جدل عراقي بشأن مقترح قانون لمواجهة وعود السياسيين "الكاذبة"

جدل عراقي بشأن مقترح قانون لمواجهة وعود السياسيين والمسؤولين "الكاذبة"

05 ديسمبر 2021
خبراء يتحدثون عن عدم تطبيق القوانين الإصلاحية (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

أثارت دعوة وزير عراقي سابق إلى تشريع قانون لـ"مكافحة الكذب" في البلاد لمواجهة الوعود والشعارات الكاذبة للمسؤولين والسياسيين، والتي أفقدت الشارع الثقة بالعملية السياسية، جدلاً جديداً في الشارع العراقي، بشأن إمكانية تطبيقه من عدمها.

ويعود الجدل إلى وجود فقرات كثيرة بالقوانين العراقية يمكن من خلالها ملاحقة المسؤولين بتهمة التضليل أو خداع الجمهور لكنها معطلة، وكذلك لكون القوى السياسية لن تمرر قانوناً مماثلاً، لا سيما أن مشاريع قوانين مماثلة مركونة منذ سنوات في انتظار التصويت عليها داخل البرلمان، فيما قلل مراقبون من أهمية القوانين الإصلاحية بشكل عام، إن لم تكن هناك قدرة على تطبيقها.

وقدم الوزير العراقي السابق، والقيادي في "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، بنكين ريكاني، قبل أيام عبر وسائل إعلام محلية، مقترحاً لسن قانون لـ"مكافحة الكذب" في الدولة العراقية.

وبحسب ريكاني فإن القانون المقترح ينص على "إعفاء كل من يشغل وظيفة وزير أو من هو بدرجته، أو منصب محافظ، أو مدير عام، ممن يثبت إدلاؤه بتصريحات إعلامية، أو بيانات كاذبة، أو مضللة، أو غير دقيقة حول نشاطه أو نشاط مؤسسته، أو نسب إلى نفسه إنجازاً لم يفعله".

وأكد أن "القانون يتيح لأي عراقي إقامة الدعوى أمام محاكم النشر لإثبات واقعة الكذب بمختلف طرق الإثبات، وأنه بموجب القانون فإنه يتم إعفاء المسؤول من منصبة، عند اكتساب القرار الدرجة القطعية، أو يعاد إلى وظيفته إذا صدر قرار بات ببراءته".

كذلك أشار إلى أن "القانون يمنح رئاسة البرلمان أو لـ 50 نائباً الطلب من رئيس الوزراء إحالة أي مسؤول إلى لجنة تحقيقية خاصة، وعلى رئيس الوزراء تنفيذ الطلب، كما ويحظر على كل من أدين بالكذب، تسنم أي منصب مستقبلاً، أو الترشح لعضوية البرلمان أو مجالس المحافظات أو مجالس الإدارة للشركات المساهمة المختلطة والخاصة".

يصب بصالح المواطن

وأثبتت الدورات البرلمانية السابقة عدم القدرة على تمرير عدد كبير من القوانين، بسبب تقاطعات سياسية حادة بشأنها، ومنها قانون "من أين لك هذا"، وقوانين إصلاحية كثيرة، لا سيما تلك التي رافقت التظاهرات العراقية، وكلها لم تنفذ، وتدخل في إطار الوعود الكاذبة، والتي استخدمت لامتصاص الغضب الشعبي.

النائب الفائز في البرلمان المقبل، ماجد شنكالي، أثنى على فكرة القانون، مع تأكيده أنه سيواجه من قبل القوى المتضررة منه، وقال لـ"العربي الجديد" إن "أي قانون يحاسب المسؤول، سواء بالكذب أو السرقة واختلاس المال العام، فنحن نؤيده، لا سيما أن العراق وصل إلى سوء الحال بسبب وعود المسؤولين وعدم تنفيذها، واستغلال المنصب، والفساد والاختلاسات، التي تحتاج إلى قوانين جادة لمحاربتها".

وشدّد على أن "القانون يصب بصالح المواطن، ويضع الكاذبين والمفسدين أمام طائلة القانون فهو يخدم الشعب والدولة، لكن هناك قوانين بنفس الفحوى والأهمية لو كانت قد أقرت وطبقت في الدورات البرلمانية السابقة لحققت الكثير، كقانون (من أين لك هذا)، فهو يمثّل الحل لأغلب مشاكل العراق".

تفعيل الرقابة والمحاسبة الشعبية

وتابع قائلاً "لو أقر لكان أكثر من 50 بالمائة من موظفي الدولة العراقية سيصلون إلى السجون وسيحاسبون"، مشيراً إلى أن "تطبيق القانون سيكون له تأثير كبير وسيحدّ من كذب المسؤولين، وعدم تنفيذ الوعود ويحجم من الفساد وغير ذلك".

أما عضو اللجنة القانونية في البرلمان السابق حسين العقابي، فقد عدّ كل الطبقة السياسية "تحت طائلة هذا القانون"، وأن تطبيقه "صعب"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "الوعود الكاذبة والوعود غير الصحيحة والوعود غير المسؤولة هي الصفة الغالبة على الطبقة السياسية بشكل عام، لكن مع القانون فإننا بحاجة إلى تفعيل الرقابة والمحاسبة الشعبية أيضاً".

وأضاف "للأسف أن الرقابة ضعيفة في البلد، والدليل على ذلك أن البرامج الحكومية والبرامج الانتخابية لا يتم الالتزام بها من قبل الكتلة والطرف السياسي، والوعد عندما لا يتحقق يجب أن يحاسب عليه من قبل الشعب"، مشدداً "سمعنا في الدورات الانتخابية السابقة ومنها الأخيرة ببرامج سياسية، وبعد ذلك تنصل هؤلاء من البرامج بشكل نهائي".

وقال المختص في الشأن السياسي والأستاذ الجامعي، ماهر الحلفي، إن "القانون مهم جداً، وهو أولاً يفضح المسؤولين العراقيين، كون أغلبهم متورطين بقضايا الوعود الكاذبة، عدا ملفات فساد وغير ذلك، فضلاً عن كونه يضعهم في دائرة المحاسبة القانونية".

وأكد لـ"العربي الجديد" أن "الأهم من القانون هو إمكانية تنفيذه وتطبيقه، وهذا أمر صعب للغاية، لا سيما مع وجود جهات موغلة بالفساد وتورطت بوعود كاذبة خلال حملاتها الانتخابية، وكانت قد اعترضت على جميع القوانين الإصلاحية سابقاً ومنعت تمريرها"، مشدداً "علينا أن نعلم أن أي خطوة إصلاحية ستقف بوجهها قوى الفساد وتمنعها بالقوة، ولا يمكن تطبيق القوانين الإصلاحية إلا إذا تخلصنا من الأحزاب الفاسدة".

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، علّق عراقيون على القانون المقترح، وقال ليث شبر، "نثني على رأي الصديق بنكين ريكاني بضرورة إقرار هذا القانون ويجب أن يشمل الرئاسات الثلاث ونوابهم أيضاً".

المساهمون