ"عملية اختراق دام بضع دقائق"، وليس ليوم كامل. وقالت المفوضية أخيراً إن استلامها لأوراق المرشحين للانتخابات البرلمانية والرئاسية "لا يعني بالضرورة أن طلب المرشح قد قُبل". 

عدم لجوء المفوضية إلى الإجراءات المتبعة في حالات التعدي على الصفحات الرسمية الموثقة بالعلامة الزرقاء لدى إدارة "فيسبوك"، من خلال تعطيلها للسيطرة على الاختراق، والمسارعة في كل مرة إلى حذف أخبار من دون تقديم تفسيرات مقنعة، أمور عزّزت الشكوك حول وجود اختراق لـ"البيت الداخلي" للمفوضية، وأثارت مخاوف كبيرة حيال قدرتها على إدارة العملية الانتخابية بنزاهة. فهل سيزداد حجم الاختراقات؟ 

المساهمون