لبنان: ميقاتي يسلّم عون تشكيلة حكومية أولى

لبنان: ميقاتي يسلّم عون تشكيلة حكومية أولى

29 يونيو 2022
لم يعطِ ميقاتي أي تفاصيل عن التشكيلة الحكومية التي قدمها (حسين بيضون)
+ الخط -

قدّم رئيس الحكومة اللبناني المُكلّف، نجيب ميقاتي، إلى الرئيس ميشال عون، اليوم الأربعاء، التشكيلة الحكومية الأولى، على أن يدرسها ويعطي جوابه عليها.

وأعلن ميقاتي بعد لقائه اليوم الرئيس عون في مقرّ الرئاسة اللبنانية - قصر بعبدا، تسليم رئيس الجمهورية التشكيلة الحكومية التي يراها مناسبة.

وقالت الرئاسة اللبنانية، في بيان، إنّ ميقاتي أطلع الرئيس عون على نتائج الاستشارات النيابية التي أجراها وقدم إليه صيغة للحكومة التي يقترحها. وأبلغ رئيس الجمهورية، الرئيس ميقاتي، بأنه سيدرس هذه الصيغة ويبدي رأيه فيها.

وسرِّبت في ساعات بعد الظهر التشكيلة الوزارية التي سلّمها ميقاتي لعون وسط اتهامات متبادلة بالطرف الذي سرّبها، رفعت فيها حدّة المواجهة بين الطرفين.

وبحسب التشكيلة المسرَّبة، لم تشهد الصيغة تغييرات كثيرة، لكن التغيير الأكبر طاول وزارتي الطاقة التي هي من حصة "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل (صهر عون)، ووزارة المال المحسوبة على حركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، والتي ترفض التخلّي عنها.

وكان لافتاً في التشكيلة المقدمة جمعها بين النيابة والوزارة، وهو ما ترفضه بعض الأحزاب السياسية، باعتبار أن النائب دوره محاسبة ومساءلة الوزراء والحكومة. فقد منح النائب سجيع عطية، الذي يدور ضمن فلك "الحزب التقدمي الاشتراكي" بزعامة وليد جنبلاط، وزارة المهجرين، فيما منح النائب ووزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشيكيان وزارة الاقتصاد التي كانت من حصة ميقاتي عبر الوزير أمين سلام.

وينتمي بوشيكيان إلى "كتلة النواب الأرمن" الحليفة للتيار الوطني الحر رغم تمايزها عنه في بعض الاستحقاقات، بحيث سمّت ميقاتي في استشارات التكليف، وأعلنت رغبتها الحصول على حصة حكومية في الاستشارات غير الملزمة.

وقد سمّى ميقاتي لوزارة المال النائب السابق الذي ينتمي إلى حركة أمل ياسين جابر، الذي كان عزف عن الترشح لانتخابات 2022 النيابية، فيما منح وزارة الطاقة لوليد سنو، وهو من الطائفة السنية.

وتضم التشكيلة 23 وزيراً من دون أن تشهد أي تكبير أو توسعة في العدد، علماً أنه كان هناك مطالبات بتوسعتها إلى 30 وزيراً، خصوصاً من جانب "حزب الله" تبعاً لما تردد عن أوساطه، مع العلم أن الحزب لا يمانع التشكيلة مع الاحتفاظ بحصصه الوزارية، التي يضمنها له ميقاتي، بيد أن العقبة تكمن في فريق رئيس الجمهورية وموقفه من الأسماء المطروحة.

وقال مكتب ميقاتي الإعلامي في بيان: "على إثر الضجة التي أثارها تسريب بعض المحيطين برئيس الجمهورية ميشال عون مسودة التشكيلة الحكومية التي سلمها الرئيس ميقاتي إلى رئيس الجمهورية، عمد مَنْ نفى التسريب إلى توزيع خبر عبر أحد المواقع الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، مفاده أن الفريق المحيط بالرئيس ميقاتي هو من سرّب المسودة".

وأوضح أن "أسماء من سرّب التشكيلة ومن سُرّبت إليه من الصحافيين معروفة وموثقة بالوقائع والأدلّة، ومن الأفضل أن لا يلعب المسرّبون بنار تؤذي زملاء نحترمهم ونقدرهم"، مضيفاً "كما أن عجلة التسريب فضحت المسّرب الذي أبقى على علامات بالغة الدلالة على النسخة المسرّبة، ففضحته".

وأشار البيان إلى أن "القصد من تسريب التشكيلة واضح للعموم، والرسالة وصلت، ونعلن وقف السجال لإنجاح السعي الحثيث لتشكيل الحكومة وصوناً لمقام رئاسة الجمهورية".

وقال مصدرٌ في قصر بعبدا لـ"العربي الجديد"، إن التشكيلة وصلت اليوم إلى الرئيس عون الذي سيدرسها، فيما سيكون جوابه عليها مرتبطاً بمضمونها ومدى تطابقها مع دقة المرحلة الراهنة وقدرتها على تولي زمام الأمور في هذه الظروف.

وأضاف: "في حال طلب أي تعديلات، فهو أولاً ينطلق من حقه الدستوري والصلاحيات المعطاة له في ما خص تشكيل الحكومة، التي تجعله شريكاً في تأليفها، كما يرتبط حتماً برؤيته للوضع ومتطلباتها، ولن يكون ذلك من بوابة التعطيل أو العرقلة، كما يحاول البعض تصويره دائماً".

ويتمسّك الرئيس اللبناني بصلاحياته الدستورية في ما يخصّ تشكيل الحكومة، الأمر الذي يطرح دائماً إشكالية في البلد، خصوصاً على صعيد تفسير النصوص الدستورية ونطاق الصلاحيات، ويخلق سجالاً بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، إذ بلغ أوجه في فترات تكليف رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري، وهو ما يتذرع به عون عند ردّ التشكيلات أو المسودات الحكومية التي يتسلّمها.

وأجرى ميقاتي يومَي الاثنين والثلاثاء استشارات غير ملزمة لتأليف الحكومة اطلع فيها على آراء الكتل البرلمانية والنواب المستقلين والتغييريين. وكانت أوساطه قد أكدت أنه لن يتأخر في تقديم تشكيلة وزارية للرئيس عون؛ فهو يحرص على سرعة تشكيل الحكومة لتكون صلاحياتها كاملة لمتابعة الملفات الاقتصادية، كذلك لا يريد ميقاتي أن يتهم بالتعطيل أو المماطلة، من هنا فإنه يقوم بواجباته كاملة ويرمي الكرة في ملعب الرئيس عون الذي يبقى توقيعه لزاماً لولادة الحكومة.

ولم يعطِ ميقاتي أي تفاصيل عن التشكيلة الحكومية التي قدمها، وسط أنباء ترددت عن أنه ينوي تقديم تشكيلة جديدة بالكامل من حيث الأسماء الوزارية، أو تقديم تشكيلة تضم أسماء وزراء حاليين في حكومة تصريف أعمال إلى جانب أسماء جديدة.

وبحسب معلومات وصلت إلى "العربي الجديد"، يصر ميقاتي على تغيير وزير الطاقة وليد فياض المحسوب على "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل (صهر عون) الذي يُتَّهم بأنه الرئيس الظلّ للبلاد من قبل معارضيه، وأنه المقرّر الأول في ما خصّ التشكيلة الحكومية التي يريد أن يفرض شروطه الوزارية عليها حتى يوقعها عون.

وقال ميقاتي أمس الثلاثاء بعد ختام الاستشارات: "في النهاية، المصلحة الوطنية ستتغلّب على كل شيء، وسنُشكِّل حكومة تستطيع أن تقوم بواجبها وتستكمل ما بدأته حكومتنا الماضية، خصوصاً مع صندوق النقد الدولي، وفي ما يتعلق بخطة الكهرباء، وملف ترسيم الحدود البحرية وغيرها".

المساهمون