رئيس وزراء قطر أجرى محادثات مع زعيم "طالبان" خلال زيارته أفغانستان

رئيس وزراء قطر أجرى محادثات مع زعيم حركة طالبان خلال زيارته أفغانستان

31 مايو 2023
قطر تواصل مساعي الوساطة مع "طالبان" (تويتر)
+ الخط -

نقلت وكالة رويترز، اليوم الأربعاء، تفاصيل أكثر عن الزيارة التي أجراها رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في 12 مايو/ أيار الجاري، والتقى خلالها مسؤولين أفغاناً في حكومة تصريف الأعمال التي تقودها حركة "طالبان" بولاية قندهار الأفغانية جنوبي البلاد.

وقالت "رويترز" نقلاً عن مصدر مطلع إنّ رئيس مجلس الوزراء القطري أجرى محادثات سرية مع زعيم "طالبان" هبة الله أخوند زادة حول سبل تهدئة التوترات مع المجتمع الدولي، معتبرة أنّ ذلك يشير إلى رغبة حكام أفغانستان في مناقشة سبل إنهاء عزلتهم.

وأضافت، وفق المصدر ذاته، أنه جرى إطلاع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على أمر الاجتماع وأنها "تنسق بشأن كل القضايا التي أثيرت في المحادثات" بين الجانبين مع قطر بما يتضمن إجراء المزيد من الحوار مع "طالبان".

وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه إنّ رئيس مجلس الوزراء القطري أثار قضايا أخرى مع زعيم "طالبان"، من بينها ضرورة إنهاء الحظر الذي فرضته الحركة على تعليم الفتيات وتوظيف النساء.

وكانت وكالة الأنباء القطرية "قنا" قد ذكرت خلال اليوم الذي أُجريت فيه الزيارة أنّ الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عقد اجتماعاً مع رئيس الوزراء في الحكومة الأفغانية، محمد حسن أخوند، مضيفة أنه "جرى خلاله استعراض سبل دعم أفغانستان للتخفيف من آثار أزماتها الراهنة، لا سيما على الصعيدين الإنساني والاقتصادي".

وأكد رئيس مجلس الوزراء القطري، بحسب "قنا"، "دعم دولة قطر الثابت لكافة أطياف الشعب الأفغاني الشقيق، واستمرار مساعيها لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار والعيش الكريم في أفغانستان".

بدوره، نشر المتحدث باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، آنذاك، صوراً للزيارة، موضحاً أنّ الوفد القطري الذي تواجد ضمنه رئيس جهاز أمن الدولة القطري عبد الله بن محمد الخليفي، أكد و"طالبان" على "أهمية تعزيز العلاقات الثنائية وزيادة الثقة بين البلدين وتطوير التعاون في مختلف المجالات، مثل التعليم والصحة والاقتصاد".

دعم أميركي

وقالت "رويترز" إنّ الاجتماع يمثل نجاحاً دبلوماسياً لقطر التي انتقدت القيود التي فرضتها "طالبان" على النساء، بينما استغلت صلاتها القائمة منذ فترة طويلة مع الحركة للسعي إلى تواصل أكبر من المجتمع الدولي مع كابول.

واستضافت قطر محادثات السلام بين "طالبان" والحكومة الأفغانية السابقة، ولعبت دوراً مهماً في العملية التي أدت إلى اتفاق الدوحة الموقّع بين "طالبان" والولايات المتحدة في 29 فبراير/ شباط 2020.

وقادت الولايات المتحدة حملة لمطالبة حركة طالبان بإنهاء الحظر على تعليم الفتيات وتوظيف النساء، وبأن تشمل الحكومة الأفغانية شخصيات من خارج صفوف الحركة.

وبحسب "رويترز"، تشير تصريحات المصدر إلى أنّ واشنطن دعمت رفع مستوى المحادثات، بعدما لم تسفر محادثات على مستوى أدنى عن تحقيق نتائج، على أمل التوصل لانفراجة لإنهاء الحظر الوحيد من نوعه في العالم وتخفيف حدة الأوضاع الإنسانية المتردية والأزمة المالية التي تسببت في دفع ملايين الأفغان للجوع والبطالة.

عرقلت القيود المفروضة على تعليم النساء وتوظيفهن المساعدات الإنسانية، وهي من الأسباب الرئيسية لعدم اعتراف أي دولة بحكم "طالبان" منذ تولي الحركة السلطة في أفغانستان في أغسطس/ آب 2021 بعد انهيار حكومة كانت مدعومة من الغرب لدى انسحاب آخر دفعة من القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة من البلاد بعد عقدين من الحرب.

وذكر تقرير من الأمم المتحدة تم تقديمه في مارس/ آذار لمجلس حقوق الإنسان في جنيف أنّ معاملة "طالبان" للنساء والفتيات قد تصل إلى حد الجرائم ضد الإنسانية. وتقول "طالبان" إنها تحترم حقوق النساء بما يتسق مع تفسيرها للشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد الأفغانية.

إنهاء العزلة

ولم يبد أخوند زادة استعداداً يذكر للتوصل لحل وسط بشأن ذلك، لكن اجتماعه مع رئيس مجلس الوزراء القطري يشير إلى أنه منفتح على استكشاف سبل إنهاء عزلة أفغانستان وتعزيز برامج الإغاثة مع انزلاق البلاد أكثر في دائرة الجوع والفقر.

وقال المصدر "الاجتماع كان إيجابياً للغاية"، وإن أخوند زادة "مهتم جداً" بمواصلة الحوار مع المجتمع الدولي.

لكن اعتراف دول أخرى في نهاية المطاف بإدارة "طالبان" ليس مضموناً حالياً بالنظر لمعاملة الحركة للنساء وسجلها المتعلق بحقوق الإنسان. ولا يزال أعضاء بارزون في إدارة الحركة يخضعون لعقوبات أميركية ودولية.

وقال المصدر إنّ الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أثار مع أخوند زادة ضرورة رفع الحظر المفروض على تعليم الفتيات وتوظيفهن بما يتضمن عدم منعهن من العمل مع وكالات الأمم المتحدة ووكالات إغاثة أخرى.

وتعِد إدارة "طالبان"، منذ يناير/ كانون الثاني، بإصدار إرشادات مكتوبة تسمح بعمل موظفات أفغانيات في وكالات إغاثة.

ومنعت حركة طالبان، في مارس/ آذار 2022، الفتيات من تلقي التعليم في المرحلة الثانوية ووسعت نطاق هذا الحظر ليشمل الجامعات في ديسمبر/ كانون الأول.

وتقول الحركة إنها ستتيح التعليم الثانوي للفتيات عندما يتم الوفاء بما وصفته بأنه "شروط" تشمل وضع منهج دراسي إسلامي.

قال المصدر إنّ الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وأخوند زادة ناقشا أيضاً جهود معالجة الأزمة الإنسانية الأفغانية.

وتقول الأمم المتحدة إنّ نحو ثلاثة أرباع سكان أفغانستان البالغ عددهم 40 مليون نسمة يحتاجون لمساعدات وحذرت من أن التمويل ينفد.

وأضاف المصدر أنّ الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أثار مع أخوند زادة مسألة "الجهود المتواصلة على الأرض" التي تبذلها "طالبان" لمكافحة الإرهاب في إشارة على ما يبدو إلى سعي كابول للقضاء على جماعة لها صلة بتنظيم "داعش" الإرهابي.

وسمحت قطر للحركة بفتح مكتب سياسي في الدوحة في 2013 وقدمت تسهيلات لإجراء محادثات بين الحركة وواشنطن قادت للتوصل لاتفاق في 2020 قضى بانسحاب القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة بعد حرب دارت لمدة 20 عاماً تقريباً.

ولا تربط قطر صلات دبلوماسية رسمية بأفغانستان، لكن سفارتها في كابول مفتوحة وتمثل المصالح الأميركية هناك.

وتسعى قطر منذ فترة طويلة لموافقة المجتمع الدولي على "خريطة طريق" لخطوات تفضي لحصول "طالبان" على الاعتراف، وتُرجع ذلك إلى أنّ عزل أفغانستان من شأنه أن يؤدي لتدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة.

(رويترز، العربي الجديد)