جيبوتي تحت أنظار كبار العالم: موقع استراتيجي وكنز من البوتاسيوم

جيبوتي تحت أنظار كبار العالم: موقع استراتيجي وكنز من البوتاسيوم

15 اغسطس 2021
تتمتع جيبوتي بموقع استراتيجي يعزز مكانتها اقتصاديا وعسكريا (فرانس برس)
+ الخط -

بدت جيبوتي محط اهتمام عالمي للاستفادة من موقعها الاستراتيجي على مضيق باب المندب جنوب البحر الأحمر، والسيطرة على مواردها التي إن بدت محدودة حاليا إلا أن البعض يراهن على وجود احتياطات ضخمة من البوتاسيوم في باطن أراضيها.

وقالت صحيفة "دوماني" الإيطالية في تقرير حديث حمل عنوان "جيبوتي موضع اهتمام الأقوياء" إن جيبوتي أصبحت محط اهتمام قادة عسكريين ودبلوماسيين ومراكز أبحاث وأساتذة دراسات جيوسياسية، وذلك بسبب موقعها الاستراتيجي القريب من باب المندب.

وأضافت أن بعض نقاط هذا الممر المائي الاستراتيجي يبلغ عرضها 3 كيلومترات فقط، ما يعني أن من يرغب الملاحة بين البحر المتوسط وآسيا وأفريقيا والخليج العربي، والمرور عبر قناة السويس، عليه أن ينحني عند جيبوتي.

القواعد العسكرية

أشارت الصحيفة إلى أن أراضي جيبوتي موضع نزاع على الهيمنة بين القوى العالمية والإقليمية، حيث امتد هذا الصدام اليوم ليشمل الصين، التي تسيطر على ميناء جيبوتي، ودخلت في نزاع قانوني مع شركة موانئ دبي العالمية الإماراتية، والتي انتزعت جيبوتي من مبادرة الحزام والطريق العنصر الرئيس في مشروع طريق الحرير الصيني الجديد.

ولم يعد اقتصاد جيبوتي يعتمد فقط على بعض الصادرات الضئيلة بل أيضا على تأجير القواعد العسكرية لعدد من القوى الكبرى العالمية والإقليمية، حيث نشرت الولايات المتحدة 4500 جندي في قاعدة (كامب ليمونير)، كما أن فرنسا وأيطاليا والصين واليابان والسعودية لديها قواعد عسكرية في البلاد، وسوف تلحق بها في القريب العاجل كل من الهند وروسيا وتركيا.

وأوضحت أن كل قاعدة عسكرية أجنبية تدفع لحكومة جيبوتي إيجاراً سنوياً، ما يجلب إلى خزائن هذا البلد الصغير 120 مليون دولار في العام الواحد، وهو ما يمثل رقماً مهماً على ضوء الموازنة الوطنية المتواضعة.

اهتمام الشركات العالمية

كذلك يعج ميناء جيبوتي أيضاً بالجيولوجيين والمهندسين، وفقاً لرواية الكاتب والمصور الصحافي الإيطالي جانَي تاسّي، الذي زار منطقة دانكاليا مؤخراً، حيث قال إن "ثمة حوضاً من البوتاسيوم يوجد تحت القشرة الأرضية الملتهبة هناك يقدر حجمه، بحسب الخبراء، بـ105 ملايين طن تثير لعاب كبريات الشركات العالمية. وترجع أهمية البوتاسيوم إلى أنه يستخدم في الزراعة وتصنيع المتفجرات. هذا الحوض يحظى حالياً باهتمام ومتابعة مستثمرين كنديين وأميركيين وصينيين".

وأوضحت أن صحراء دانكاليا تغطي أيضاً مساحات من إثيوبيا وإريتريا، وفي وسطها يقع سهل الملح وهو منجم ملح مفتوح تبلغ مساحته 200 كم.

ويشتغل أهالي تيغراي بتكسير القشرة الأرضية باستخدام أعمدة طويلة لمدة 4 ساعات بين السادسة والعاشرة صباحاً، بينما تتركز مهمة سكان عفار في تحويل اللوائح الملحية إلى قراميد يبلغ وزن الواحدة منها ما بين 3 و6 كلغ، ومن ثم نقلها على ظهر الإبل في قوافل.

مستقبل سياحي

وختمت الصحيفة بالحديث عن تاغوراء، أقدم مدن جيبوتي، والتي استأنف فيها فندق (كورتو مالتيز) تقديم الاستاكوزا ومشويات أسماك البحر الأحمر، علاوة على تنظيم أنشطة غوص رائعة، وذلك لأن جيبوتي الصغيرة تطمح أيضاً في أن تكون مقصداً سياحياً. 
وعلى الرغم من أن إمدادات الغاز والمياه والكهرباء غير مستقرة، فإن هذا المكان يعتبر مثالياً للتطلع نحو باب المندب.

هيمنة صينية

وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة "تيمبي" الإيطالية في تقرير حمل عنوان "سادة جيبوتي. هكذا تتأهب الصين للهيمنة في أفريقيا" ، وأضافت أن الصين بعد إقامة قاعدتها البحرية، التي بررت ضرورة وجودها بدعم قواتها المتواجدة في أفريقيا في إطار عمليات الأمم المتحدة ومكافحة القرصنة في الخليج مع نفيها وجود أي توجه للهيمنة من وراء هذه القاعدة، عمدت إلى تحويل مسار علاقاتها الاقتصادية بشكل كلي مع جيبوتي.

وأشارت إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين، الذي بلغ 10.4 ملايين دولار في عام 2000، وصل إلى 1.1 مليار دولار في عام 2019، كما باتت الصين في غضون أعوام قليلة المصدر الأول لجيبوتي بنسبة 36.3% من إجمالي وارداتها، في حين احتلت المركز الخامس في استيراد سلع جيبوتي.

وأشارت إلى أن الصين تستحوذ اليوم على 70% من الدين الخارجي لجيبوتي التي تشارك في جميع مشاريعها الاستراتيجية، وبصفة خاصة في البنى التحتية لمنطقة التجارة الحرة بقيمة 3.5 مليارات دولار، علاوة على إدارتها لخط سكك حديدية يربط جيبوتي بإثيوبيا، بطول 752 كم وبلغت تكلفته 3.4 مليارات دولار. 

وختمت بقولها إن هذا المشروع الأخير أثار بعض المشاكل، لأن حكومة جيبوتي اضطرت، نتيجة لعوائده التي جاءت أقل من المتوقع، أن تطلب من الصين إعادة جدولة القروض المتفق عليها بين الحكومتين لإنجاز المشروع.

المساهمون