ردود فعل لبنانية غاضبة من التصريحات الإيرانية وموقف رسمي "خجول"

ردود فعل لبنانية غاضبة من التصريحات الإيرانية وموقف رسمي "خجول"

03 يناير 2021
تصريحات حاجي زاده على قناة "المنار" اعتبرت "مساساً بسيادة لبنان" (Getty)
+ الخط -

أثارت تصريحات قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني أمير علي حاجي زاده، أمس السبت، لقناة "المنار" اللبنانية التابعة لـ"حزب الله" حول تقديم إيران الدعم، بما فيه الصاروخي، للبنان وغزة، بوصفهما خطا أماميا لمواجهة العدو الإسرائيلي، ردود فعل لبنانية غاضبة، وسط صمتٍ رسمي أولي، قبل أن تخرقه تغريدة غير مباشرة للرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الأحد.

وغرّد الرئيس عون عبر "تويتر" كاتباً "‏لا شريك للبنانيين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره".

ولمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاغتيال واشنطن قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، والقيادي في "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس قرب مطار بغداد الدولي، تحدث الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، مساء اليوم الأحد، متطرقاً إلى عددٍ من الملفات السياسية. أصدر خلالها مواقف واضحة ومباشرة حول طبيعة العلاقة مع إيران، وطريقة تحريف كلام زاده للانقلاب على "حزب الله" لبنانياً، وحتمية مواجهة العدو الإسرائيلي والردّ عليه عند أي انتهاك.

واتهم نصر الله وسائل إعلام لبنانية بتحريف كلام زاده، مشيراً إلى أنه لم يقل إن لبنان "جبهة أمامية لإيران، بل لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي".

وشدد على أن "المقاومة هي الوحيدة القادرة على حماية الثروات النفطية للبنان بفضل سلاحها والدعم الإيراني والسوري"، لافتاً إلى أنّه "لا يمكن مساواة من دعمنا بالموقف والمال والسلاح ووقف إلى جانبنا، مع من يتآمر علينا ويدعم العدو، ويقول للإسرائيليين لا توقفوا الحرب قبل سحق المقاومة".

وأشار نصر الله إلى أن هناك قلقاً كبيراً في المنطقة والخليج، وكذلك إسرائيل التي أعلنت رفع الجهوزية في هذه الذكرى، لافتاً إلى أنّ المنطقة في حالة توتر شديد.

وقال إن إيران في حال أرادت الرد على الاغتيال فهي سترد عسكرياً أو أمنياً، وإنها "قوية وتحدد التوقيت المناسب للردّ، وكذلك أصدقاؤها يقرّرون إذا أرادوا الردّ على الجريمة"، لافتاً إلى أن "محور المقاومة استطاع أن يستوعب الضربة الكبيرة، والولايات المتحدة افترضت أنها باغتيال سليماني ستضعف إيران والمحور، لكننا نعرف كيف نحوّل التهديد إلى فرصة".

وعرّج نصر الله على العقوبات الأميركية التي تفرضها وزارة الخزانة على شخصيات وكيانات تابعة لـ"حزب الله" وحليفة له، ووضعها في خانة "الحرب النفسية التي ستبقى من دون أي تأثير".

كذلك، تطرق نصر الله إلى الملف الحكومي الذي سيدخل في تفاصيله خلال كلمة له في الأيام القليلة المقبلة، كما اتهم قنوات إعلامية بتلقي مئات آلاف الدولارات من أميركا، بهدف إعداد تقارير عن جمعية "القرض الحسن" التابعة لـ"حزب الله".

وبالعودة إلى التصريحات الإيرانية، شددت اللجنة المركزية للإعلام في "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه النائب جبران باسيل، في بيان اليوم، على "حق اللبنانيين في الدفاع عن سيادتهم وأرضهم وثرواتهم في مواجهة أي اعتداءٍ من جانب إسرائيل أو غيرها"، معتبرةً أن "اللبنانيين معنيّون بالحفاظ على حرية لبنان وقراره وسيادته واستقلاله، وأن المقاومة التي يمارسها اللبنانيون دفاعاً عن أرضهم يجب أن تخدمَ دائماً هذه الأهداف دون سواها، وأن أي دعم يتلقونه لا يجوز أن يكون مشروطاً بالتنازل عن السيادة الوطنية أو بالانغماس في ما لا شأن لهم به".

ولم يمرّ البيان مرور الكرام عند مناصري حزب الله، فكان تراشق التغريدات، واتهامات التخوين التي دائماً ما تتخلل كثيرًا من القضايا التي يختلف عليها الطرفان، والتي يحرص الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، كما باسيل، على وضعها في خانة الاختلافات الطبيعية في ملفات معينة، وأن التحالف بينهما لا يعني أنهما تحوّلا إلى حزب واحد. وأكد مصدر في "التيار الوطني الحر"، لـ"العربي الجديد"، أن موقف باسيل والتيار بشكل عام واضح جداً بدعم المقاومة للدفاع عن لبنان فقط، بوجه العدو، والبيان الصادر اليوم ليس بكلام جديد.

من جهته، أعاد رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري نشر تغريدة مستشاره الإعلامي حسين الوجه عبر "تويتر"، التي قال فيها "يصرّ بعض المسؤولين الإيرانيين على التعامل مع لبنان كمقاطعة إيرانية، ويحاولون زج الشعب اللبناني في حروب النظام الإيراني المفتوحة مع المجتمع الدولي"، مشدداً على أنّ "لبنان لم ولن يكون الخط الأمامي في المواجهة عن إيران، واللبنانيون لن يدفعوا أثماناً عن النظام الإيراني"، مضيفاً "لبنان بلد عربي ملتزم بمواثيق جامعة الدول العربية وهو سيد وحر ومستقل".

وعبّر لبنانيون عن غضبهم من التصريح الإيراني الذي اعتبروه بمثابة خرقٍ لسيادة لبنان وأرضه، واستنكروا غياب أي موقف رسمي حاد من السلطات اللبنانية ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة، المحسوب على "التيار الوطني الحر"، وطالبوه باستدعاء السفير الإيراني لدى لبنان محمد جلال فيروزنيا، لسؤاله حول الكلام الصادر عن الحرس الثوري.

وتوالت المواقف السياسية المعارضة لـ"حزب الله"، الداعية إلى ضرورة وضع حد لسلاحه ونأي لبنان فعلياً بنفسه عن صراعات المنطقة، التي تؤثر سلباً على علاقاته عربياً ودولياً، ويدفع اللبنانيون، كما البلاد، ثمنها باهظاً اقتصادياً وأمنياً.

كما كانت لتغريدة رئيس الجمهورية حصّة من هذه المواقف، من بينها ما صدر عن نواب في "القوات اللبنانية" (يرأسه سمير جعجع)، إذ غرّد النائب بيار بو عاصي، متوجهاً لعون: "كان حريّا بك القول إن لا شريك للدولة اللبنانية في حفظ استقلال الوطن وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره، هذا إن كنت تعتبر أن الدولة التي ترأسها هي دولة الشعب".

ردود الفعل لم تقتصر على التصريحات الإيرانية، بل طاولت أيضاً وضع مجسّم لقاسم سليماني في منطقة الغبيري في بيروت، وتعليق صوره والأعلام الإيرانية في عدد من البلدات اللبنانية المحسوبة على "حزب الله"، وخصوصاً في الضاحية الجنوبية للعاصمة وطريق المطار، في المقابل، جرى إحراق بعضها في بريتال البقاعية.

المساهمون