زيارة ميركل إلى واشنطن.. تعزيز العلاقات الثنائية وتجاوز مرحلة ترامب

زيارة ميركل إلى واشنطن.. تعزيز العلاقات الثنائية وتجاوز مرحلة ترامب

14 يوليو 2021
انغيلا ميركل هي أول زعيم أوروبي يستقبله جو بايدن بواشنطن منذ توليه السلطة (Getty)
+ الخط -

تغادر المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، الأربعاء، في زيارة عمل رسمية إلى واشنطن، وستكون ميركل أول زعيم أوروبي يستقبله الرئيس الأميركي، جو بايدن، في البيت الأبيض منذ توليه منصبه في يناير/كانون الثاني الماضي، ومن المقرر إجراء مباحثات ثنائية واجتماع موسع يليه مؤتمر صحافي مشترك بين الزعيمين. 

ومن الملفات التي ستتصدر المحادثات خط أنابيب نورد ستريم 2 المثير للجدل على بحر البلطيق والعلاقة مع الصين وروسيا وميزانية حلف الأطلسي، وسيكون ملف حماية المناخ ومكافحة جائحة كورونا حاضراً، إضافة لتحديد مجالات زيادة التعاون مستقبلاً، وستنال ميركل الدكتوراة الفخرية، وهي رقم 18 خلال مسيرتها السياسية، من جامعة جونز هوبكنز.

وعن أهمية الزيارة، قالت صحيفة "فرانكفورترألغماينه" الألمانية: "يبدو واضحاً أن بايدن يريد إصلاح العلاقات مع ألمانيا التي كانت متوترة بشدة في عهد سلفه دونالد ترامب، ولا سيما أن هناك محاولات من قبل الحكومتين في واشنطن وبرلين لإيجاد حل وسط بشأن مشروع الغاز نورد ستريم 2"، وكان بايدن أرسل أخيراً إشارة ودية إلى ألمانيا، وتسبب في مشاكل مع كلا الحزبين في الكونغرس، بعد أن تنازل مؤقتاً عن العقوبات المفروضة على خط الغاز نورد ستريم 2. 

وسيتحدث بايدن إلى ميركل لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الصين، علماً أن بكين أهم سوق خارجي من المنظور الألماني حالياً، حيث بلغ حجم التبادل الألماني الصيني في العام 2020 للصادرات والورادات مجتمعة وفقاً لمكتب الاحصاء الفيدرالي 212,6 مليار يورو.

وكانت المتحدثة باسم البيت الابيض، يان بساكي، قالت أخيراً أن الزيارة تطلعية وتتعلق بموضوعات لم يتم البت بها بعد، ويجب توضيحها مع المستشارة، لافتة إلى أنه وبخصوص نورد ستريم 2 ، فإن بايدن لا يزال يعتبر "خط أنابيب الغاز الألماني الروسي صفقة سيئة تجلب معها مشاكل عالمية"، وبالطبع سيكون جزءاً من النقاشات، وأصبح الخلاف حول خط الغاز أكثر تعقيداً منذ تولي الديمقراطي بايدن المنصب الرئاسي، وهناك تفاوض منذ أسابيع بين الجانبين على كيفية إيجاد مخرج مرض وتنحية المشاكل التي تعترض التنفيذ.

وعن ذلك، قال الكاتب كلاوس هولفرشايدت في صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" إنه من الخطأ "الاعتقاد أنه وبعد فوضى ترامب التي استمرت أربع سنوات، يمكن أن تنتقل السياسة الاقتصادية وببساطة من حيث توقفت في العام 2017 في عهد باراك أوباما، فالولايات المتحدة تغيرت وتغير العالم، وسيتعين على ألمانيا أن تتغير"، مضيفاً أنه ورغم أن أميركا في عهد بايدن أصبحت أكثر ودية وذات نبرة تصالحية وأكثر استعداداً لتقديم التنازلات، لكنها تواصل اتباع سياسة اقتصادية موجهة بشكل صارم مع تفضيل المصلحة الوطنية، ويظهر هذا على سبيل المثال من خلال برنامج الرئيس "اشتر بضاعة أميركية" والذي يختلف فقط في اسم شعار ترامب "أميركا أولاً". ويضع بوضوح الشركات الأوروبية في وضعية غير مواتية مقارنة بالمنافسين الأميركيين عندما يتعلق الأمر بمنح عقود حكومية أميركية، حتى أن الأمر نفسه ينطبق على الرسوم الجمركية على الصلب الأوروبي، والتي بقيت سارية حتى بعد رحيل ترامب رغم أن بايدن يعرف أن الضرائب تسببت بأضرارعلى الاقتصاد الأميركي أكثر من نفعها، ومن الظاهر أنه يستخدمها كرافعة سياسية.

وحيال ذلك رأى البروفسور في العلوم السياسية والاقتصادية، هانريك مولر، في صحيفة "شبيغل أونلاين"، أنه ومع عودة المحترفين في العمل إلى الإدارة الأميركية، هناك سعي لتحقيق أهداف استراتيجية واسعة النطاق ولديهم خطة واضحة لتنفيذها، وبعد زيارة بايدن إلى أوروبا كان واضحاً أن أميركا تريد أن تهيمن مرة أخرى على أجندات مجموعة السبع وحلف الأطلسي. وأمام هذا على الاتحاد الأوروبي الرد على ذلك، إما من خلال تضمين التعريفات العقابية كأداة عادية في سياسته، أو من خلال إيجاد طرق أخرى لمواجهة الضغط الأميركي، خاصة بالنسبة لألمانيا كدولة مصدرة.

وشدد مولر على أن الصين وروسيا تستفيدان من الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي وبينه وبين الولايات المتحدة، فهما تريدان السخرية من الديمقراطية وتقويضها واستبدالها بنظام استبدادي لا تلعب فيه حقوق الإنسان دوراً وتكون حماية البيئة في أفضل الأحوال كشعار للصورة فقط ، ليخلص إلى أنه لا يمكن استعادة النظام التجاري العالمي العادل، إلا اذا كان الغرب متحداً وكانت الأفكار الديمقراطية الحرة جذابة للغاية لبلدان العالم. 

ويرى مولر أن التحالف الوثيق مع أميركا مهم بالنسبة لألمانيا لكن ذلك لا يكفي لأنه، ورغم مرور ستة شهور على رحيل ترامب، فإن الولايات المتحدة أصبحت كياناً هشاً يمكن أن ينهار مرة أخرى مع انتخابات الكونغرس العام المقبل، ولذلك تحتاج ألمانيا وأوروبا إلى إطار اقتصادي وسياسي يعتمد على التعاون مع الولايات المتحدة، رغم أنه متماسك نسبياً في أوروبا. واعتبر مولر أن ضعف أوروبا هو نتيجة سلبية لألمانيا، التي تتصرف وكأنها لا تملك خياراً سوى التكيف مع الظروف الدولية والاستفادة منها، إلا أن هذا خطأ، فألمانيا دولة صاحبة حضور دولي واقتصاد قوي ومن المحتمل أن تكون ذات نفوذ وتقوم بدور قيادي بناء.

المساهمون