جيبوتي ترفض طلباً مصرياً بالمشاركة في الضغط على إثيوبيا

جيبوتي ترفض طلباً مصرياً بالمشاركة في الضغط على إثيوبيا

09 فبراير 2022
بحث السيسي مع جيله أزمة سد النهضة (رئاسة الجمهورية المصرية)
+ الخط -

كشفت مصادر دبلوماسية مصرية، عن محاولات من جانب القاهرة لإحكام الضغط على الحكومة الإثيوبية، خلال الفترة الراهنة، لدفعها للجلوس على مائدة التفاوض في أسرع وقت ممكن، لاستكمال مباحثات التوصل إلى حل لأزمة سد النهضة، قبل موعد الملء الثالث المقرر في يوليو/تموز المقبل.

وقالت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، إن من بين المسارات التي تتحرك فيها القاهرة للتعامل مع الأزمة، محاولة فرض ضغوط على الحكومة الإثيوبية عبر ملفات تتعلق بمصالحها في المنطقة.

عروض مصرية لجيبوتي لاستمالتها في مواجهة إثيوبيا

وأضافت المصادر أن زيارة الرئيس الجيبوتي، إسماعيل عمر جيله، إلى القاهرة، الأحد الماضي، جاءت ضمن التحركات المصرية لفرض الضغوط على إثيوبيا.

وبحسب المصادر، فإن المسؤولين في القاهرة قدموا عرضاً لجيبوتي للميل للموقف المصري، وفرض ضغوط على أديس أبابا لإلزامها بالعودة لطاولة المفاوضات، وذلك في الوقت الذي تتحكم فيه جيبوتي في 95 في المائة من حجم تجارة إثيوبيا الحبيسة (بلا منفذ بحري)، والتي تأتي عبر ميناء جيبوتي البحري، ويتم نقلها عبر خط السكك الحديدية الرئيسي الذي يربط البلدين.

المطلب المصري تضمن تعطيل اتفاقيات يجري التباحث بشأنها بين جيبوتي وإثيوبيا

الرئيس الجيبوتي يرفض التجاوب مع المطالب المصرية

وأشارت المصادر المطلعة على ملف العلاقات المصرية - الأفريقية، إلى أنه على الرغم من الاتفاقيات الاقتصادية التي تم توقيعها في حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الجيبوتي في القاهرة، أول من أمس الإثنين، إلا أن جيله لم يبد موقفاً موافقاً على المطلب المصري، الذي تسعى القاهرة من خلاله لتعطيل التجارة الإثيوبية، لحين استجابة أديس أبابا للمطالب المصرية بشأن التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن سد النهضة.

ولفتت المصادر إلى أن المطلب المصري تضمن تعطيل اتفاقيات يجري التباحث بشأنها بين جيبوتي وإثيوبيا لحين تجاوب الأخيرة مع الدعوات المصرية السودانية حول السد.

وأوضحت المصادر أن الرئيس الجيبوتي، أبلغ نظيره المصري خلال الزيارة، أنه سيعمل على استغلال علاقاته القوية بالمسؤولين في أديس أبابا، من أجل لعب دور كبير في تقريب وجهات النظر بين البلدين، وحث إثيوبيا على الذهاب للمفاوضات مع كل من مصر والسودان.

وشدد جيله، وفق المصادر، على أن علاقات بلاده بإثيوبيا يصعب الزج بها في صراع محاور، خاصة في ظل الطبيعة الخاصة لجيبوتي في منطقة القرن الأفريقي.

وبحسب مصدر مصري خاص، فإن العلاقة بين جيبوتي وإثيوبيا هي دائماً محل اهتمام ودراسة مصرية في إطار ملف أزمة سد النهضة، لما يمكن أن تمثله تلك العلاقة من ورقة ضغط قوية إذا أمكن استثمارها من جانب القاهرة.

وأكد المصدر أن هذا الملف يشتمل على تفصيلات كثيرة يمكن للقاهرة من خلالها التسبب في إزعاج كبير للحكومة الإثيوبية، مشيراً إلى أن القاهرة لم تعد تكتفي فقط بالمسارات الدبلوماسية والوساطات الدولية، التي باتت أديس أبابا بارعة في المراوغة فيها.

وقال المصدر ذاته، إن العروض الاقتصادية لجيبوتي، لم تكن مغرية بأي حال لاستمالة رئيسها، مضيفاً أن العرض المصري شمل مقترحاً بتوقيع اتفاقية للتعاون العسكري المشترك بين الدولتين، على أن يتم ذلك في إطار منظمة الدول المشاطئة للبحر الأحمر، ويكون اتفاق تعاون وتدريب ونقل خبرات، ولا يرقى لأن يكون "اتفاقية دفاع مشترك" بين البلدين.

شدد جيله على أن علاقات بلاده بإثيوبيا يصعب الزج بها في صراع محاور

وأكد المصدر أن هذا العرض لم يكن مقبولاً أيضاً، وأن الرئيس جيله، ركز على رفض جيبوتي لأي صيغة يمكن أن يفهم منها انحياز بلاده لأي طرف من أطراف الصراع.

وأوضح المصدر أن الرئيس الجيبوتي رفض مجرد صياغة اتفاقية تعاون عسكري مع مصر، حتى ولو جاءت تحت مظلة منظمة الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر، والتي تضم البلدين في عضويتها، معرباً عن استعداده لتوقيع اتفاقات بشأن نقل الخبرات.

ولفت المصدر، إلى أن القاهرة سعت للخروج بأكبر مكسب ممكن عبر الاتفاق على إنشاء منطقة لوجستية مصرية على أراضي جيبوتي، لتكون بمثابة نقطة تواجد مصري في تلك المنطقة، كنوع من الضغط على الحكومة الإثيوبية، وهو الاتفاق الذي يعفي أيضاً جيبوتي من أي حرج كونه يأتي في إطار اقتصادي واستثماري.

وكان السيسي أعلن عقب انتهاء مباحثاته مع جيله، أنه جرى الاتفاق على إنشاء منطقة لوجستية مصرية في جيبوتي، مشدداً على أهمية تطوير مشروعات التعاون الثنائي بين البلدين، خاصة في قطاعات البنية التحتية والصحة والطاقة والطيران والتعليم، بالإضافة إلى تنويع أطر التعاون المشترك في المجالين العسكري والأمني ومواجهة الفكر المتطرف.

وقال السيسي، إنه تطرق في مباحثاته مع الرئيس الجيبوتي إلى أزمة سد النهضة، إلى جانب بعض القضايا المشتركة، مؤكداً على "موقف مصر الثابت تجاه أزمة السد الحالية" لناحية الوصول لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد.

تقارير عربية
التحديثات الحية

دور جيبوتي في التجارة الإثيوبية

وتقوم جيبوتي بتنفيذ نحو 95 في المائة من إجمالي حجم التجارة المتجهة إلى إثيوبيا التي لا يوجد لها منافذ بحرية، وهو ما دفع إثيوبيا في وقت سابق للدخول في مفاوضات مع المسؤولين في جيبوتي للاستحواذ على حصة في ميناء جيبوتي، على أن يكون للأخيرة خيار الاستحواذ على حصص في شركات إثيوبية مملوكة للدولة.

ومن بين الشركات الحكومية الإثيوبية التي ربما تتطلع جيبوتي للاستثمار فيها، شركة الكهرباء الإثيوبية و"إثيو تليكوم" للاتصالات.

وأنشأت إثيوبيا 4 سدود على نهر الأواش المشترك مع جيبوتي بغرض توليد 124 ميغاوات من الكهرباء، وسدين على نهر شبيلي المشترك مع الصومال لتوليد 150 ميغاوات من الكهرباء، و3 سدود على نهر أومو المشترك مع كينيا لتوليد 2475 ميغاوات.

العلاقة بين جيبوتي وإثيوبيا هي دائماً محل اهتمام ودراسة مصرية في إطار ملف أزمة سد النهضة

يذكر أنه في يونيو/حزيران من العام الماضي، شهد الصراع بين الحكومة الإثيوبية والمتمردين في إقليم تيغراي تطوراً مفاجئاً، عندما قام مسلحون بقطع خط السكة الحديدية التي تربط أديس أبابا بميناء جيبوتي، في حدث وصفه مراقبون وقتها بأنه التطور الأبرز في المعارك.

تقليل من جدوى التحركات المصرية تجاه دول أفريقية

من جهته، قلل مصدر دبلوماسي مصري، من جدوى التحركات والمحاولات المتقطعة التي يمكن من خلالها تغيير مواقف دول أفريقية مهمة في قضية سد النهضة.

وأشار إلى أن الزيارة التي قام بها السيسي إلى جيبوتي في مايو/أيار الماضي قبل الملء الثاني لسد النهضة، وجولات التدريب العسكري المشترك بين مصر والسودان، وزيارة رئيس أركان الجيش المصري السابق، الفريق محمد فريد، إلى روندا وكينيا، "كانت للأسف بلا فائدة حقيقية للموقف المصري، ولم ينتج عنها أي تعاون ثنائي، ولا عسكري، ولا اقتصادي، فالدور المصري في هذه المنطقة ضعيف للغاية".

وربط المصدر نفسه بين زيارة السيسي الأخيرة للصين، التي تتمتع بنفوذ كبير في هذه المنطقة الأفريقية، وبين سعي القيادة السياسية المصرية للدخول إلى هذه المنطقة من "الباب الصيني".

وأضاف أن الصين "أصبح لديها نفوذ يتضخم في العواصم الثلاث الأهم في منطقة القرن الأفريقي، وهي جيبوتي وإثيوبيا وإريتريا، وحتى كينيا".

يذكر أن مصر تترأس الدورة الحالية لتجمع "السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا" (كوميسا). وقد أطلق السيسي في وقت سابق خطة عمل استراتيجية متوسطة المدى للتجمع عن الفترة (2021 - 2025)، والتي تهدف إلى تعميق الاندماج الاقتصادي والتكامل الإقليمي والتنمية بين دول التجمع، في إطار اتفاقية منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية.

ويضم تجمع "كوميسا" 21 دولة في عضويته، هي مصر، وبوروندي، وجزر القمر، والكونغو الديمقراطية، وجيبوتي، وإريتريا، وإسواتيني، وإثيوبيا، وكينيا، وليبيا، ومدغشقر، ومالاوي، وموريشيوس، ورواندا، وسيشل، والصومال، والسودان، وتونس، وأوغندا، وزامبيا، وزيمبابوي.

تقارير عربية
التحديثات الحية

المساهمون