شركة إسرائيلية تطوّر كاميرات للتعرف على الوجوه وسط جدل عالمي واسع

شركة إسرائيلية تطوّر كاميرات للتعرف على الوجوه وسط جدل عالمي واسع

25 يناير 2022
تعمل الشركة على تطوير كاميرات للجسم قادرة على التعرف على الوجوه (Getty)
+ الخط -

يبدو أن مهمة الضابط السابق في الجيش الإسرائيلي داني تيرزا الذي شارك في تخطيط الجدار الأمني المثير للجدل في الضفة الغربية المحتلة، لم تنتهِ بعد، إذ إنه يعمل على تطوير أداة أمنية تقنية جديدة لا إسمنت فيها.

فشركة تيرزا "يوزموت"، تعمل على تطوير كاميرات للجسم، قادرة على التعرف على الوجوه، يمكن أن تساعد عناصر الشرطة على مسح الحشود واكتشاف المشتبه بهم في الوقت اللازم. لكن تثير مثل هذه التقنيات جدلاً واسعاً في العالم، وخصوصاً في ما يتعلق بقانونيتها، ما تسبب بتراجع شركات تكنولوجيا أميركية عملاقة عن توفير مثل هذه الأدوات للشرطة بسبب قيود تتعلق بالخصوصية.

أما تيرزا وغيره من المؤيدين للفكرة، فيشيدون بقدرتها على تعقب المجرمين أو المفقودين. ويقول خلال مقابلة مع وكالة "فرانس برس" في منزله في مستوطنة "كفار أدوميم" في الضفة الغربية: "ستعرف الشرطة من تواجه".

وقال تيرزا (63 عاماً) إنه يطمح بعقد شراكة مع شركة "كورسايت إيه آي" ومقرها تل أبيب، لتطوير كاميرا تسمح بالتعرف فوراً على الأشخاص بين الحشود، حتى لو كانوا يضعون أقنعة أو مستحضرات التجميل أو متخفين.

وصرح الرئيس التنفيذي لـ"كورسايت" روب واتس بأن شركته تعمل مع حوالى 230 عميلاً في "كل قارة" قاموا بدورهم بتطوير برامج قوية للتعرف على الوجه مرتبطة بالكاميرا، ومن هؤلاء الشرطة الأسترالية والبريطانية.

وتشير أرقام شركة "موردور إنتلجنس" المزودة لأبحاث السوق، إلى أن قيمة صناعة تقنيات التعرف على الوجه بلغت 3.7 ملايين دولار في 2020. وتوقعت الشركة نمواً متصاعداً قد يصل إلى 11.6 مليون دولار بحلول 2026.

وكان كلّ من "فيسبوك" و"مايكروسوفت" و"أمازون" و"أي بي إم" و"غوغل"، أعلن عن تجميد مؤقت أو ربما دائم لبيع برمجيات التعرف على الوجه إلى الجهات الرسمية.

والشهر الماضي، أمرت فرنسا شركة "كلير فيو أيه آي"، ومقرها الولايات المتحدة، بحذف بيانات عن مواطنيها.

وقالت السلطات الفرنسية إن الشركة الأميركية انتهكت الخصوصية عندما قامت ببناء قاعدة بيانات للتعرف على الوجوه، مستخدمة صورا "محملة" من شبكة الإنترنت

ويعتقد واتس أن تصرفات "كلير فيو" كانت "مثيرة للاشمئزاز"، مشيراً إلى أن "كورسايت" لا تبيع الصين أو روسيا أو ميانمار بسبب "حقوق الإنسان"، مؤكداً أن "ما نريد القيام به يتمحور حول تعزيز تقنية التعرف على الوجه كأداة من أجل الخير".

وتبلغ قيمة "كورسايت" السوقية حوالى 55 مليون دولار، ويتوقع واتس أن ترتفع إلى 250 مليونا مع نهاية العام الجاري.

سجل من الانتهاكات

وتواجه التكنولوجيا الإسرائيلية الأمنية عموماً، انتقادات عدة على خلفية برامجها التي تتهم بانتهاكها للخصوصية. وأعلن القضاء الإسرائيلي، مساء الخميس، فتح تحقيق في استخدام الشرطة برنامج التجسّس "بيغاسوس"، الذي تطوره شركة "إن إس أو"، بعد ورود معلومات بهذا الإطار في الصحافة المحلّية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أدرجت السلطات الأميركية شركة "إن إس أو" الإسرائيلية على القائمة السوداء، بعد اتهامها بالتجسس على الهواتف المحمولة دون إذن أصحابها. كما رفعت شركتا "فيسبوك" و"آبل" دعوى قضائية ضد الشركة التي أسسها ضباط إسرائيليون قدامى، بعد اكتشاف برنامج تجسّس خاص بها على هواتف معارضين وصحافيين في جميع أنحاء العالم.

وفي الأراضي الفلسطينية، كشفت مجموعات حقوقية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن السلطات الإسرائيلية اخترقت عبر "بيغاسوس"، الهواتف الذكية لستة ناشطين فلسطينيين.

ورغم ذلك، تتمسك الشركة الإسرائيلية بالتزام برنامجها بقواعد التصدير الخاصة بوزارة الدفاع الإسرائيلية.

كما وتلقى التقنيات الإسرائيلية للتعرف على الوجه الانتقادات أيضاً، ففي نوفمبر/تشرين الثاني أيضاً، أكد جنود إسرائيليون سابقون أنهم التقطوا صوراً لآلاف الفلسطينيين في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، بهدف بناء قاعدة بيانات للتعرف على الوجوه. مع ذلك تقوم الشركة بتسويق تقنياتها للجهات الرسمية.

وقال متحدث باسمها لـ"فرانس برس"، إن برنامجها يُستخدم على الحواجز التي تفصل بين إسرائيل والضفة الغربية، حيث يمرّ العمال الفلسطينيون إلى الدولة العبرية.

ويوضح واتس أنه في إسرائيل "لدينا عدد من العقود الحكومية"، لكنه رفض تحديد هويتها.

"احتلال متطوّر"

ويشيد تيرزا بدور التقنية الإسرائيلية على الحواجز، ويقول إن "الفكرة الأساسية هي التقليل من الاحتكاك بين الجنود والناس على الأرض".

ويعتبر الناشط الفلسطيني في مجال الحقوق الرقمية نديم ناشف أن استخدام إسرائيل لهذه التقنية تحديداً كان جزءاً من احتلال متطوّر، و"هيمنة" أقل على المساحات المادية/ و"سيطرة" أكبر على الفلسطينيين باستخدام التكنولوجيا الفائقة.

في 2002 كان تيرزا ضابطاً في الجيش الإسرائيلي/ وأوكلت إليه مهمة تصميم جدار أمني للحدّ من الهجمات الفلسطينية خلال الانتفاضة الشعبية الثانية.

ويتألف الجدار من مقاطع خرسانية شاهقة، وسياج حديدي في بعض مقاطعه التي تمتدّ إلى أكثر من 500 كيلومتر على طول الحدود بين الجانبين. ويقول الفلسطينيون إن بناءه استحوذ على نحو 10 في المائة من أراضيهم في الضفة الغربية المحتلة. كما قضت محكمة العدل الدولية بعدم قانونيته.

لكن الضابط الإسرائيلي السابق يرى أن الجدار أعاد تشكيل النزاع. وقال: "حتى بناء الجدار، اعتقد كثيرون أنه لا يمكن الفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

ويتوقع تيرزا أن يقدّم منتجه النهائي خلال عام، ولديه أمل مع بعض التردد بأن يسوقه للسلطات الرسمية في الولايات المتحدة والمكسيك. ويقول: "كانوا مهتمين جداً، ولكن الجميع يؤكد ضرورة مراجعة القوانين"، ويعتقد أن ذلك "ليس بعيداً جداً".

(فرانس برس)