خلافات "عميقة" داخل ملتقى الحوار الليبي حول الأساس الدستوري

خلافات "عميقة" داخل ملتقى الحوار الليبي حول الأساس الدستوري

05 مايو 2021
يعقد الملتقى جلسة خاصة لمناقشة مقترح للقاعدة الدستورية للانتخابات (تويتر)
+ الخط -

كشفت مصادر ليبية مطلعة، اليوم الأربعاء، النقاب عن ظهور خلافات عميقة بين أعضاء ملتقى الحوار السياسي بشأن الأساس الدستوري للانتخابات الوطنية المقرّر إجراؤها نهاية العام الجاري، في وقت ينتظر فيه أن يعقد الملتقى جلسة خاصة لمناقشة مقترح للقاعدة الدستورية للانتخابات.

وفيما أعلنت البعثة الأممية، مساء أمس الثلاثاء، أن رئيسها يان كوبيتش أحال مسودة مقترح القاعدة الدستورية للملتقى، ذكرت المصادر أن كوبيتش وجّه خطاباً متزامناً إلى أعضاء الملتقى بشأن دعوتهم لجلسة عبر تقنية الفيديو لمناقشة المقترح، يومي 20 و21 من الشهر الجاري.

لكن المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أشارت في الوقت ذاته إلى أن خلافات بين أعضاء الملتقى سبقت انعقاد الجلسة المنتظرة، مؤكدة أن شريحة واسعة منهم اتفقوا على عدم تمرير المقترح، كونه يوصي بتأجيل الاستفتاء على مسودة الدستور المقرّة من هيئة صياغة الدستور منذ أربع سنوات، وإجراء الانتخابات المقبلة على أساس تعديل على الإعلان الدستوري (الدستوري الموقت)، ما يعني استمرار الفترات الانتقالية. وأضاف أن المعترضين يقابلهم أعضاء آخرون عازمون على اعتماد المقترح، متعللين بأن الوقت المتبقي من عمر المرحلة الحالية لا يكفي للاستفتاء والانتخابات معاً.

ومنذ أول اجتماع للجنة القانونية، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، احتدم الجدل في البلاد بين المنادين بإجراء الانتخابات وفق "قاعدة دستورية مؤقتة" وفي مقدمتهم مجلس النواب، وبين منادين بضرورة إجرائها بعد الاستفتاء على مسودة الدستور التي أقرتها الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور منذ يوليو/ تموز عام 2017، وفي مقدمتهم المجلس الأعلى للدولة، الذي يرى رئيسه خالد المشري أنّ "الدستور يضمن التداول على السلطة وعدم بزوغ دكتاتور جديد في ليبيا"، وفق تصريحات صحافية له.

واستبقت عضو اللجنة القانونية آمال أبو قعيقيص، الجلسة، وذكرت بعض التفاصيل في مقترح القاعدة الدستورية، موضحة أنها "تعديل للإعلان الدستوري" ليكون أساساً لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، مع تأجيل "الاستفتاء على مسودة الدستور في الوقت الراهن".

وعلى الرغم من تحجج المنادين بإجراء الانتخابات وفق قاعدة "موقتة" بضيق الوقت لاحتياج الدستور والاستفتاء لوقت طويل، إلا أن أبو قعيقيص أضافت أسباباً أخرى، تتعلق بوجود "مواد خلافية" في مسودة الدستور، مشيرة إلى أن مقترح لجنتها أوصى بأن تعمل السلطة الجديدة التي ستُنتخب على تعديل تلك المواد، وتشرف على طرحها على الشعب للاستفتاء عليها في المرحلة السياسية المقبلة.

وعلى الرغم من تأكيدها انتهاء اللجنة القانونية من صياغة مقترحها، سيما حول "آلية انتخاب الرئيس، وكذلك صيغة اليمين الدستوري ليحسمها ملتقى الحوار"، إلا أنها عادت وأشارت الى وجود خلافات حول مضمون اليمين الدستوري، بمطالبة "البعض أن يكون اليمين بالإخلاص للوطن وليس لثورة فبراير"، مضيفة "وطلب البعض الآخر أن يتزامن اليمين الدستوري الجديد مع الدستور الدائم، باعتبار أن مخاض الثورة لم ينتهِ بعد"، مؤكدة أن الملتقى سيفصل في عدد من الخلافات.

 

واستبق رئيس مجلس النواب عقيلة صالح نتائج جلسة الملتقى المرتقبة، بالإعلان عن إجراء الانتخابات "وفق قرار رقم 4 لعام 2014، في حال عدم توافق ملتقى الحوار السياسي على قاعدة دستورية"، وهي خطوة لدفع المشهد نحو إجراء الانتخابات وفق إجراءات بديلة عن الدستور والاستفتاء عليه، بحسب أستاذ القانون الدستوري في الجامعات الليبية أحمد العاقل.

وينصّ القرار رقم 5 لمجلس النواب على "إجراء انتخابات رئيس الدولة المؤقت عن طريق الاقتراع العام السري الحر المباشر وبالأغلبية المطلقة لأصوات المقترعين".

ويقرأ العاقل، عبر "العربي الجديد"، إعلان عقيلة صالح بأنه خطوة لتلافي عدم التوافق بشأن الانتخابات الرئاسية كونها أساس الخلاف، ويقول: "لا خلاف في مواد الإعلان الدستوري حول الانتخابات البرلمانية، لكن الخلاف بشأن الانتخابات الرئاسية التي لا يتضمن الإعلان الدستوري أي وضوح بشأنها، وهي النقطة الأساسية التي تضمنها المقترح المحال من اللجنة القانونية للملتقى".

وبالإضافة إلى أن الدستور ينهي فترات الانتقال السياسي، يشير العاقل إلى أنه يتوفر على "جميع الضمانات كشروط الترشح والمدد الزمنية لكل فترة وآليات محاسبة ومساءلة الحكام وعزلهم"، لافتاً إلى أن الإعلان الدستوري لا يملك الحصانة، ويمكن تعديله للبقاء في المشهد كما حدث مع مجلس النواب الحالي الذي عدّله 11 مرة.

ويعبّر العاقل عن مخاوفه من انضمام ملتقى الحوار السياسي إلى الأطراف الساعية لتمديد الفترات الانتقالية لخدمة مصالحها الخاصة، ويقول: "مجلس النواب عطّل مسألة الاستفتاء على الدستور منذ منتصف عام 2017 دونما سبب ظاهر، سوى أنه الكفيل بإنهاء وجودهم من المشهد، والملتقى لم يتقيد بالآجال التي حدّدها في خريطة الطريق بشأن تحديد الأساس الدستوري، وأضاع وقتاً كافياً لاعتماد الدستور أساساً للانتخابات".

وعلى الرغم من نفاد الوقت، لا يرجح العاقل توافقاً قريباً حول الأساس الدستوري، بسبب استمرار أزمة عدم الثقة بين فرقاء البلاد، معتبراً أن ظهور ملامح الخلافات دليل على صحة ترجيحه.