قصف متكرر ينتهك "السيادة العراقية": ما خيارات الحكومة؟

قصف متكرر ينتهك "السيادة العراقية": ما خيارات الحكومة؟

04 فبراير 2024
من آثار القصف الأميركي على الأنبار (Getty)
+ الخط -

تتعرّض حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إلى انتقادات وضغوط واسعة حيال القصف المتكرر الذي تتعرض له الأراضي العراقية منذ أشهر، في ظل حديث رسمي عن "السيادة"، دون أي مؤشرات على وجود أوراق ردع بيد الحكومة.

وشهد العراق خلال الأشهر الماضية، سلسلة هجمات إيرانية وتركية وأميركية، طاولت مناطق شمالي وغربي البلاد، تستهدف فصائل مسلحة تتقاطع مع الدول الثلاث، وأخرى استهدفت مواقع قالت عنها طهران إنها تابعة لـ"الموساد"، في إقليم كردستان. 

ومنذ يونيو/ حزيران العام الماضي، تقول مصادر أمنية عراقية، لـ"العربي الجديد"، إن البلاد تعرضت لأكثر من 200 هجوم جوي وصاروخي، من الدول الثلاث، (إيران وتركيا والولايات المتحدة)، شملت محافظات أربيل ودهوك والسليمانية وبغداد وبابل وكركوك ونينوى والأنبار".

وتسبّبت الهجمات بقتل وإصابة عشرات العراقيين، بينهم مدنيون، وفقاً لمسؤول عراقي أكد لـ"العربي الجديد"، فشل بلاده في مفاوضات الحصول على أنظمة دفاع جوي من الولايات المتحدة ودول أخرى، أبرزها فرنسا وبريطانيا وروسيا، بينما "يجري البحث عن دول بديلة لشراء منظمات أخرى للدفاع الجوي والرصد".

وأكد أن الدفاع الجوي للجيش العراقي "غير قادر على رصد الأهداف البعيدة مثل الطيران والصواريخ الباليستية"، واصفاً هذا الملف بأنه "سياسي بالدرجة الأولى ويتعلق بالمعادلة الإقليمية الحالية".

وكان آخر هجوم خارجي داخل الأراضي العراقية قد وقع، أمس السبت، حين نفذت طائرات أميركية ضربات استهدفت مواقع تابعة للفصائل المسلحة العراقية في مدينة القائم بمحافظة الأنبار.

وعادة ما تقوم الحكومة العراقية باستدعاء السفراء وتسليمهم مذكرات احتجاج، والتهديد بالتوجه إلى مجلس الأمن الدولي وتقديم شكاوى، لكن أي من تلك الإجراءات لا تعتبر ذات أثر ميداني، ما دفع الشارع العراقي أخيراً إلى تنظيم حملات مقاطعة لبضائع إيرانية وتركية، رداً على استهدافها العراق، وسط اتهامات للحكومة بـ"الضعف".

"تباكٍ على السيادة"

حديث الحكومة وانتقادها لانتهاك سيادة البلد، ليس الأول من نوعه، بل تكرر مرات عدّة، عقب هجمات أميركية مماثلة استهدفت الشهر الماضي مقار للفصائل في بغداد، والهجوم الإيراني الأخير على أربيل (عاصمة إقليم كردستان)، فضلاً عن الهجمات التركية التي تستهدف مسلحي العمال شمالي العراق.

وقال مسؤول عراقي بارز في وزارة الخارجية، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن العراق اليوم غير قادر على أي ردع عسكري خارجي، وهذا يعود إلى بنية الجيش الجديد بعد 2003 التي تأسست على فكرة الأمن أو الدفاع الداخلي، ورغم ذلك هذا الدفاع منقوص".

وأضاف، "ليس سراً القول، إن الأجواء العراقية تخترقها طائرات من جنسيات مختلفة، ونحن غير قادرين على رصد غالبيتها. وحتى لو رصدت، فلا يمكن التهديد بإسقاطها لإجبارها على الانسحاب. هذا الأمر يشمل الصواريخ أيضاً والطائرات المسيرة بمختلف أنواعها"، مبيناً أن ما هو متاح أمام الحكومة العراقية هو "إجراءات دبلوماسية".

السياسي العراقي ظافر العاني، عدّ الحديث عن السيادة "لا قيمة له"، من دون خطوات حكومية حقيقية تحفظ السيادة، وقال في تدوينة له على "إكس"، لكي لا تتهم الحكومة أمام المجتمع الدولي بالتواطؤ مع المليشيات، ننتظر منها أن تبادر لملاحقة قانونية جادة، على الأقل لقادة المجاميع المسلحة ممن هم خارج إطار الدولة"، مشدداً أنه "من دون ذلك سيكون الحديث عن السيادة محض هراء لا قيمة له".

 
أما النائب السابق حيدر الملا، فأكد أن "أميركا لا تستهدف إيران بشكل مباشر، بل تستخدم الأراضي العراقية، والحكومة تستنكر المساس بالسيادة، وإيران لن ترد على أميركا ما دام الاستهداف خارج أراضيها، بل تستخدم أدواتها (الفصائل المسلحة العراقية) للرد، وحكومة العراق تستنكر المساس بالسيادة!".

وأضاف "يكفي استنكاراً، لقد أصبحت الحال استحقاراً وليس فقط مساساً بالسيادة".

 
ورأى الباحث في الشأن السياسي العراقي، مجاهد الطائي، في تدوينة له على "إكس"، أن "المليشيات سبب القصف الأميركي، والقصف الأميركي انتهاك للسيادة"، مؤكداً أن "التباكي على السيادة لن يعيدها، والحديث بالوطنيات لن يقوّيها، فالمليشيات أضعفت الدولة، وإن ضعف الدولة يعني السماح بانتهاك سيادتها، وإن انتهاك السيادة مظهر من مظاهر الضعف".
وأضاف أن "الضعف أسبابه كثيرة، أهمها وجود المليشيات، والقصف سببه المليشيات".