حراك السويداء السورية يدخل دائرة الاهتمام الأميركي

حراك السويداء السورية يدخل دائرة الاهتمام الأميركي

17 سبتمبر 2023
من حراك السويداء، 1 سبتمبر (سام حريري/فرانس برس)
+ الخط -

دخل الحراك الاحتجاجي المتواصل في محافظة السويداء، جنوبي سورية، دائرة الاهتمام الأميركي، وهو ما يعد تطوراً في سيرورة هذا الحراك الذي أفشل مراهنة نظام بشار الأسد على الوقت لانحساره، إذ لم يتراجع زخمه الشعبي مع اقتراب دخوله شهره الثاني، وهو ما أكده خروج الأهالي في تظاهرة يوم أول من أمس الجمعة، هي الأكبر منذ بدء الاحتجاجات.

اتصال أميركي بالشيخ الهجري

وأجرى النائب الأميركي الجمهوري فرينش هيل، أول من أمس، اتصالاً مع شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري، دام أكثر من نصف ساعة وفق مصادر مقربة من الهجري، الذي لعب موقفه المؤيد والمساند للحراك الثوري في السويداء دوراً محورياً في استمرار هذا الحراك واكتسابه زخماً شعبياً غير مسبوق.

ووفق المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فقد "استفسر هيل في الاتصال عن حقيقة ما يجري في السويداء وعن الأوضاع الأمنية في المحافظة، خصوصاً بعد قيام النظام بإطلاق النار على المتظاهرين أمام مقر فرع حزب البعث" (الأربعاء الماضي). وقالت المصادر إن النائب الجمهوري، المهتم بالملف السوري، "عبّر عن اعتزازه بالتواصل مع القائد الروحي للموحدين الدروز، متمنياً بناء علاقة وطيدة معه، ومشدّداً على أن سلامته الشخصية هي موضع اهتمام خاص".

شدّد نائب أميركي على أن سلامة الشيخ الهجري الشخصية هي موضع اهتمام خاص

ويُنظر إلى الشيخ حكمت الهجري على أنه الداعم الأكبر لهذا الحراك الثوري السلمي الذي تبنى شعارات الثورة السورية، وهو ما دفع النظام إلى محاولة تشويه هذا الحراك لتطويقه، إلا أن المحتجين أكدوا منذ اليوم الأول تمسكهم بوحدة سورية ورفضهم أي محاولات تقسيم تحت عناوين مختلفة.

من جهته، وصف الصحافي السوري المقيم في الولايات المتحدة أيمن عبد النور، في حديث مع "العربي الجديد"، الاتصال بين الهجري وهيل بـ"المهم جداً"، معتبراً أن "التأكيد على سلامة الشيخ الهجري يشير إلى أنه ربما هناك تهديدات لاستهدافه".

وبرأي عبد النور، فإن "هذا الاتصال يؤكد أن هناك اهتماماً كبيراً من قبل الإدارة الأميركية بما يجري في السويداء". وأشار إلى أن "فرينش هيل شخصية محترمة في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، واختاره الرئيس جو بايدن قبل أيام لتمثيل مجلس النواب الأميركي في اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك"، مضيفاً أن "حرصه واهتمامه بما يحدث في السويداء مؤشر مهم جداً".

ويعد هذا الاتصال الإشارة الأولى إلى أن الحراك الثوري في السويداء دخل دائرة الاهتمام الأميركي، ودائرة السياسة الأميركية في سورية، والتي لطالما شابها التردد والتراخي، ما سمح للنظام بارتكاب مجازر وتهجير الملايين من دون الخشية من أي مساءلة دولية.
إلى ذلك، توافد أمس السبت محتجون إلى ساحة الكرامة في وسط مدينة السويداء، مؤكدين أن حراكهم المستمر منذ نحو شهر لن يتوقف قبل تحقيق تغيير سياسي في البلاد وفق القرار الدولي 2254، الذي ينص على إجراء انتقال سياسي في سورية، وكتابة دستور جديد تُجرى على أساسه انتخابات، وهو ما يرفضه النظام.

ناشطون: لا نتلقى تعليمات

وقلّل متظاهرون في ساحة الكرامة من أهمية اتصال النائب الأميركي فرينش هيل بالشيخ الهجري. واعتبر الناشط المدني منيف رشيد هذا الاتصال "عادياً، وجاء لمعرفة الأوضاع في سورية بشكل شخصي بعيداً عن السياسة الأميركية التي يعتبرها أهالي محافظة السويداء سياسة عدوانية مبنية على استعمار الشعوب ونهب خيراتها". وأضاف رشيد في حديث مع "العربي الجديد": "الشيخ الهجري يتلقى يومياً رسائل واتصالات من الأطراف كافة، سواء في سورية أو من الخارج، وخطّه الوطني واضح جداً ولا لبس فيه وهو يطالب بمغادرة كل القوى المحتلة من سورية من دون استثناء".

جمال الشوفي: الحراك في السويداء منفتح على التواصل مع أي جهة عربية أو دولية

من جهته، أكد جمال الشوفي، وهو ناشط مدني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الحراك السلمي في السويداء "منفتح على التواصل مع أي جهة عربية أو دولية، بغية إيصال صوتنا ومطالبنا التي تحقق التغيير السياسي المنشود وفق القرار الدولي 2254 وضمن ثوابتنا الوطنية". وتابع: "من الطبيعي أن تتواصل جهات دولية وشخصيات اعتبارية مع الشيخ الهجري، وبالأخص الدول الضالعة في المشكلة السورية مثل الولايات المتحدة وروسيا وإيران، وهذا لا يعني أبداً أننا نتلقى التعليمات والأوامر من أي جهة كانت".

وقلّل الشوفي من أهمية النتائج التي قد يسفر عنها الاتصال الحاصل بين النائب الأميركي والشيخ الهجري، لا سيما "بعد المواقف الخجولة الصادرة عن المجتمع الدولي والصمت العربي حول انتفاضة السويداء".

وجاء اتصال النائب الجمهوري بالشيخ الهجري بعد أيام من إطلاق النار على جموع المحتجين في محافظة السويداء من قبل حرّاس مقر حزب البعث في محافظة السويداء، في حدث اعتُبر محاولة من قبل النظام لجرّ هذه المحافظة، التي يشكل الموحدون الدروز غالبية سكّانها، إلى مواجهة عسكرية.

ويتجنّب النظام حتى اليوم أي مواجهة مباشرة مع جموع المحتجين في السويداء، مراهناً على الوقت في تراجع مدّ الحراك ضده في هذه المحافظة محدودة الموارد. ويتوقع مراقبون أن يدفع الاتصال الذي أجراه هيل مع الشيخ الهجري النظام للتراجع عن أي مخطط لإشاعة الفوضى في محافظة السويداء، من خلال التلويح بورقة تنظيم "داعش" الذي كان النظام نقل مجموعات تابعة له من أطراف دمشق وريف درعا الغربي إلى بادية السويداء، وارتكبت مجازر بحق ريفها الشرقي عام 2018.

وكان الشيخ الهجري قد شدّد في كلمة له أول من أمس، أمام عدد كبير من المتظاهرين في بلدة القنوات، على أن "هدفنا العيش في وطننا بالحد الأقصى من الكرامة"، مشيراً إلى أن "طلباتنا محقة والنصر حليف الشعب السوري".

ورأى الأكاديمي السوري المعارض يحيى العريضي أن اتصال النائب الأميركي فرينش هيل مع الشيخ الهجري "يؤكد استشعار مؤسسة التشريع في الولايات المتحدة الأميركية أهمية الحراك وزخمه ومطالبه السياسية العالية ضد منظومة الأسد في منطقة طالما ادعى النظام أنها أقلية، وهو حاميها". وتابع: "الاتصال رسالة للأسد وطهران، بعد تصريح الهجري، بأن مليشيات الأسد والملالي وراء إطلاق النار من فرع حزبه على المحتجين، وبأن النار في مواجهة الاحتجاجات السلمية فعل إجرامي، وأن سرديات الكذب لا سوق لها". وأعرب العريضي، المتحدر من محافظة السويداء، عن اعتقاده بأن الاتصال يؤكد "استشعار أهمية الرجل (الهجري) من قبل الولايات المتحدة".

المساهمون