لقاءات بين السوداني والأميركيين: جسّ نبض أم دعم لحكومته؟

لقاءات بين السوداني والأميركيين: جسّ نبض أم دعم لحكومته؟

03 نوفمبر 2022
السوداني: سنواصل الحوار مع التحالف الدولي (الأناضول)
+ الخط -

شهد النصف الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لقاءات متكررة بين رئيس الحكومة العراقية محمد شيّاع السوداني (تمّ تكليفه بتشكيل الحكومة في 13 أكتوبر) والمسؤولين الأميركيين الذين تصحبهم السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوسكي، ما أثار تساؤلات بشأن هذه الزيارات واللقاءات المتكررة، في حين أن مراقبين وجدوا أن الولايات المتحدة تبدو داعمة للحكومة الجديدة التي تشكلت عبر تحالف قوى "الإطار التنسيقي" القريب من طهران.

لقاءات السوداني والسفيرة الأميركية

والتقت السفيرة الأميركية بالسوداني أيام 17 و25 و29 أكتوبر الماضي، وشهد اللقاءان الأخيران وجود ممثلين عن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، والذي تقوده الولايات المتحدة، بينهم قائد قوات التحالف ماثيو مكفارلن. وجرى الحديث بين الطرفين بحسب بيان رسمي، عن "استمرار التعاون والتنسيق الأمني بين البلدين في مجال محاربة الإرهاب ضمن إطار المشورة والتدريب، وبما يحفظ سيادة العراق ويساعد في تنمية قدرات القوات الأمنية العراقية".

يجد مراقبون أن الولايات المتحدة تبدو داعمة لحكومة السوداني

ونقل المكتب الحكومي العراقي، في بيان، تأكيد السوداني على أن "الحفاظ على الأمن هو الدعامة الأساسية لأي إصلاح اقتصادي"، معرباً عن "رغبة الحكومة المقبلة في تعزيز العلاقة مع الولايات المتحدة بالإضافة إلى التعاون الأمني، لتشمل الجوانب الاقتصادية والثقافية والعلمية وغيرها".

من جهتها، ركزت رومانوسكي، على "دعم حكومة بلادها للحكومة العراقية الجديدة، وتطلعها إلى توسيع أطر التعاون الثنائي مع العراق". وقدم الجنرال مكفارلن المرافق للسفيرة الأميركية خلال الاجتماع الأخير، "إيجازاً عن التعاون العسكري مع العراق، وأكد أهمية تعزيز الشراكة الموثوقة بين الطرفين".

وفي موقف آخر، قال السوداني مساء أول من أمس الثلاثاء، عقب ثاني اجتماع لحكومته، إن "توجه الحكومة ضمن منهاجها الوزاري، يؤكد دور العراق الطبيعي، وهو أن يكون محوراً في المنطقة، وهذا الدور يجب أن يبقى ويستمر ويكون نقطة لالتقاء مصالح الدول في المنطقة"، في إشارة ضمنية إلى استمرار مساعي العراق للعب دور الوساطة بين الرياض وطهران.

وأشار السوداني أيضاً إلى أن "جزءاً من المسارات السابقة (لحكومة مصطفى الكاظمي) سوف نستمر بها، وقد تلقينا إشارات إيجابية من كل الأطراف بطلب استمرار هذا الدور، وسيتم هذا في أكثر من محور ولقاء رسمي عالي المستوى".

وتحدث السوداني عن وجود "تخويل وتفويض لرئيس الحكومة بإجراء حوار مهني فني مع التحالف الدولي ومن خلال الوزارات المعنية، لتحديد الحاجة من تواجد التحالف الدولي كأعداد تتعلق بالمستشارين وكمهام للتدريب والمشورة وتبادل المعلومات، وفي ضوء ذلك، ما سيتمخض من قرار حكومي، ستلتزم به كل الأطراف السياسية، وسنشرع باستكمال هذا الحوار وفق ما هو مخطط له".

القيادي في تحالف "الإطار التنسيقي" عائد الهلالي، علّق على الجدل المتصاعد في العراق حيال موقف واشنطن من الحكومة الجديدة المنبثقة عن "الإطار التنسيقي"، واللقاءات المتكررة بين السوداني والمسؤولين الأميركيين، بأنها "طبيعية"، مضيفاً أن "العراق بحاجة إلى تقوية العلاقات مع جميع الدول الغربية"، مستدركاً بالقول إن "تحوّل التعاون إلى تدخّل بالشأن العراقي هو ما نرفضه".

وأضاف الهلالي لـ"العربي الجديد"، أن "رئيس الحكومة السابقة مصطفى الكاظمي نجح في تمتين العلاقات مع الخارج، والسوداني يريد استثمار هذا الإنجاز". وتابع أن "المواقف العراقية سواء السياسية أو الشعبية، لا تزال ترفض تواجد أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية، لعدم الحاجة إليها، إضافة إلى الانتهاكات التي تمارسها بحجة محاربة الإرهاب".

عائد الهلالي: الكاظمي نجح في تمتين العلاقات مع الخارج، والسوداني يريد استثمار هذا الإنجاز

وتحدث القيادي في تحالف "الإطار التنسيقي" عن أن "السوداني أبلغ السفيرة الأميركية بالكف عن التدخّل في الشأن العراقي سياسياً واجتماعياً، والاكتفاء بالتعاون الاقتصادي والتجاري وبعض التفاهمات العسكرية"، وهو ما لم يؤكده أو ينفه المسؤولون في مكتب السوداني، إذ حاولت "العربي الجديد" الحصول على تعليقات منهم بشأن حديث الهلالي.

البناء على إنجازات الكاظمي

إلا أن مقرباً من السوداني قال لـ"العربي الجديد" طالباً عدم ذكر اسمه، إن اللقاءات الأميركية الأخيرة مع السوداني كانت تهدف إلى "معرفة توجهات حكومته من ملفات عدة، أبرزها اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، والوجود الأميركي في العراق ضمن قوات التحالف الدولي".

ويأتي ذلك بحسب المصدر، "خصوصاً مع عودة مواقف الفصائل المسلحة المطالبة بمغادرة القوات الأميركية، وكذلك تعاطي الحكومة مع ملف علاقات العراق مع المحيط العربي والإقليمي ككل، وإمكانية مواصلة ما تحقق في حكومة الكاظمي".

وأضاف المصدر المقرّب من السوداني، أن الأميركيين لم يحددوا حتى الآن بشكل قاطع سياستهم في التعامل مع حكومة السوداني، لكن من المتوقع أنها ستكون مبنية على شكل ردود فعل بحسب ما تتخذه الحكومة الجديدة من قرارات. وكشف في الوقت ذاته أن "حكومة السوداني لن تتخذ أي قرار سلبي تجاه التعامل مع واشنطن أو حتى على مستوى العلاقات مع الدول العربية، بما فيها الاتفاقيات الأخيرة بين حكومة الكاظمي وكل من مصر والأردن والسعودية، حيث سيتم المضي بها من دون تراجع".

الأميركيون لم يحددوا حتى الآن بشكل قاطع سياستهم في التعامل مع حكومة السوداني

النائب المستقل في البرلمان العراقي، هادي السلامي، اعتبر لقاءات الجانب الأميركي مع السوداني بأنها "اصطفاف ضد إرادة الشعب العراقي الذي يرفض كل حكومات التحاصص وتقاسم المناصب"، معتبراً أن "زيارات السفيرة الأميركية المتكررة للسوداني تشرح هذا التأييد". وشدّد السلامي في حديث مع "العربي الجديد"، على أن "المجتمع الدولي لم يقف إلى جانب الشعب منذ عام 2003، بل هو يقف مع السلطة حتى وإن كانت لا تملك أي شرعية شعبية".

من جهته، قال هاتف سهيل، وهو عضو حركة "وعي" المدنية العراقية، إن "الكثير من الأحزاب العراقية تملك علاقات طيبة مع السفارة الأميركية، على الرغم من أن خطابها الإعلامي يكذّب هذه العلاقات، وتمارس دوراً تضليلياً في سبيل إبعاد الشبهات عنها".

وأوضح سهيل في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "الحراك الشعبي بغالبيته رافض لحكومة السوداني التي تؤيدها الولايات المتحدة وإيران".
والأسبوع الماضي، أعلنت الحراكات المدنية والأحزاب الناشئة والنشطاء السياسيون وقادة الاحتجاج في العراق، رفض منح الثقة لحكومة السوداني، واعتبروها حكومة محاصصة طائفية.

وقال الخبير في الشأن السياسي العراقي، غالب الدعمي، إن "رئيس الحكومة الجديد يريد الاستمرار بعلاقات حيادية مع جميع الدول"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد"، أن "السوداني يريد دعم طهران والرياض وأنقرة وواشنطن، لأنه يرى في ذلك دعماَ لحكومته".

لكن أكثر ما يخشاه السوداني، وفقاً للدعمي، هو "انقلاب الإطار التنسيقي عليه، الذي قد لا يفي بوعوده بشأن الإصلاح الإداري في الوزارات ومنع الفساد والاستمرار باختلاس المال العام من قبل شخصيات سياسية". ورأى أنه "بالتالي، فإن فرص نجاح أو فشل السوداني لا تعتمد على ما سيقدمه المجتمع الدولي لحكومته، بل التزام الأحزاب بمنهج الإصلاح الذي وضعه السوداني".

المساهمون