"ذا غارديان": الكشف عن أموال سرية أنفقتها بريطانيا على الجيش السعودي

"ذا غارديان": الكشف عن أموال سرية أنفقتها بريطانيا على الجيش السعودي

14 يناير 2021
دعم معلن وخفيّ قدّمته بريطانيا للسعودية في حرب اليمن (Getty)
+ الخط -

أنفقت بريطانيا 2.4 مليون جنيه إسترليني على مدى السنوات الأربع الماضية، لمساعدة الجيش السعودي على "الامتثال للقانون الإنساني الدولي"، وخلال هذه الفترة اتُهمت السعودية بقصف وقتل المدنيين اليمنيين بشكل عشوائي، ضمن التحالف الذي تقوده في اليمن منذ 2015.

وتعد هذه المرة الأولى التي تفصّل فيها المملكة المتحدة المبلغ الذي تم إنفاقه عبر الأموال السرية على السعودية، ما دفع مجموعة من الناشطين إلى القول إن دافعي الضرائب البريطانيين كانوا يدعمون الجيش السعودي.

وفي السياق، قال جيمس كليفرلي، الوزير في وزارة الخارجية، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إن المملكة المتحدة موّلت القوات البريطانية لمساعدة المملكة العربية السعودية على "حماية أمنها القومي" و "دعم امتثال الجيش السعودي للقانون الإنساني الدولي".

وبعد شهرين، ردًا على سؤال من مارتن داي، وهو نائب من الحزب الوطني الإسكتلندي، قال جيمس هيبي، وزير الدفاع البريطاني، في رسالة، إن الأموال المعنية بلغت 2.4 مليون جنيه إسترليني منذ عام 2016، بما في ذلك 550 ألف جنيه إسترليني في عامي 2019-2020.

وقالت مجموعة الناشطين، التي ساعدت في الكشف عن هذه الأرقام، إنّ البيانات تبيّن تورّط المملكة المتحدة في "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، قتل خلالها الآلاف من المدنيين من قبل التحالف الذي تقوده السعودية، وباستخدام أسلحة صنعها الغرب.

البيانات تبيّن تورّط المملكة المتحدة في "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"

وبحسب ما أوردت صحيفة "ذا غارديان" اليوم، قال سيد أحمد الوداعي، مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (بيرد): "من المقلق للغاية أن تنفق حكومة المملكة المتحدة أموال دافعي الضرائب لتعزيز القدرة العسكرية السعودية".

ووفق مشروع بيانات اليمن، فإنّ القوات الجوية التابعة للمملكة مسؤولة عن العديد من القتلى المدنيين الذين قضى معظمهم نتيجة القصف العشوائي، ويقدر عددهم بنحو 8750 شخصا. كما يشير إلى أنّه على الرغم من تباطؤ الغارات خلال عام 2020 بسبب جائحة فيروس كورونا، فإنّ الهجمات استمرت.

من جهتها، تقول ليز غراندي، وهي منسقة شؤون إنسانية في الأمم المتحدة، إنه في يوليو/تموز الماضي، يُعتقد أن ما لا يقل عن سبعة أطفال وامرأتين قُتلوا في غارة جوية شنّها التحالف بقيادة السعودية في شمال غرب اليمن. لكن ما كان أقل وضوحًا هو مدى قرب علاقة القوات الجوية البريطانية بالسعودية بها، إذ تعمل من وراء الكواليس.

في الوقت ذاته، وقع وزراء آخرون على صفقات بيع أسلحة للرياض، بما في ذلك بوريس جونسون. وعندما كان وزيراً للخارجية، وافق جونسون على بيع صواريخ "Paveway" الموجهة في أغسطس/آب 2016، بعد أيام قليلة من غارة جوية على مصنع للبطاطس في اليمن، أسفرت عن مقتل 14 مدنياً.

وفي عام 2019، أوقفت محكمة الاستئناف مبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية، بحجة أن الوزراء لم يجروا تقييماً صحيحاً لخطر وقوع خسائر في صفوف المدنيين جرّاء القصف. لكن في الصيف الماضي، استأنفت ليز تروس، وزيرة التجارة، بيع الأسلحة، بعدما خلصت إلى أنه لم تكن هناك سوى "حوادث متفرقة" من انتهاكات القانون الإنساني.

وافق جونسون على بيع صواريخ "Paveway" الموجهة في أغسطس/آب 2016، بعد أيام قليلة من غارة جوية على مصنع للبطاطس في اليمن

وتأتي الأموال لدعم الجيش السعودي بشكل أساسي من خلال صندوق النشاط المتكامل السري، الذي أعيدت تسميته الآن ليعرف "باسم صندوق استراتيجية الخليج"، وهو تجمع للأموال تنفقه المملكة المتحدة على دول الخليج الست الغنية بالسيولة. وكانت ميزانيتها تقدّر بـ20 مليون جنيه إسترليني سنويًا، حتى أدّت أزمة فيروس كورونا إلى خفض مفاجئ لها إلى 8.4 ملايين جنيه إسترليني.

وكان الوزراء، حتى وقت قريب، يرفضون الكشف عن كيفية إنفاق أموال الصندوق، متذرعين بإعفاءات الأمن القومي، وسط اتهامات بأنها قد تكون مرتبطة بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. لكن في العام الماضي لاحت في الأفق علامات على مزيد من الشفافية.

ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن كليفرلي، خلال مناظرة في قاعة وستمنستر، أن المملكة المتحدة كانت واثقة من أنها تحقق تأثيرًا إيجابيًا كبيرًا على حقوق الإنسان في المنطقة، بسبب نشاط صندوق استراتيجية الخليج، ووعد بتعزيز إدارتها وبنشر ملخص لعملها.

وتتمتع المملكة المتحدة، منذ فترة طويلة، بعلاقة عسكرية واستراتيجية وثيقة مع المملكة العربية السعودية، حيث توفر الأسلحة عبر "BAE Systems"، وهو ما يحقق ما بين 2.5 مليار جنيه إسترليني و3 مليارات جنيه إسترليني سنويًا للشركة البريطانية.

كما تقدم خدمات عسكرية مباشرة، وكشفت سابقًا أن 17 من أفراد الخدمة منخرطون في الجيش السعودي، من بينهم ثلاثة في مركز العمليات الجوية.

لكن داي، النائب في الحزب الوطني الإسكتلندي، قال إن المملكة المتحدة "لا تكتفي بمجرد الاستفادة من تسليح حرب المملكة العربية السعودية الوحشية على اليمن".

وأضاف: "لقد صدمت عندما اكتشفت أن حكومة المملكة المتحدة حوّلت سراً ملايين الجنيهات من خلال أموال سرية لتدريب القوات المسلحة السعودية".

المساهمون