أعلنت رئاسة النظام السوري أن بشار الأسد سيزور الصين يوم غد الخميس تلبية لدعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، فيما يرى متابعون أن الأسد يحاول من خلال الزيارة أن يوحي بفك العزلة عن نظامه بعد فشل جهود التطبيع مع الدول العربية.
ووفق صحيفة "الوطن" التابعة للنظام، فإن الأسد سيحضر حفل إطلاق النسخة التاسعة عشرة من دورة الألعاب الآسيوية التي سيتم افتتاحها يوم 23 الشهر الحالي في مدينة هانغتشو (خانجو) الصينية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأسد سيجري لقاء مع الرئيس الصيني شي جين بينغ قبل أن ينتقل إلى العاصمة بكين لـ"لقاء كبار المسؤولين الصينيين والبحث في آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين".
وتعد هذه الزيارة هي الثانية لرأس النظام السوري إلى الصين، حيث كان قد زارها في عام 2004. فيما كان وزير الخارجية الصيني وانغ يي، قد زار العاصمة السورية دمشق منتصف عام 2021.
واعتُبرت زيارة الوزير حينها أرفع زيارة لمسؤول صيني منذ انطلاق الثورة ضد الأسد ونظامه، وهو ما أكد الرغبة الصينية في تعزيز التقارب مع النظام السوري في ظل حالة التنافس على النفوذ بين مختلف القوى العظمى في العالم، وخاصة مع روسيا والولايات المتحدة.
كما انضم نظام الأسد في يناير/ كانون الثاني 2022، إلى "مبادرة الحزام والطريق"، التي أطلقتها بكين قبل سنوات للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية في الشرق الأوسط.
ولطالما "ساندت" بكين النظام السوري سياسيا، باستخدامها مع روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لمنع المجتمع الدولي من إصدار قرارات تدين النظام السوري بسبب ارتكابه مجازر بحق المدنيين السوريين، أو بما يخص عرقلة إدخال مساعدات إنسانية لملايين السوريين، إذ استخدمت بكين وموسكو "الفيتو" لإغلاق ثلاثة معابر في عام 2020 كانت تدخل منها هذه المساعدات.
ويعتقد المحلل السياسي رضوان زيادة في حديث مع "العربي الجديد"، أن الزيارة "تعكس حجم التنسيق الكبير بين موسكو وبكين"، مرجحا أن يكون الروس قد دفعوا باتجاه هذه الزيارة.
وبحسب زيادة، فإن الزيارة مهمة للأسد بعد فشل مبادرات التطبيع العربي والتي وصلت إلى طريق مسدود بسبب عدم رغبة النظام بالاستجابة لها.
ولم ترسل بكين قوات عسكرية لمساندة النظام في حربه ضد المطالبين بالتغيير بالبلاد، كما فعلت روسيا وإيران، إلا أنها درّبت قواته في مجالات الطب والعلاج، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الصينية في عام 2016.
ولا يمكن عزل هذه الزيارة عما يعانيه اقتصاد النظام السوري من تراجع، في ظل انكفاء روسي عن تقديم يد المعونة له بسبب انشغال موسكو في حربها ضد أوكرانيا. ومن الواضح أن الأسد يبحث عن مساعدة صينية مقابل تقديم تسهيلات لها لتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي في سورية، وفق ما يرى مراقبون.
وتعليقا على هذه الزيارة، رأى مدير وحدة الدراسات في مركز "أبعاد" محمد سالم في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الصين منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية العام الفائت وظهور فراغ في الشرق الأوسط نتيجة تراجع النفوذ الروسي، تحاول التمدد في المنطقة وأفريقيا".
واعتبر دور الوساطة الذي لعبته الصين في التوصل لاتفاق بين الرياض وطهران العام الجاري وانتهت بموجبه خلافات بينهما "نقلة نوعية في السياسة الصينية في الشرق الأوسط"، مضيفا أن دعوة بكين الأسد لزيارتها تأتي انسجاما مع السياسة الصينية الهادفة إلى مزيد من التدخل والنفوذ في الشرق الأوسط نتيجة انشغال موسكو في أوكرانيا.
ورأى أن الأسد يحاول الإيحاء من خلال هذه الزيارة أن العزلة فُكت عنه وأنه قادر على زيارة مختلف البلدان، مضيفا "يحاول الأسد أيضًا الإيحاء أن لديه بدائل وخاصة بعد انحسار التطبيع العربي معه بسبب نكثه لوعود قدمها للدول العربية وخاصة بما يتعلق بملف المخدرات، والتوصل لحل سياسي للقضية السورية".
من جهته، قال الباحث في مركز "جسور" للدراسات رشيد حوراني في حديث مع "العربي الجديد"، إن النظام "ربما عرض على الصين خلال زيارة وزير الخارجية الصيني (الأسبق لي كه تشيانغ) في عام 2021 مسألة مواجهة الحزب التركستاني الذي يضم مقاتلين من الإيغور الصينيين والموجود في شمال غربي سورية".
ورجح الباحث أن تكون طهران قد رتبت للزيارة، خاصة وأنها أكبر مورد للنفط للصين، وتابع "إيران تريد دعما صينيا لنظام الأسد الذي يتهاوى اقتصاده حاليا".