تواترت زيارات قائد القوات الأميركية في أفريقيا، ستيفن تاونسند، إلى تونس، حيث التقى، أمس الجمعة، قادة عسكريين في البلاد، وأكد الوفد العسكري الأميركي أنّ تونس منخرطة في المجهود الدولي للمحافظة على أمن المتوسط واستقراره.
وكان تاونسند زار تونس في سبتمبر/أيلول الماضي، حيث التقى الرئيس التونسي قيس سعيد.
وجمع لقاء أمس الجمعة، القائد الأعلى للقيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا، الجنرال ستيفن تاونسند، والقائم بالأعمال في السفارة الأميركية في تونس، غريغوري لوجيرفو، وعددا من القادة العسكريين التونسيين على متن حاملة الطائرات "يو. إس. إس دوايت دي أيزنهاور".
وأكد بيان لوزارة الدفاع التونسية، أمس الجمعة، أنّ هذا اللقاء يجسد الشراكة القوية بين تونس والولايات المتحدة، من خلال التدريبات المشتركة لتطوير قدرات جيشي البلدين، بما يمكّنهما من مجابهة التهديدات، حفاظاً على أمن المتوسط.
وأعلنت السفارة الأميركية في تونس، في بيان، أنّ هذا اللقاء "يأتي لتباحث الجهود المشتركة، وتعزيز التعاون الثنائي بين تونس والولايات المتحدة، في مجال الأمن البحري بالبحر الأبيض المتوسط".
وقال ستيفن تاونسند، "نعمل سويّاً على تعزيز أمن تونس، وبالتالي أمن المنطقة ككل"، مضيفاً أن التركيز سيكون على المجال البحري وعلى الاهتمامات المتعلقة بالأمن.
2/2 وعبّر الجنرال تاونسند قائلا "كحلفاء، نعمل سويّا على تعزيز أمن تونس، وبالتالي أمن المنطقة ككل. نسلّط الضوء اليوم على الانتباه الى المجال البحري وعلى الاهتمامات المتعلقة بالأمن البحري". #أصدقاء_شركاء_حلفاء 🇺🇸🇹🇳 #FriendsPartnersAllies @USArmy@DeptofDefense@USNavyEurope
— U.S. Embassy Tunis (@usembassytunis) March 26, 2021
ويُجمع خبراء عسكريون على أن التعاون العسكري الأميركي التونسي قديم، وأنّ التحديات الإقليمية ومقاومة الإرهاب تفرض رفع درجات اليقظة، لأنّ عودة الاستقرار في ليبيا مثلاً قد تدفع المرتزقة إلى الفرار إلى مناطق أخرى لتشكيل بؤر نشاط جديدة.
وفي هذا السياق، أكد الخبير الأمني والعسكري فيصل الشريف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "عديد التحديات، ومنها تنامي الهجرة والتهديدات الإرهابية، تشكل تهديداً للأمن القومي، وبما أنّ تونس بلد حليف لأميركا بالإضافة إلى المغرب وعدة دول أخرى، فإنّ أميركا لديها استراتيجية متكاملة لمقاومة الإرهاب، وهي عادة تمنح الإمكانيات المادية والتقنية للدول التي ستتعاون معها".
وأضاف الشريف أنّ الزيارات المتتالية لقائد القوات الأميركية إلى تونس "تأتي في هذا الإطار"، مذكّراً بأنّ التعاون العسكري الأميركي "يعود للعام 1956، فمنذ عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة كان التوجه نحو الولايات المتحدة، من حيث تدريب الجيش التونسي، وهناك عدة ضباط تكوّنوا في مدارس أميركية".
ولاحظ الخبير ذاته، أنّ الصفقة الأخيرة التي عقدتها وزارة الدفاع، في إبريل/نيسان الماضي، كانت مع أميركا وخصصت لاقتناء طائرات قتالية، ومنها طائرات "بلاك هوك".
وأكد الشريف أنّ "التركيز على أمن المتوسط يعود إلى التهديدات المباشرة، فليبيا تتجه نحو الاستقرار السياسي بعد المصادقة على الحكومة، ولكن الأمم المتحدة تتابع بانشغال موضوع المرتزقة والإرهابيين الذين سيغادرون ليبيا، بعضهم قد يتجه إلى تركيا وجزء هام سينتشر في منطقة الساحل، ومن هنا لابد من دعم الدول المهددة لتأمين حدودها"، مذكراً بأنّ تونس لديها حدود مع ليبيا بطول 470 كيلومتراً.
وتابع الخبير ذاته، أنّ "التعاون يشمل الدعم اللوجستي والتقني، وأميركا لديها ثقة في المؤسسة العسكرية التونسية، وهي بصدد ترسيخ هذا التعاون"، مضيفاً أنّ تونس "تفصل الحوض الشرقي عن الغربي، وموقعها استراتيجي في منطقة المتوسط، ولهذا فهناك حرص على توثيق التعاون مع تونس، وحماية منطقة المتوسط، وتأمين منطقة الساحل، خاصة النيجر ومالي، خوفاً من أن تتحول إلى بؤرة لداعش بعد سورية".
وأشار إلى أنّ التعاون هو "أساساً للتوقي من الإرهاب، ففي ظل وجود تهديدات إرهابية مباشرة في المتوسط، تبقى تونس حليفاً استراتيجياً لأميركا"، مؤكداً أنّ سياسة الولايات المتحدة مع الرئيس جو بايدن "تتواصل في هذا الاتجاه، وبهذا التعاون تؤكد أنها تحافظ على نفس الاتجاه، وهي إشارة إلى مواصلة الدعم والتعاون".
من جانبه، أوضح الخبير العسكري المتقاعد مصطفى صاحب الطابع، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ التركيز على أمن المتوسط يأتي نظراً للمخاطر الأمنية والتهديدات الإقليمية، مؤكداً أنّ التعاون العسكري التونسي الأميركي قديم جداً، وهناك اجتماعات دورية وروتينية.
ولفت صاحب الطابع إلى أنّ التركيز على مقاومة التهديدات البحرية يعود إلى طول الشريط الساحلي التونسي (1200 كيلومتر) وهو ما يتطلب اليقظة ومزيدا من الانتباه، مشيراً إلى أنّ تونس لديها تقريباً 4000 بحري و"هذا العدد غير كاف لتأمين كامل الحدود البحرية، وهو ما أدى إلى تفشي عديد الظواهر كالهجرة السرية"، مشدداً على أنّ المحافظة على أمن المتوسط "ضرورية".
وأكد أنّ لقاء سعيد بالقائد الأميركي في سبتمبر/أيلول، جاء للتنسيق لهذا التعاون على أعلى مستوى.
وأضاف المتحدث أنه "حان الوقت لتغيير عديد الاستراتيجيات بخصوص الجيش الوطني، لأن الحروب تغيرت، ومقاومة الإرهاب طرحت تحديات جديدة"، مشيراً إلى أنّ "تطور العقليات يتطلب مزيدا من التكوين وتنظيم الجيش، خاصة أن هناك خبرات يمكن الاستئناس بها".