ريشي سوناك.. أول رئيس حكومة بريطاني من أصول مهاجرة

ريشي سوناك.. أول رئيس حكومة بريطاني من أصول مهاجرة

24 أكتوبر 2022
ملفات شائكة بانتظار سوناك (Getty)
+ الخط -

فاز ريشي سوناك في السباق إلى زعامة "حزب المحافظين" ومنه إلى رئاسة الحكومة. وكان يمكن لفوزه أن يكون رنّاناً قبل شهرين أو في انتخابات عامة، وكان يمكن للعناوين العريضة في الصحف أن تحتفي بأول رئيس حكومة "غير أبيض" كما يقول البريطانيون، أي أنه منحدر من أقليات عرقية، وأيضا بأصغر زعيم (42 عاماً) بعد توني بلير، الذي وصل إلى الحكم في عمر الـ43. لكن الظروف شاءت أن يصل سوناك بعد اجتهاد لافت إلى "داونينغ ستريت" وسط الكثير من الارتباك السياسي والاقتصادي، والحزبي أيضاً. ومع أنه حصل على دعم أكثر من نصف عدد نوّاب البرلمان؛ فإن العدد المتبقّي منقسم وتبدّده خلافات أساسية وقد يحلو له أن يثور ويتمرّد وينقلب عند أقرب فرصة متاحة. الفرص اليوم تبدو أوفر من السابق نظراً للأزمة الاقتصادية وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار الطاقة والوقود والحرب الروسية المستمرة وملفّات داخلية عالقة.

وفور أن أعلن بوريس جونسون، البارحة ليلاً، عن انسحابه من السباق، حتى التفّ حلفاؤه على وزير المالية السابق ريشي سوناك. أما الأسواق فلم تستسلم لهذا الهجوم الشرس، بل انتعشت مع انسحاب جونسون وارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.3% مقابل الدولار و0.6% مقابل اليورو. وحتى وإن كانت مؤشرات السوق حقيقية في الميزان الاقتصادي، فإن "حزب المحافظين" يبدو مصرّاً أكثر من أي وقت مضى على منح المصالح الشخصية الأفضلية على المصلحة العليا.

وليس إصرار موردونت على خوض السباق برغم الفارق الكبير في عدد الأصوات بينها وبين سوناك، سوى أحد المؤشرات على تلك الانقسامات التي تنخر صفوف الحزب بكل أجنحته، وليس الهجوم العنيف على سوناك سوى أحد تجليات المأزق الذي يعيشه حزب يكافح للبقاء حتى الانتخابات القادمة.

وبغض النظر عن النوايا التي تغلّف تخوّفات حلفاء جونسون من فوز سوناك؛ فإن بعض تلك التخوّفات صحيح. فسوناك ليس شخصية توافقية، وقد يزيد من الانقسامات في الحزب، وهو المتهم بالخيانة، وربما يضاعف فرص إجراء انتخابات مبكّرة.

ومن شأن هذا العداء العلني له أن يصعّب مهمّته في مواجهة حزب "غير قابل للحكم" كما قال حليف جونسون والنائب كريستوفر شوب. ويعتقد البعض أن الزعامة اليوم "محرقة"، وأن ليز تراس لم تفشل بسبب سياساتها الخاطئة فقط، بل بسبب مأزق الحزب وعدم قدرته على توحيد صفوفه.

ينتظر الآن ملايين الناخبين الإعلان عن الاستراتيجية الاقتصادية لرئيس الحكومة الجديد، وهو المتهم من "حزب العمال" المعارض بعدم امتلاك أي خطة، حيث وجّهت له انتقادات لاذعة "لتسلّمه مفاتيح البلاد دون أن يتفوّه ولا بكلمة واحدة عن الكيفية التي سيحكم بها"، خاصة وأن لجنة عام 1922 تجنّبت سباقاً تقليدياً كالذي جرى قبل شهرين تفادياً للمزيد من الفوضى.

كما ينتظر المراقبون التشكيلة الحكومية التي سيعلن عنها سوناك في وقت لاحق بعد أن يلتقي بالملك تشارلز الثالث، وتشير المعطيات إلى أنها قد تكون تشكيلة إنقاذية، بحيث تعكس بعض التنوّع في سعي إلى توحيد الصفوف. ومن المتوقع أن يحتفظ المستشار ووزير المالية جيرمي هانت بمنصبه وهو الحليف لسوناك، كما من المتوقع أيضاً أن يبقى وزير الدفاع بن والاس في منصبه. يُذكر أن بريتي باتيل، وزيرة الداخلية المستقيلة من حكومة تراس، أعلنت قبل يومين عن دعمها لجونسون، إلا أنها عدّلت موقفها بعد انسحابه من السباق وأعلنت عن دعمها لسوناك، كذلك الأمر مع النائب نديم زهاوي الذي دعم سوناك بعد دعمه للزعيم السابق.

يبقى أن أياماً وأسابيع صعبة بانتظار سوناك على كل الأصعدة، إن كان في قلب الحزب أو في المحيط الأوسع لدى الناخبين البريطانيين أو على الساحة الدولية. عوامل كثيرة ستتحكّم بنجاحه أو بفشله، على رأسها قدرة أعضاء الحزب على تنحية مشاكلهم وتوحيد صفوفهم ودعم زعيمهم الجديد وتضييق الطريق أمام ثورات جديدة أو انقلابات.