حفتر يسعى لإخفاء ملفات الانتهاكات في بنغازي: استباق أي تغير بالمشهد

حفتر يسعى لإخفاء ملفات الانتهاكات في بنغازي: استباق أي تغير بالمشهد الليبي

29 مارس 2021
عمليات العبث بالملفات طاولت سجلات أجهزة مقربة من حفتر (Getty)
+ الخط -

ما زالت مدينة بنغازي، شرقي ليبيا، تعيش فوضى أمنية عارمة، في وقت كشفت فيه مصادر ليبية عن سعي جهات أمنية فيها لغلق سجلات الانتهاكات والجرائم وتسجيلها "ضد مجهول" وإخفاء أخرى، استباقاً لأي تغير في المشهد الليبي الحالي.

وتطابقت معلومات المصادر الأمنية حول قيام فرقة تابعة لـ"اللواء 106 مجحفل"، الذي يقوده نجل اللواء المتقاعد خليفة حفتر، صدام، بإخفاء عدد من الملفات خلال عملية نقل جزء من أرشيف إدارة التحريات والقبض التابع لجهاز البحث الجنائي إلى أماكن مجهولة على أطراف المدينة.

وأكدت المصادر ذاتها، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، وطلبت عدم الكشف عن أسمائها، أنّ عدداً من ملفات القضايا المفتوحة أمام التحقيق تم قفلها بتواريخ رجعية، وسجل بعضها "ضد مجهول"، فيما تم نقل ملفات أخرى إلى مقار تابعة لـ"اللواء 106" في منطقة بنينا ببنغازي، لافتة إلى أن عمليات العبث بالملفات طاولت سجلات أجهزة مقربة من حفتر، مثل جهاز مكافحة الظاهرة السلبية، وجهاز مكافحة الجريمة، الذي يسيطر عليه قادة المداخلة السلفيين، ومجموعة العمليات الخاصة التي تعتبر الأكثر غموضاً من بين الأجهزة الأمنية المقربة من حفتر، إلى جانب صلاحياتها الواسعة وتبعيتها لأكثر من جهة أمنية.

ومن بين عمليات الاغتيالات الأكثر جدلاً في بنغازي، اغتيال قائد الإعدامات، المقدم محمود الورفلي، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، فبعدما أكدت قيادة حفتر مقتله على يد مسلحين في بنغازي، الأربعاء الماضي، أعلن رئيس النيابة العسكرية في بنغازي، العقيد علي ماضي، القبض على اثنين من المشتبه في تورطهم في قضية الاغتيال.

وأوضح ماضي، في بيان متلفز، السبت الماضي، أنّ الورفلي اغتيل "وهو على ذمة مستشفى الأمراض النفسية لوجود عيب عقلي جسيم" لديه، مشيراً إلى أن المحكمة العسكرية أحالته إلى مستشفى الأمراض النفسية لمتابعة حالته.

ولم تعلن حكومة الوحدة الوطنية عن أي موقف أو إجراء بشأن حادثة مقتل الورفلي، وخصوصاً أنه مطلوب للعدالة الدولية، ولا عن موقفها من الانفلات الأمني الذي تعيشه بنغازي. ويؤكد الناشط السياسي الليبي عقيلة الأطرش، في هذا السياق، أنّ الأمر "خرج عن سيطرة حفتر"، وأنه مرجح للانفلات بشكل أكثر.

ومنذ الإعلان عن اغتيال الورفلي، شهدت بنغازي استمراراً لعمليات الانتهاكات، أولها إعلان منظمة "العفو" الدولية عن اختطاف حنين العبدلي، الخميس الماضي، وهي ابنة الناشطة الحقوقية حنان البرعصي، التي تم اغتيالها في وسط بنغازي، منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قبل أن تتداول وسائل إعلام ليبية نبأ مقتل الضابط ربيع الشركسي، التابع لجهاز الأمن الداخلي في بنغازي، الجمعة.

وبحسب نشطاء ووسائل إعلام ليبية، فإنّ الشركسي قتل بواسطة طلق ناري في رأسه، مشيرة إلى أنه من الضباط المعنيين بالتحقيق في قضية اغتيال الورفلي، لكن جهاز الأمني الداخلي في بنغازي سارع لنفي الأنباء، معللاً مقتل الشركسي بأنه "توفي نتيجة طلق ناري بالخطأ من قبل زميله خلال وردية حراسة".

ويلفت الأطرش إلى أنّ تصريحات رئيس نيابة بنغازي بشأن اغتيال الورفلي "تتماشى تماماً مع سعي المتورطين في الجرائم والانتهاكات لإخفاء أي دليل يشير إليهم"، معتبراً أنّ تبرير رئيس النيابة لجرائم الورفلي بأنه يعاني من خلل عقلي "هي محاولة للتهرب من المسؤولية التي قد تترتب على حفتر والمقربين منه، كون الورفلي يخضع لمتابعة مستشفى الأمراض النفسية بقرار من المحكمة".

ويؤكد الأطرش، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ السعي لإخفاء أدلة الجرائم في بنغازي "يأتي استباقاً لأي تغير في المشهد الحالي في البلاد، الذي يتجه لتمكين الحكومة الجديدة وأجهزتها الأمنية والعدلية، وهو ما يقلق حفتر وأعوانه ويدعوه إلى إخفاء أي أثر قد يورطهم وينقلهم إلى ساحات القضاء".

المدينة "الأعنف جغرافياً"

وفي السياق، اعتبرت منظمة "التضامن" لحقوق الإنسان (أهلية)، أنّ بنغازي هي المدينة "الأعنف جغرافياً من حيث عدد الضحايا" خلال العام الماضي.

وأوضحت المنظمة، في تقرير لها، أمس الأحد، أنّ المدينة سجلت خلال العام الماضي 370 ضحية، بنسبة تمثل 20% من مجمل ضحايا العنف في مختلف المناطق الليبية البالغ عددهم 1834 ضحية.

وأشار التقرير إلى أنّ 52% من الضحايا هم ضحايا الاعتقالات، 23% ضحايا القتل خارج القانون، 18% ضحايا الخطف، بالإضافة لضحايا الاغتيالات المباشرة والتفجيرات والهجمات.

وأعلنت وزارة العدل بحكومة الوحدة الوطنية، الأسبوع قبل الماضي، أنها بدأت بتشكيل لجنة بـ"مشاركة دولية للإفراج عن المحتجزين في سجون غير نظامية".

ونقل المكتب الإعلامي لحكومة الوحدة الوطنية عن وزيرة العدل حليمة عبد الرحمن قولها إنه "خلال 15 يوماً ستقوم اللجنة بحثّ الجهات غير الخاضعة للدولة الليبية على الإفراج السريع وغير المشروط عن المعتقلين بغير وجه حق ومن غير وجود أي تهم في السُجون السرية للمليشيات"، مؤكدة أنه ستتم مساءلة وفرض عقوبات على مرتكبي جرائم الإخفاء القسري والسجن بدون محاكمات.