فالح الفياض... من أوّل منصب إبان حكم بريمر إلى ساعي بريد للأسد

فالح الفياض... من أوّل منصب إبان حكم بريمر إلى ساعي بريد للأسد

08 يناير 2021
برز اسم الفياض بعد الغزو الأميركي للعراق (الأناضول)
+ الخط -

على خلاف أسماء أخرى لقيادات بفصائل عراقية مسلّحة حليفة لإيران، التي يحيط الغموض بتاريخها ويكاد لا يُعرف عنها أكثر من 10 سنوات على أفضل تقدير، وتستخدم أسماء حركية غير حقيقية مثل أبو فدك وأبو آلاء وأبو فداء وأبو تراب وأبو مجتبى، برز اسم فالح الفياض، 65 عاماً، المعاقب أميركياً بقرار وزارة الخزانة الأميركية اليوم الجمعة، بعد الغزو الأميركي للعراق، بعد عدة أشهر فقط، إلى جانب شخصيات أخرى كانت تقيم في إيران، وتعمل ضمن قوى معارضة لحكم الرئيس السابق صدام حسين.

عمل خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات متنقلاً بين طهران ودمشق في عدة أنشطة، لكن عمله إلى جانب "فيلق بدر"، وهي المليشيا التي شاركت بقتال الجيش العراقي إلى جانب الإيرانيين في حرب السنوات الثماني كانت الأبرز، مع شخصيات أخرى محسوبة على حزب الدعوة الإسلامية والمجلس الإسلامي الأعلى.

وتولى الفياض عام 2004 منصباً تنفيذياً في مكتب رئاسة الجمهورية، ضمن الذين تم ترشيحهم عقب تسليم الحاكم المدني الأميركي آنذاك بول بريمر السلطة عام 2004، الذي اختار إياد علاوي أولَ رئيس للوزراء وغازي الياور بمنصب رئيس الجمهورية.

اتهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو فالح الفياض بأنه من بين الذين "دبروا الاعتداء على سفارة بلادنا في بغداد"

 

وسرعان ما عاد الفياض للظهور نائباً في أول برلمان عام 2005، ثم عضواً في التحالف الوطني الذي أشرف على تأسيسه أحمد الجلبي بدعم إيراني آنذاك، وأطلق عليه (البيت السياسي الشيعي). وفي عام 2006، عاد اسم الفياض في ديالى شرقي العراق ضمن المتورطين بانتهاكات، تحت عنوانه الجديد "رئيس مجالس الإسناد" التي رعاها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ليتم فيما بعد اختياره وزيراً للأمن الوطني عام 2010، ومن ثم رئيساً لـ"هيئة الحشد الشعبي" التي تم تشكيلها فيما بعد لمنح شرعية لتلك المليشيات التي تم تأسيسها.

وفي مطلع يوليو/تموز الماضي، أقال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الفياض من منصبين كان يشغلهما في آن واحد إلى جانب رئاسته لـ"الحشد الشعبي"، وهما مستشارية الأمن الوطني ورئاسة جهاز الأمن الوطني، حيث حلّ بديلاً عنه في كل منالمنصبين وزير الداخلية الأسبق قاسم الأعرجي، والجنرال المتقاعد في جهاز مكافحة الإرهاب، عبد الغني الأسدي.

وإلى جانب ذلك، عُرف عن الفياض أنه موفد العراق الدائم إلى رأس النظام السوري بشار الأسد طوال السنوات الماضية، في ملفات أبرزها تتعلق بالمليشيات العراقية الداعمة للنظام هناك، إلى جانب تصدره الواجهة في التعامل مع إيران بمختلف الملفات.

وفي الأول من يناير/كانون الثاني العام الماضي، اتهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو فالح الفياض بأنه من بين الذين "دبروا الاعتداء على سفارة بلادنا في بغداد"، لكن الفياض نفى مشاركته إلى جانب قيادات أخرى بـ"الحشد"، مثل قيس الخزعلي وهادي العامري، في الاحتجاج أمام السفارة الأميركية الذي انتهى باقتحامها.

وكان الحادث بمثابة نقطة تحول في علاقة الفياض مع الأميركيين، إذ كانت للفياض لقاءات علنية مع السفير ماثيو تولر والسفير السابق دوغلاس سيليمان من قبله، فضلاً عن المبعوث الأميركي إلى العراق لشؤون التحالف الدولي ضد "داعش".

وحول ذلك، يقول الباحث بالشأن السياسي والأمني العراقي سعد الحديثي إن وضع الفياض على قائمة العقوبات تعني أن فترة وجوده داخل منطقة رمادية بين الجانب الإيراني والأميركي انتهت فعلياً، حيث كان يناور بين الشخصية الحكومية الرسمية (مستشار الأمن الوطني) وبين الشخصية المليشياوية (رئيس الحشد الشعبي).

وأضاف الحديثي أنه على الرغم من صدور تقارير أممية ودولية تشير إلى تورط مليشيات ضمن "الحشد" بجرائم تطهير طائفية بحق المدنيين في مدن شمال وغرب العراق، فضلاً عن دور الفياض المشبوه في سورية مع نظام الأسد، لم تقدم الإدارة الأميركية على إدراجه ضمن العقوبات، وغريب أنها اليوم تضعه في قائمة العقوبات لأسباب توردها تتعلق بالتظاهرات فقط، من دون ذكر سجل طويل من الانتهاكات، وهو ما يجعل القرار سياسياً أكثر من كونه حقوقياً أو قضائياً كما تزعم الخزانة الأميركية.

ولفت في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن القرار يُعتبر فعلياً عملية إقصاء للفياض من الواجهة، فمن المؤكد أنه إذا بقي في منصبه في هذه الحكومة، فإن الحكومة المقبلة ستحرص على ألا يكون من ضمنها تحاشياً لتسجيل أي موقف يحسب عليها أميركياً".