لهذه الأسباب يتمسك يمنيون بذكرى ثورة 26 سبتمبر أكثر من ذي قبل

لهذه الأسباب يتمسك يمنيون بذكرى ثورة 26 سبتمبر أكثر من ذي قبل

26 سبتمبر 2023
من إحياء الحكومة ذكرى الثورة العام الماضي في مأرب (فرانس برس)
+ الخط -

يستعد اليمنيون للاحتفال، اليوم الثلاثاء، بذكرى ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962 ضد النظام الإمامي والتي أعلن بموجبها قيام الجمهورية في اليمن. وقامت مجموعة من الضباط الأحرار بالثورة ضد النظام الإمامي المسمى المملكة المتوكلية اليمنية، لتقام على أنقاضها الجمهورية العربية اليمنية، وتولى المشير عبدالله السلال منصب رئيس الجمهورية ليكون أول رئيس لليمن الشمالي.

وعقب قيام الثورة، اندلعت الحرب التي استمرت ثماني سنوات حتى العام 1970 بين الجمهوريين المدعومين من مصر بقيادة جمال عبد الناصر، والملكيين المدعومين من السعودية والتي هرب إليها آخر الأئمة الإمام محمد البدر.

ويحيي اليمنيون الذكرى الـ61 لثورة سبتمبر باحتفالات رسمية وشعبية، وتأتي الذكرى في ظل تحديات تواجهها الثورة، وأبرزها الانقلاب الحوثي على الدولة في 21 سبتمبر 2014 والذي يحاول جاهداً طمس كل ما له علاقة بذكرى سبتمبر، مع قيامه بتحريف أهدافها في المناهج الدراسية، كما قام بحذف الذكرى من المناسبات الوطنية في التقويم الدراسي.

أهمية ثورة 26 سبتمبر

المواطن اليمني محمد العزي، يقول لـ"العربي الجديد": "أعتبر أن ثورة 26 سبتمبر هي عيد الأعياد، لأن لها علاقة بهويتي كيمني جمهوري أنتمي للثورة وقيمها، ولي طقوس أحرص عليها في هذا اليوم حيث أشتري الملابس الجديدة لي ولأطفالي، ونحرص على إشعال الشعلة على سطوح المنازل ليلة 26 سبتمبر، لأننا الآن نواجه أعداء سبتمبر من الإماميين الجدد ممثلين بجماعة الحوثي، الذين يريدون القضاء على النظام الجمهوري وإعادة النظام الإمامي".

ويضيف العزي أن "الاحتفال بذكرى سبتمبر تجديد للعهد بأن نظل أوفياء للنظام الجمهوري وللثورة والوحدة التي ناضل اليمنيون من أجل تحقيقها في الشمال والجنوب، ونحن نحتفل لتبقى قيم الثورة حية في قلوبنا وقلوب الأبناء والأحفاد، لأن وصية الثورة لا تموت".


عبد السلام رزاز: النسخة الجديدة من حكم الإمامة ممثلة بالحوثي الذي انقلب على الجمهورية بقوة السلاح

أما الوزير السابق عبد السلام رزاز فيشرح لـ"العربي الجديد" أن "ثورة 26 سبتمبر 1962 مثلت حدثاً عظيماً في حياة اليمنيين، إذ أنقذت الشعب من كابوس الإمامة التي فرضت عليه حياة العصور المظلمة، ففي الوقت الذي كان العالم يعيش في نعيم منجزات العلوم، كان اليمنيون يعيشون حياة العصور الوسطى في جميع مجالات الحياة. كان اليمني يعيش فائضاً من الظلم والحرمان والفقر والجهل والمرض في قرن المعجزات العلمية التي سادت العالم، وتوقفت عند حدود خريطة اليمن الشمالية التي كان يحكمها الإمام".

ويضيف رزاز: "جاءت النسخة الجديدة من حكم الإمامة ممثلة بالحوثي الذي انقلب على الجمهورية بقوة السلاح، لتفرض على الناس واقعاً وحياة قاسية يشبه عهد الأئمة السابقين الذي كان قد أصبح في طي النسيان بعد مرور ستة عقود من الثورة العظيمة"، معتبراً أن "ممارسات الحوثي العنصرية جعلت الناس تعود وتتمسك بقوة بالثورة والجمهورية رفضاً للإمامة الحوثية التي حرمتهم من جميع المكاسب التي تحققت لهم بفضل ثورة 26 سبتمبر".

ويؤكد رزاز أن للاحتفالات الشعبية العفوية بذكرى ثورة سبتمبر دلالتين، الأولى هي تعبير عن عدم قبول اليمنيين بالواقع الذي يحاول الحوثيون فرضه عليهم من خلال الترهيب والتخويف والقمع وتجريف قيم الدولة والتضليل للوعي العام. والدلالة الأخرى أن ثورة 26 سبتمبر على الرغم من تعثراتها خلال العقود الستة الماضية إلا أنها أثرت وراكمت في وعي الناس مفاهيم ومعارف عصرية في مختلف المجالات السياسية والحقوقية والثقافية وغيرها.

ويضيف: "هذه الثورة حصّنت الوعي العام ضد الخرافة والتضليل والكذب والخداع وكل الأساليب التي يمارسها الحوثيون على الناس لتمرير مشروعهم العنصري، وزيادة الاحتفالات بذكرى سبتمبر دلالة على أن المشروع الحوثي انكشف حقيقته للناس، وبدأ يعيش العد التنازلي، وإذا خضع الحوثي لعملية السلام سيرى واقعاً غير ما يتمناه".

وزاد تمسك اليمنيين بذكرى ثورة سبتمبر في ظل الانقلاب الحوثي، إذ يرى اليمنيون أن الانتصار للنظام الجمهوري هو أهم هدف يجب على أبناء الشعب والقوى السياسية المؤيدة للشرعية الالتفاف حوله، باعتبار أن قيام الجمهورية على أنقاض النظام الإمامي يعد أهم منجز لليمنيين في العصر الحديث.

الخلاص من الاستبداد

وتقول عضو اللجنة المركزية للتنظيم الناصري أمل الصبري، لـ"العربي الجديد"، إن "اليمنيين متمسكون بالاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر استشعاراً منهم لعظمة هذه الثورة التي أخرجت اليمن من الظلمات إلى النور، من عهد كان يسود فيه الظلم والجهل والفقر في ظل حكم الإمامة الظالمة، عاشت اليمن فيها أسوأ حقبة زمنية على مر التاريخ، إلى أن قامت الثورة، فخلّصت اليمنيين من الظلم والاستبداد والقهر والتخلف". 


أمل الصبري: كانت ثورة سبتمبر أعظم ثورة على مستوى اليمن

وتضيف: "أعادت الثورة الأمل والنور، لهذا تجسد الاحتفال بالذكرى في عقول وقلوب اليمنيين عبر الأجيال، وأصبحت ذكرى سبتمبر تمتزج مع أرواح اليمنيين وتذكرهم بالتخلص من الاستبداد والاستعباد والتخلف".

وترى الصبري أن "الاحتفالات الشعبية العفوية بذكرى سبتمبر ما هي إلا دليل وبرهان واضح على أن ذكرى سبتمبر خالدة في قلوب وأرواح اليمنيين، وأنه مهما كانت الانكسارات وما وصل إليه الحال من صراع ودمار وانقلاب على مؤسسات الدولة من قبل الجماعات الانقلابية التي أتت بمشروعها التدميري لإعادة اليمن إلى عهد الظلم والتخلف والاستبداد، ستظل ذكرى سبتمبر تذكّر كل اليمنيين بأهداف الثورة والتضحيات التي قدمت فيها، ولن تستطيع تلك الجماعات الخارجة عن القانون إعادة اليمن إلى حقبة ما قبل سبتمبر، والدليل على ذلك عفوية الناس في احتفالهم بهذه الذكرى".

وتأتي احتفالات اليمنيين بذكرى الثورة بالتزامن مع استعدادات حوثية للاحتفال بالمولد النبوي، غداً الأربعاء، عبر فرض الجماعة جبايات مالية باهظة على التجار والمواطنين بحجة الاستعدادات للاحتفال بذكرى المولد النبوي.

الناشط السياسي سليم الخباني يقول لـ"العربي الجديد" إن جماعة الحوثي تستغل المولد النبوي لفرض جبايات على التجار والمؤسسات وحتى المدارس وتسخيرها لصالحها، كما تسعى لأن تطغى فعاليات المولد النبوي على فعاليات الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر، لكنه يلفت إلى أن "هناك حالة من الالتفاف الشعبي حول ذكرى سبتمبر، إذ يحتفل بها المواطنون بشكل عفوي في كل اليمن بما فيها المناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي".

المساهمون