صدمة أممية وانزعاج دولي لاعتداء الاحتلال على موكب تشييع أبو عاقلة

صدمة أممية وانزعاج دولي لاعتداء الاحتلال على موكب تشييع الصحافية شيرين أبو عاقلة

نيويورك
ابتسام عازم (العربي الجديد)
ابتسام عازم
كاتبة وروائية وصحافية فلسطينية تقيم في نيويورك. مراسلة "العربي الجديد" المعتمدة في مقرّ منظمة الأمم المتحدة.
رام الله

العربي الجديد

العربي الجديد
13 مايو 2022
+ الخط -

عبّر نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق عن "صدمته" باستهداف نعش الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة والمشيعين لجثمانها، فيما وصف البيت الأبيض صور استهداف الموكب بـ"المزعجة".

وقال حق، خلال المؤتمر الصحافي اليومي الذي يُعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، إنّ الأمم المتحدة ستتابع الأمر للوقوف على مزيد من التفاصيل لما حدث.

هذا ووقفت لجنة الإعلام في الأمم المتحدة في مستهل اجتماع اعتيادي للجنة، دقيقة حداد على الصحافية ومراسلة قناة الجزيرة في فلسطين المحتلة شيرين أبو عاقلة. وجاء الاجتماع الذي خصص جزء منه للحديث عن أبو عاقلة بطلب من البعثة الفلسطينية للأمم المتحدة في نيويورك.

بدوره، قدّم سفير فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور مداخلة تحدث فيها عن أبو عاقلة وعملها، كما عن معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال، بمن فيهم الصحافيون. وقال: "لقد قتل الاحتلال الإسرائيلي أيقونة الصحافة الفلسطينية والعربية أثناء تأديتها لعملها الصحافي في تغطية الاعتداء الإسرائيلي الوحشي على مخيم جنين في الأرض الفلسطينية المحتلة حين كانت ترتدي سترة وخوذة الصحافة".

وأضاف: "الصورة واضحة، هذا الاحتلال الإسرائيلي الذي قتل الطفل الفلسطيني محمد الدرة وهو في حضن أبيه، وهذا الاحتلال الذي لم يحاسب على قتل الصحافي الشاب ياسر مرتجى قبل عام هو من قتل شيرين أبو عاقلة اليوم... الاحتلال الذي يخشى رفع العلم الفلسطيني، وهاجم اليوم جنازتها وكاد أن يسقط تابوتها من على أكتاف المشيعين، هو من قتل شيرين".

وكانت بعض اللجان في الأمم المتحدة، من بينها "مجموعة الـ 77"، قد أصدرت بياناً تدين فيه مقتل أبو عاقلة، وناشدت التحقيق والمحاسبة. فيما أدان خبراء الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان قتل أبو عاقلة، داعين إلى "إجراء تحقيق سريع وشفاف وشامل ومستقل في مقتلها".

يشار في هذا السياق إلى أنّ الحديث هنا عن عدد من المقررين الخاصين في مجال حقوق الإنسان، وهم مستقلون ويتم تعيينهم من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وجاء في بيان الخبراء أنّ "مقتل أبو عاقلة يأتي في إطار استمرار الاعتداءات على الإعلاميين، وخاصة الصحافيين الفلسطينيين، حيث قُتل أكثر من 40 صحافياً فلسطينياً منذ عام 2000، وجرح المئات أو استُهدفوا بأعمال العنف. كما تتعرض الصحافيات الفلسطينيات للعنف بشكل منتظم في سياق عملهن فقط لكونهن صحافيات".

وشدد البيان على ضرورة القيام بالتحقيق بحسب الأعراف الدولية المعتمدة، كما محاسبة المسؤولين. وأشار كذلك إلى أن "انعدام المساءلة يعطي تفويضاً مطلقاً لمواصلة سلسلة عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء"، فيما أكد أن سلامة الصحافيين ضرورية لضمان حرية التعبير والإعلام.

ووضع البيان مقتل أبو عاقلة في إطار أوسع يتم فيه استهداف الفلسطينيين، إذ قال: "تصاعد العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة في السنوات الأخيرة. شهد العام الماضي أكبر عدد من القتلى الفلسطينيين نتيجة المواجهات مع الإسرائيليين منذ عام 2014، فضلاً عن أعلى عدد من حوادث عنف المستوطنين منذ أن بدأ الإبلاغ عنها في عام 2017." وجاء في البيان أن "مقتل أبو عاقلة قد يرقى لجرائم حرب".

كما شدد البيان على ضرورة أن يضاف ملف التحقيق بمقتلها إلى ملف التحقيقات التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية. وطالب بإجراء تحقيق سريع ومستقل وحيادي وفعال وشامل وشفاف في مقتل شيرين أبو عاقلة.

مجلس الأمن يناقش إمكانية إصدار بيان حول شيرين أبو عاقلة

وكانت مندوبة أيرلندا في الأمم المتحدة، جيرالدين بيرن ناسون، قد أكدت لـ"العربي الجديد" أنّ مجلس الأمن يناقش إمكانية إصدار بيان حول مقتل شيرين أبو عاقلة. وقالت: "أدين قتل الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة في جنين الذي أذهلنا. ويجب أن يكون هناك تحقيق مستقل وسريع في مقتلها".

وأكدت ضرورة تعبير مجلس الأمن عن رعبه لمقتلها بغض النظر عن أي تحقيقات، فيما طالبت بإجراء تحقيق مستقل. وتابعت: "يجب علينا كمجلس أمن أن نتشاور حول إصدار بيان ولا يخفى أن هناك مشاورات حول الموضوع بين الدول الأعضاء في المجلس".

 ويبدو أن هذه المشاورات متعثرة، إذ يفضل عدد من الدول، من بينها المملكة المتحدة، الانتظار إلى أن يتم إجراء تحقيق في مقتل أبو عاقلة قبل إصدار بيان.

وكانت السفيرة البريطانية في الأمم المتحدة، باربارا وودوارد، قد قالت: "نعزي عائلتها وزملاءها (...) ندعم تحقيقاً شاملاً بما حدث وهذا خطوة أولى مهمة قبل أن نأخذ أي خطوة استباقية".

وحول ما إذا كانت تؤيد أن يأخذ مجلس الأمن خطوات في هذا المجال، قالت: "علينا أن نرى نتائج التحقيق أولاً، سيكون من السابق لأوانه القيام بذلك قبل اتخاذ الخطوة الأولى".

الخارجية الفلسطينية: تصرّف الاحتلال يجب أن يدفع العالم للاشمئزاز

وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني في القدس، في بيان صحافي، بأنّ طواقمه تعاملت مع 33 إصابة، نُقلت منها 6 إصابات إلى المستشفى، خلال تغطية جنازة الشهيدة شيرين أبو عاقلة.

من جانبه، أفاد نادي الأسير الفلسطيني، في بيان صحافي، بأنه رصد اعتقال 14 فلسطينياً من قبل قوات الاحتلال خلال جنازة الشهيدة شيرين أبو عاقلة.

وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، في بيان صحافي، بأشد العبارات، الاعتداء الوحشي الذي ارتكبته شرطة الاحتلال، اليوم الجمعة، على نعش الشهيدة شيرين أبو عاقلة والمواطنين الذين يحملونه، ومنعها خروج الجثمان من المستشفى بالقوة وقمع مسيرة التشييع.

كذلك أدانت خارجية فلسطين الإجراءات والتدابير التي اتخذتها قوات الاحتلال لفرض المزيد من التضييقات على مسيرة الجنازة، ومنع أعداد كبيرة من المواطنين من الوصول إليها والمشاركة فيها، ومنع رفع العلم الفلسطيني والهتافات، "في إرهاب دولة منظم لم يكتف بإعدام الشهيدة الصحافية أبو عاقلة بدمٍ بارد، بل طارد جثمانها حتى دفنها، في أبشع أشكال همجية التي تدعي "الديمقراطية الوحيدة" في الشرق الأوسط التي تخاف من نعش مرفوع على الأيدي".

وأكدت الخارجية الفلسطينية أنّ "ما شاهدناه اليوم وما شاهده العالم أجمع في القدس المحتلة يجب أن يدفع العالم للاشمئزاز من تصرف دولة الاحتلال التي لن تستقيم إلا بالعقوبات، فهي دولة تظهر حقدها وكراهيتها دون تردد، وتظهر حجم عنصريتها المتأصلة بحق الشعب الفلسطيني ومواطنيه الأحياء منهم والأموات، وبحق شجره وحجره ومقدساته".

ورأت الخارجية الفلسطينية أنّ المقدسيين انتصروا هذا اليوم في تكريم شهيدة الحق والحقيقة على إرهاب دولة الاحتلال المنظم.

واشنطن: صور جنازة الشهيدة أبو عاقلة "مزعجة"

الرئيس الأميركي جو بايدن، تجنّب، الجمعة، إدانة أعمال العنف التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلية خلال مراسم جنازة شيرين أبو عاقلة، في مدينة القدس المحتلة.

وقال خلال مؤتمر صحافي، شهد سؤاله عما إذا سيقوم بإدانة قيام القوات الإسرائيلية بالتعدي وضرب المشاركين في جنازة شيرين أبو عاقلة: "لا أعرف التفاصيل الكاملة لما حدث (خلال مراسم جنازة شيرين أبو عاقلة).. لكني أعلم أنه يجب فتح تحقيق في الأمر".

وجاء هذا بعدما قال البيت الأبيض، اليوم الجمعة، إنّ الصور التي تظهر ضباط الشرطة الإسرائيلية وهم يهاجمون فلسطينيين يحملون نعش الشهيدة شيرين أبو عاقلة تثير الانزعاج.

وبحسب وكالة "رويترز"، فإنّ المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي قالت للصحافيين إنّ المسؤولين الأميركيين سيظلون على اتصال وثيق بالسلطات الإسرائيلية والفلسطينية في أعقاب جنازة أبو عاقلة.

وأفاد موقع "أكسيوس" عن مصادر أميركية وإسرائيلية، بأنّ مسؤولين أميركيين نقلوا إلى الحكومة الإسرائيلية احتجاجاً على تصرفات الشرطة الإسرائيلية خلال جنازة شيرين أبو عاقلة. وقالت المصادر إنّ هناك حالة من الغضب والإحباط بين مسؤولي إدارة بايدن بشأن ذلك.

بدوره، أدان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اقتحام جنازة أبو عاقلة. وقال على "تويتر": "انزعجنا بشدة من مشهد الشرطة الإسرائيلية وهي تقتحم مراسم جنازة الأميركية- الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، تستحق كل عائلة أن تدفن أحباءها بكرامة ودون عوائق".

وفي السياق، قالت مبعوثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، على تويتر: "أشعر بالحزن الشديد من صور جنازة شيرين أبو عاقلة"، وأضافت: "يجب التعامل مع مأساة قتلها بأقصى درجات الاحترام والرصانة والعناية".

الاتحاد الأوروبي: مصدومون بعنف إسرائيل ضد مشيعي جثمان أبو عاقلة

وأعرب الاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة، عن صدمته باستخدام الشرطة الإسرائيلية العنف تجاه مشيعي جثمان أبو عاقلة في القدس الشرقية.

جاء ذلك وفق بيان لممثل الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية سفين كون فون بورغسدورف، عقب اعتداء قوات الشرطة الإسرائيلية على مشيعي جثمان أبو عاقلة.

وقال بورغسدورف: "مصدومون باستخدام العنف في مستشفى القديس يوسف (الفرنسي) واستخدام القوة المفرطة الذي مارسته الشرطة الإسرائيلية خلال مراسم الجنازة". وأضاف: "هذا السلوك غير مبرر، ولا يمكن أن يؤدي إلا إلى زيادة التوتر (..) الصحافية شيرين أبو عاقلة تلقت رغم كل ذلك وداعاً مشرفاً في كنيسة القديس أندرو ومقبرة جبل صهيون".

كما أشار إلى أن ممثلي الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء حضروا جنازة شيرين أبو عاقلة في القدس الشرقية المحتلة.

قطر تدين بشدة منع الاحتلال خروج جثمان أبو عاقلة من المستشفى وقمع مسيرة التشييع

من جهتها، أعربت دولة قطر عن إدانتها واستنكارها الشديدين لمنع شرطة الاحتلال الإسرائيلي في القدس خروج جثمان الإعلامية شيرين أبو عاقلة، من المستشفى الفرنسي، وقمعها مسيرة التشييع.

وقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان نقلته "قنا"، إنّ "سلطات الاحتلال لم تكتفِ بقتل شيرين بدم بارد أثناء أداء واجبها، بل استمرت في إرهاب المدنيين والمشاركين في الجنازة حتى مثواها الأخير، ما يعكس وحشية نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وتجرده من القيم الإنسانية كافة".

وشددت على "ضرورة وقف إسرائيل إجراءاتها التعسفية بشكل فوري، مراعاة لحرمة الموتى واحتراماً لكرامتهم والمشاعر الإنسانية لذوي الفقيدة والشعب الفلسطيني"، مجددة الدعوة إلى مساءلة الاحتلال الإسرائيلي عن جريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة، وتقديم الضالعين فيها إلى العدالة الدولية.

مصر: اعتداءات غير مقبولة أو مبررة

من جانبها، قالت وزارة الخارجية المصرية في بيان عبر صفحتها على "فيسبوك": "نعرب عن رفضنا وإدانتنا البالغة للاعتداءات التي تعرضت لها جنازة الإعلامية الراحلة أبو عاقلة من قبل السلطات الإسرائيلية".

وأكد السفير أحمد حافظ، متحدث الخارجية، حسب البيان أنّ "مثل تلك الاعتداءات غير المقبولة أو المبررة تمثل انتهاكًا لحقوق الشعب الفلسطيني ولحرمة الموتى وتؤدي إلى زيادة الاحتقان وعدم الاستقرار في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

ذات صلة

الصورة
اختاروا النزوح من مخيم النصيرات جراء القصف (فرانس برس)

مجتمع

الاستهداف الإسرائيلي الأخير لمخيم النصيرات جعل أهله والمهجرين إليه يخشون تدميره واحتلاله إمعاناً في تقسيم قطاع غزة إلى قسمين، في وقت لم يبق لهم مكان يذهبون إليه
الصورة
الصحافي بيتر ماس (Getty)

منوعات

كتب الصحافي المخضرم بيتر ماس، في "واشنطن بوست"، عن "شعوره كمراسل جرائم حرب وابن عائلة مولت دولة ترتكب جرائم حرب"، في إشارة إلى الإبادة الجماعية في غزة.
الصورة

سياسة

قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، اليوم الخميس، إن أكثر من 100 مجندة إسرائيلية رفضن العمل في وحدة المراقبة بجيش الاحتلال إثر صدمة عملية "طوفان الأقصى"
الصورة
حجم الدمار الذي خلفه الاحتلال في خانيونس كبير (ياسر قديح/ فرانس برس)

مجتمع

عاد بعض أهالي مدينة خانيونس ليرووا ما شاهدوه من فظائع ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي قبل انسحابها منها. هؤلاء تحدثوا عن جثامين متحللة ودمار كبير في الممتلكات.

المساهمون