عملية جربة في تونس.. إرهابية أم "إجرامية"؟

عملية جربة في تونس.. إرهابية أم "إجرامية"؟

11 مايو 2023
الشرطة التونسية قرب كنيس الغريبة بجزيرة جربة لتأمينه بعد الاعتداءات (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

ينتظر المتابعون في تونس وخارجها توضيحات وزارة الداخلية التونسية بشأن اعتداءات جربة، ليل الثلاثاء الماضي، وملابساتها، بينما ما زال التوصيف الرسمي التونسي للاعتداءات غير واضح، حيث يستخدم المسؤولون التونسيون تعبيري "إرهابية" و"إجرامية".

وطالبت جمعية القضاة التونسيين، اليوم الخميس، النيابة العمومية بأن "تنير الرأي العام حول طبيعة الحادثة بحسب ما يقتضيه واجب النطق الرسمي للمحاكم في مثل هذه القضايا، التي تهم الرأي العام الوطني والدولي، وذلك في نطاق الاستقلالية والشفافية".

كلام الجمعية جاء في بيان نشرته اليوم الخميس بخصوص حادثة جربة، ووصفت الجمعية الاعتداءات بـ"الإرهابية"، ما يزيد الغموض حول نوعية هذه العملية وأسبابها الحقيقية ومن يقف وراءها.

ونشرت وزارة الداخلية التونسية، الخميس، حصيلة اعتداءات جربة وكشفت، في بيان، عن هوية الأمنيين الثلاثة الذين راحوا ضحية ما وصفته بـ"الاعتداء الغادر" الذي حدث ليلة الثلاثاء في جزيرة جربة.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد وصف، مساء أمس الأربعاء، الاعتداءات التي شهدتها جزيرة جربة في محيط معبد الغريبة بـ"العملية الإجرامية الغادرة والجبانة"، وأضاف، في كلمة له خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي وفق مقطع فيديو نشرته الرئاسة، أن "مثل هذه العمليات الإجرامية عرفتها الكثير من الدول ولا تزال تعاني منها حتى الدول الكبرى في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وغيرها". وكرر سعيد أكثر من مرة مصطلحات "المجرم" والمجرمين" والعملية الإجرامية، ولم يشر إلى طبيعة إرهابية في اعتداء جربة.

من جهته، قال رئيس البرلمان التونسي إبراهيم بودربالة، في ختام الجلسة الصباحية اليوم الخميس، إن العملية هي "إجرامية" كما وصفتها المؤسسة القضائية. وذكر أن "المؤسسة القضائية كيّفت العملية بأنها إجرامية، ونحن كمؤسسة سيادية نتعامل مع باقي المؤسسات بصفة قانونية، وبالتالي هي عملية إجرامية، وهي جريمة اقترفت في حق الضحايا، وكذلك في حق الوطن، وهذه مسألة واضحة".

كما استنكر بودربالة، تصريحات مسؤولين غربيين لمحت إلى تعهدهم بحماية اليهود في تونس، وقال: "نستنكر بعض التصريحات، فدولتنا مستقلة ولها سيادتها، ونحن لم نكوّن خلية أزمة عندما وقعت أحداث إرهابية في دول أخرى".

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعهّد بمكافحة "معاداة السامية"، قائلاً "دائما، وبلا كلل، سنكافح معاداة السامية"، معبّراً عن قلقه من العملية التي راح ضحيتها عدد من الأمنيين والزوار، من بينهم مواطن يحمل الجنسية الفرنسية.

وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، اليوم الخميس، إن "الهجوم الجبان على كنيس جربة أثّر علينا بشدة"، وأعربت عن تضامنها مع أسر الضحايا والحكومة والشعب التونسي، وفق ما نقلت عنها وكالة "نوفا".

وقال بودربالة، في تصريحات نقلتها إذاعة "موزاييك" الخاصة: "كلّ المواطنين في تونس لهم الحقوق والواجبات نفسها والدولة تدافع عنهم جميعاً، ولا مجال لاعتبار عملية جربة معاداة السامية، إخواننا اليهود يعيشون بيننا بكلّ طمأنينة".

وفيما ذهبت أحزاب تونسية إلى اعتبار الحادث إرهابياً، حذرت جبهة الخلاص الوطني المعارضة، في بيان لها، أمس الأربعاء، من "محاولات البعض توظيف حادثة جربة الأليمة في الصراعات الأيديولوجية، وتلبيسها للخصوم السياسيين قصد تأجيج الانقسام الداخلي، وتعريض الوحدة الوطنية إلى مزيد من الخطر".

ودعا حزب "آفاق تونس"، أمس الأربعاء، إلى "فتح تحقيق فوري وشفّاف في ملابسات هذه العملية، وتحديد المسؤوليات واستخلاص التوصيات اللازمة بشأنها، إلى جانب العمل على إدارة الأزمة وطمأنة الرأي العام الوطني والدولي بخصوص توفّر مقوّمات الأمن والاستقرار في بلادنا بمناسبة الموسم السياحي الجديد".

من جهته، دعا المرصد الوطني لمقاومة الإرهاب والجريمة المنظمة، في بيان له، اليوم الخميس، القوى الوطنية إلى "الكف عن بث الشائعات واستغلال الحدث في المناكفات السياسية"، حاثاً إياها على "التضامن مع عائلات وأسر الضحايا والحفاظ على الوحدة الوطنية في مواجهة هذا المصاب الجلل".

وفتحت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب في باريس تحقيقًا بشأن مقتل فرنسي-تونسي يبلغ من العمر 41 عاماً في اعتداء جربة، بحسب بيان صدر الخميس.

وأوضح البيان، الذي نقله موقع "يورو نيوز"، أن النيابة المختصة فتحت، أمس الأربعاء، "تحقيقًاً بتهمة القتل بما يتصل بمجموعة إرهابية، وأوكلت التحقيقات إلى المديرية العامة للأمن الداخلي، بسبب الجنسية الفرنسية التي يحملها أحد الضحايا".

من جانبها، ذكرت السفارة الأميركية بتونس، اليوم الخميس، أن السفيرة ديبورا ليبستادت، المبعوثة الخاصة لرصد ومكافحة معاداة السامية، زارت تونس في الفترة ما بين 5 و10 مايو/أيار".

وقالت، في بيان، إن المبعوثة الخاصة ليبستادت والسفير هود، قاما بزيارة كنيس الغريبة قبل هجوم 9 مايو المروع، مشيراً إلى أنهما حضرا الاحتفالات السنوية في جزيرة جربة حيث تقطن واحدة من أقدم الجاليات اليهودية في شمال أفريقيا.

وذكر البيان أن "المبعوثة الخاصة، التقت أثناء تواجدها في تونس العاصمة بكاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج منير بن رجيبة لمناقشة الحريات الدينية، كما شاركت في حلقات حوارية مع ممثلين من المجتمع المدني والتقت بطلبة الجامعة الأوروبية بتونس الذين أعربوا عن أملهم في التأثير الإيجابي للتبادل الثقافي في تعزيز التعايش".

المساهمون