سجناء سياسيون مضربون عن الطعام في السجون المصرية

سجناء سياسيون مضربون عن الطعام في السجون المصرية

08 سبتمبر 2023
سجن بدر في القاهرة، يناير 2022 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

في ظل فشل المشاركين في الحوار الوطني المصري من جانب المعارضة في تحقيق الانفراجة التي بشروا بها مع انطلاق الحوار قبل أشهر، المتمثلة في الإفراج عن المعتقلين السياسيين ووقف الاعتقالات، لجأ بعض المسجونين إلى الإضراب عن الطعام لإيصال صوتهم إلى العالم خارج المعتقل.

وزاد عدد المضربين عن الطعام من السجناء السياسيين في السجون المصرية إلى ثلاثة سياسيين أخيراً، وفقاً للمعلن رسمياً والمثبت لدى النيابة العامة، وهم الشاعر جلال البحيري، والناشر هشام قاسم، والكيميائي علاء الدين العادلي والد الناشطة السياسية فجر العادلي.

مضربون عن الطعام في السجون

وعاود البحيري الدخول في إضراب عن الطعام اعتباراً من 5 سبتمبر/أيلول الحالي، بالتزامن مع مرور عامين على الاعتقال التعسفي بحقه، بعد أن قضى عقوبة السجن مدة 3 سنوات، وذلك من أجل الحصول على حريته. وفي 5 مارس/آذار الماضي، كان البحيري قد بدأ إضراباً عن الطعام بمناسبة مرور خمس سنوات على اعتقاله في مصر، ثم في 1 يونيو/حزيران الماضي، توقف عن شرب الماء.

وبعد مدة وجيزة، اضطر إلى دخول المستشفى لأنه كان في حاجة إلى مساعدة طبية عاجلة. وفي 3 سبتمبر الحالي، أعلنت الناشطة السياسية فجر العادلي، المضربة عن الطعام أمام السفارة الألمانية في القاهرة، منذ أيام، أن والدها علاء الدين العادلي بدأ أيضاً في الإضراب عن الطعام، بينما لا معلومات رسمية لديها بشأن صحته ووضعه وظروفه المعيشية في محبسه.


ماهينور المصري: في السجن لا يملك السجين أي شيء إلا جسده، لأنه سلاحه الوحيد

كذلك الناشر هشام قاسم مضرب عن الطعام في محبسه منذ نقله إلى سجن العاشر من رمضان في 22 أغسطس/آب الماضي. وأخطر قاسم أسرته ومحاميه في 4 سبتمبر الحالي أنه بدأ إضراباً عن الطعام في 22 أغسطس احتجاجاً على ممارسات السلطات المصرية تجاهه، التي تهدف إلى التنكيل به واغتياله معنوياً منذ إعلانه تأسيس التيار الحر في مطلع يونيو الماضي.

وسُجن قاسم احتياطياً في 20 أغسطس الماضي، على ذمة قضية سب وقذف واعتداء لفظي على موظفين عموميين. وحُدّد 2 سبتمبر موعداً لأولى جلسات محاكمته، قبل تأجيله إلى غد السبت.

الناشطة ماهينور المصري اعتبرت في حديث لـ"العربي الجديد" أن "طول الوقت كان الإضراب عن الطعام أداة للسجناء، وكانت تحدث إضرابات واسعة مثل ما حدث في 2014 (إضراب جبنا آخرنا)، ولا ننسى إضراب علاء عبد الفتاح الأخير، والشاعر جلال البحيري، وهذا ليس أول إضراب له. حتى في وقت كورونا، كان هناك إضراب من عدد كبير من السجناء، في محاولة مستميتة للضغط من أجل الخروج من السجن".

سلاح السجين هو جسده

وأضافت المصري: "في السجن لا يملك السجين أي شيء إلا جسده، لأنه سلاحه الوحيد، وطبعاً كلنا نعلم أن هذا مستلهم من إضراب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، لكن في مصر، لا يوجد حتى اعتراف حقيقي بالإضراب، إذ ترفض إدارة السجن إثبات الإضراب، رغم المحاولات المستميتة".

وتابعت: "للأسف السلطة في مصر لا تأبه لحيوات مواطنيها، ولكن ما يفعله المعتقلون من إضراب هو فعل قمة في الشجاعة والتجرد والأمل أيضاً، وهو آخر خيط للتمسك بالحياة والحرية".

من جهته، رأى الباحث السياسي حسام الحملاوي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "المعتقلين في السجون المصرية بشكل عام خياراتهم في المقاومة خلال الاعتقال محدودة جداً، نظراً للبطش والتنكيل الشديد بحقهم".

وأضاف أن "الإضراب عن الطعام والإعلان عن ذلك على أوسع نطاق غالباً يكونان الخيار الوحيد في أيديهم، سواء لتحسين ظروف حبسهم، أو المطالبة بالإفراج عنهم، ويلعبان دوراً مع المعتقلين في قضايا منسية نسبياً، إذ يخلقان ضجة وتضامنا واسعا لمحاولة الضغط على النظام للاستجابة لمطالبهم".



حليم حنيش: الإضراب عن الطعام دائماً ما يكون آلية يلجأ إليها السجناء عندما ييأسون

بدوره، قال الحقوقي حليم حنيش، لـ"العربي الجديد"، إن "الإضراب عن الطعام دائماً ما يكون آلية يلجأ إليها السجناء عندما ييأسون، ولا نستطيع القول إنه سلاح جديد داخل السجون المصرية، فعلى سبيل المثال، هذا الإضراب هو الرابع من نوعه للبحيري".

وأعرب عن أسفه لأن "الإضراب هو خيار اليائسين داخل السجون، من الذين لا يستطيعون مقاومة الظلم، أو رفع أصواتهم، ويضطرون إلى الإضراب عن الطعام، والإضرار بصحتهم الجسدية والنفسية من أجل أن يسمعهم أحد. الإضراب بمثابة صرخة مظلوم ضاقت به كل السبل، حتى وجد هذه الآلية".

وأضاف حنيش: "غالباً لم يكن الإضراب الكلي عن الطعام هو أول إجراء يقوم به المظلومون، بل يبدأون بإجراءات أخرى، مثل الإضراب عن الزيارة، والإضراب الجزئي عن الطعام، حتى يصل المعتقل إلى الإضراب الكلي عن الطعام".