قنابل مولوتوف ومتطوعون.. هكذا يستعد الأوكرانيون لمواجهة الغزو الروسي

قنابل مولوتوف ومتطوعون.. هكذا يستعد المدنيون الأوكرانيون لمواجهة الغزو الروسي

لندن

العربي الجديد

العربي الجديد
27 فبراير 2022
+ الخط -

مع انطلاق الاجتياح الروسي لأوكرانيا، سارع "مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني" إلى النشر على حسابه على "تويتر"، طالباً من المواطنين المدنيين البدء بتصنيع قنابل المولوتوف، وانتظار الآليات العسكرية الروسية للانقضاض عليها بالسلاح الذي عرفه الأوكرانيون جيداً في 2004 و2014 ضد الدبابات والعربات المصفحة التي حاولت قمع ثورتهم.

والمولوتوف عبوات حارقة بدائية، تُصنَع بسكب سائل قابل للاشتعال في زجاجة وسدّها بقطعة قماش لتكون بمثابة فتيل، ثم تُشعَل وتُرمى على مركبة الخصم، لتتحطم وتتولى السوائل اللزجة المشتعلة إحراق المركبة.

"مجلس الأمن القومي والدفاع" الأوكراني، نشر تفصيلاً بكيفية صناعة المولوتوف والمكونات المطلوبة، مطلقاً عليها اسم "كوكتيل المقاومة".

وسرعان ما استجاب مصنع "برافدا" للمشروبات في مدينة لفيف غرباً، للمبادرة، وقرر إيقاف العمل على خطوط الإنتاج وتكريس العبوات لصناعة الزجاجات الحارقة، للمساعدة في الدفاع عن البلاد. حيث يؤثر الأوكرانيون استخدام العبوات التي تحمل صورة ساخرة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مع عبارة "بوتين أحمق"، كان المصنع قد أطلقها في وقت سابق.  

ومع الإعلان الحكومي، ارتفعت عمليات البحث عن "كيفية صنع قنابل مولوتوف" في أوكرانيا، وفقاً لبيانات بحث "غوغل"، كما رصدتها صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

وكان الاهتمام بهذا البحث، في بداية الأمر، متركزاً في المناطق الشمالية الشرقية من أوكرانيا، التي تعرضت قبل غيرها للموجة الأولى من هجوم القوات الروسية، ومع يوم الجمعة تصاعدت عمليات البحث لتشمل البلاد بأسرها، وخاصة العاصمة كييف، التي يقطنها قرابة 2.8 مليون مواطن.

وبات يمكن متصفح منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، الآن، رصد تسجيلات مصورة عديدة لمجموعات من المتطوعين، وهي تصنع القنابل الحارقة، مهددة القوات الروسية بملاقاة مصير مأساوي.

المدنيون يتجمعون أمام مراكز التطوع للقتال

على الرغم من تفوق الجيش الروسي في العدد والعتاد بشكل كبير، فإن الجيش الأوكراني ومجموعات متزايدة من المتطوعين المدنيين يدافعون باستماتة عن مدنهم وعاصمتهم كييف، الأمر الذي حال دون سيطرة القوات الروسية على أية مدينة أوكرانية رئيسة حتى الآن.

وفيما يقول الخبراء العسكريون إن الاحتمالات جميعها ضد الأوكرانيين، ما زالت القوات الأوكرانية تتحدى هذه التوقعات من خلال إبطاء تقدم الجيش الروسي، وفي بعض الحالات إيقافه، الأمر الذي يعرقل خطط موسكو العسكرية كما ترى "نيويورك تايمز" في تقرير نشرته السبت.

في كييف التي كانت قبل أيام عاصمة مزدحمة بالمطاعم والمقاهي، تغير وجه المدينة بأسرع مما يمكن توقعه. ففي كل شارع يمكنك أن تلحظ شاحنات وسيارات على متنها رجال مسلحون لا يرتدون زياً عسكرياً موحداً، وتتكاثر الحواجز يوماً إثر آخر عند كل إشارة مرور، حيث يمكنك رؤية رجال ونساء يرتدون ملابس مدنية، ويحملون بنادقهم، ويتفحّصون السيارات.

هؤلاء هم المدنيون المسلحون حديثاً، وأعضاء الجماعات شبه العسكرية الذين يقاتلون تحت القيادة الفضفاضة للجيش، في ما يسمّى "قوات الدفاع الإقليمية". وتنقل "نيويورك تايمز" عن أحد مستشاري ديوان الرئاسة الأوكرانية، أن مجموعات الدفاع هذه تعمل بشكل فعال للغاية، فقد "اتضح أن الناس سيخرجون للدفاع عن منازلهم، الأمر الذي لم يتوقعه خبراء هيئة الأركان الروسية".

وترصد الصحيفة تدافع عشرات الأوكرانيين في أحد مركز التجنيد التابعة للجيش، حيث تُسلَّم بنادق الكلاشينكوف، وقبل ذلك يُطلب من المتطوعين تشكيل مجموعات من نحو 10 أشخاص واختيار قائد لها.

بعض هذه المجموعات ترتدي ألبسة رياضية، والبعض الآخر سترات مموهة، لكن المشترك الوحيد بينها أن الجميع يضعون على أكتافهم شرائط صفراء، تشير إلى أنهم أعضاء في "قوات الدفاع الإقليمية".

تراوح أعمار المتطوعين بين العشرينيات إلى أواخر الخمسينيات، وهم من خلفيات متنوعة. تلتقي "نيويورك تايمز" بعضهم، فإيغور (37 عاماً) خبير اقتصادي في إحدى الشركات، يقول وهو يمسك بسلاحه فيما يُسمع دوي القنابل أو المدفعية من بعيد: "لم أخدم في الجيش أو الشرطة أو أي شيء آخر". ويضيف: "لست خائفاً، الذين يخافون حقاً يجلسون في منازلهم، هم ليسوا هنا بيننا الآن".

أما دينيس ماتاش (33 عاماً) مدير ملهى في كييف، فيقف في صف مع قرابة 50 رجلاً آخر في مركز التجنيد ويقول: "يجب كل شخص في بلدنا الدفاع؛ حتى النساء والفتيات والجميع".

وصباح السبت، كان واضحاً أن طريق النصر المركزية في العاصمة شهدت معركة دامية استمرت طوال الليل، كان يمكن بوضوح مشاهدة العربات العسكرية الروسية المحترقة، وسرعان ما أصدر أوليكسي دانيلوف، أمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، بياناً قال فيه: "لقد استطعنا إيقاف الحشد الروسي بأقصى ما نستطيع". فيما تابع المتطوعون والجنود معاً حفر الخنادق قرب الحواجز والأبنية الحكومية استعداداً لجولة أخرى.

وتنقل الصحيفة عن إيهور زالوبا (58 عاماً)، وهو أستاذ التاريخ في جامعة كييف وباحث في معهد التاريخ في أكاديمية العلوم الأوكرانية، قوله: "إن كل فرد في عائلتي قلق عليّ، لكن لم يطلب مني أحد منهم عدم التطوّع". زالوبا الذي يقف مع آخرين أمام أحد مراكز التطوع، يضيف: "زوجتي وبناتي، جميعهن يعتقدن أنني يجب أن أكون هنا".

أمام مركز آخر مجاور في وسط العاصمة، ينتظر أكثر من 20 رجلاً وامرأة في طابور للتبرع بالدم، في مركز للرعاية الصحية. ويرى هؤلاء، ممن حالت ظروفهم دون الالتحاق بالقتل، أن التبرع بالدم أقل ما يمكن تقديمه، ويقول أحدهم: "قالوا إن كييف ستسقط في غضون يومين، حسناً، لقد مرت ثلاثة أيام، ولا أرى أية أعلام روسية في المدينة"!

وفيما يعمل آخرون على صناعة الحواجز الحديدية لتشكل متاريس تعرقل تقدم الدبابات والآليات الروسية، ويتولى آخرون إزالة بقايا المعارك أو القصف الليلي، تتابع فرق أخرى تقديم الدعم والمؤن للمواطنين القابعين في شبكة مترو الأنفاق، التي أُوقِفَت عن العمل، وتحولت إلى ملجأ كبير في العاصمة.

المساهمون