جدل السيدة الأولى يعود مع عقيلة قيس سعيد: تدخل العائلة في الدولة

جدل السيدة الأولى يعود مع عقيلة الرئيس قيس سعيد: تحذيرات من تواصل تدخل العائلة في الدولة

14 اغسطس 2022
سعيد كان قد تعهد بأن زوجته لن تكون السيدة الأولى (الشاذلي بن ابراهيم/Getty)
+ الخط -

تصاعد الجدل في تونس منذ ظهور عقيلة الرئيس التونسي قيس سعيد، القاضية إشراف شبيل، أمس السبت، في خطاب رسمي بثه التلفزيون الحكومي بمناسبة عيد المرأة، وسط مخاوف من تعاظم دور عائلة الرئيس في الحكم وتحذيرات من تداعيات ذلك.

وظهرت زوجة الرئيس سعيد، في موكب رسمي لتكريم عدد من النساء بمناسبة عيد المرأة، وما أجج الجدل ولفت الانتباه إلقاؤها خطاباً رسمياً تحدثت فيه عن مكاسب الدستور الجديد واحترام حقوق المرأة وحماية مكاسبها.

وجاء خطاب شبيل قبل كلمة رئيسة الحكومة، نجلاء بودن لتستأثر بالاهتمام والانتباه من حيث بروتوكول التقديم والحضور والظهور. 

واستغرب مراقبون خطاب شبيل، الأول لزوجة رئيس منذ 12 عاماً، حيث ودع التونسيون بعد الثورة خطابات السيدة الأولى وأدوارها السياسية، مع ليلى طرابلسي زوجة الرئيس السابق زين العابدين بن علي التي تعيش في منفاها في جدة منذ هروبها في 2011 عقب ثورة الياسمين.

وبعد الثورة انحصر ظهور زوجات الرؤساء السابقين في مواكب وزيارات دون أن يلقين خطابات سياسية، الشيء الذي صعّد حجم الانتقادات للرئيس سعيد الذي كان قبل توليه من أشد منتقدي المنظومة الاستبدادية ورموزها.

وتداول نشطاء تصريحات سابقة لسعيد، منددين بتناقض خطابه، منها في حوار صحافي قبل توليه الحكم، حيث قال إنه "في حال وصل إلى الرئاسة فإن عائلته (زوجته وأبناءه) ليس لهم دخل في السياسة وليس لهم مساندة خاصة لشخصه. وأن زوجته لن تكون السيدة الأولى لتونس لأن كل التونسيات هن سيدات تونس"، بحسب تعبيره وقتها.

ذكريات سيئة

وقال المحلل السياسي والباحث في الفلسفة السياسية المعاصرة، شكري بن عيسى، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "عقيلات الرؤساء في العالم يلعبن أدواراً اجتماعية وثقافية وحتى سياسية، ولكن في تونس يرتبط الأمر بذكريات سيئة للغاية وتركة ثقيلة خلفتها زوجات الرؤساء السابقين والنساء الأول، بداية من وسيلة بن عمار، زوجة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وثم ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، اللتين لعبتا أدواراً سياسية متقدمة في العلن كما في الخفاء بطرق قذرة وغير شرعية بلغت حد تقويض الدولة والمؤسسات".

وبين أن "زوجة الرئيس سعيد، وإن كانت تختلف عن الزوجات السابقات باعتبارها متعلمة ومثقفة وقاضية درجة ثالثة، إلا أنها أصبحت تتحرك تحت رغبة أنصار سعيد في لعب دور هام ومتقدم، وبدا ذلك بوضوح في ظهورها أمس حيث تزيدت في خطابها وكانت مبجلة وذات حظوة على حساب رئيسة الحكومة".

ولفت إلى أنه "من المعلوم الأدوار التي تلعبها زوجة الرئيس وشقيقتها عاتكة في تسيير دواليب القصر الرئاسي الفارغ من المستشارين، فأصبحت النساء يلعبن دوراً هاماً في القصر".

وذكر أن "زوجة الرئيس عينت بعض صديقاتها في مناصب، خصوصاً وزيرة العدل، ليلى جفال، التي عينتها منذ حكومة هشام المشيشي في منصب الشؤون العقارية ثم العدل في حكومة بودن"، مبيناً أن "هذه الوزيرة التي انتكست أخيراً لها دور سياسي هام بعد عدم عثورها على ملفات تدين القضاة لمحاسبتهم".

وتابع أن "المراقبين القانونيين يرون أنها تتدخل في الحكم من غير صفة وبغير سلطة قانونية وهذا أمر خطير".

واستطرد قائلاً إن "رئيس الجمهورية انتخبه عديدون على أساس نزاهته واستقامته والتزامه بالقانون والمصلحة العامة وعدم الرجوع إلى الممارسات القديمة الاستبدادية، وهو ينقض هذه الصورة التي على أساسها انتخبه الشعب".

وأكد أنه "مع الوقت سيمس من صورة الرئيس، ومشروعيته ستهتز مع تراكم هذه الممارسات وستنزع عنه المصداقية".

وشدد على أن "تدخل العائلة، سواء شقيق الرئيس أم أصهاره أم زوجته أم بعض المقربين، منه ممن يسمون أصحاب المشروع، يدل على نقص وفقر في الكفاءة لدى رئيس الجمهورية الذي لم يستطع المسك بدواليب الدولة كما يجب".

من جهته، تساءل أمين عام الحزب الجمهوري، عصام الشابي قائلاً: "ما هي الصفة التي تخول إشراف شبيل الإشراف بصحبة نجلاء بودن على نشاط حكومي رسمي؟ سوى أنها حرم رئيس الجمهورية

وتابع: "هل تمنحها تلك الصفة أهلية التوجه بكلمة إلى التونسيات (والتونسيين) تتحدث فيها عن فخرها بالمنجزات التي تحققت بفضل دستور الجمهورية الجديدة، التي يحاول رئيس سلطة الأمر الواقع (زوجها) فرضها من خلال تطويع مؤسسات الدولة وإخضاعها لمشروعه الخاص"؟

وقال الشابي على "فيسبوك"، إن "هذا لم يحصل أبدأ بعد الثورة لا مع فؤاد المبزع ولا منصف المرزوقي من بعده ولا مع المرحوم الباجي قائد السبسي أو محمد الناصر الذين تداولوا على رئاسة الجمهورية خلال العشرية السوداء" .

وأردف: "لم يحصل هذا إلا زمن الحكم الفردي للرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي عندما أصاب مؤسسات الدولة ما أصابها من وهن وضعف". 

وشدد الشابي على أنه "خلال عام واحد من الحكم الفردي المطلق للسيد قيس سعيد استرجعت تونس بصورة مكثفة كل السلبيات التي راكمتها دولة الاستبداد على مدى خمسة عقود. كفى، يكفي".

وعلقت القيادية في حراك "مواطنون ضد الانقلاب"، شيماء العيسى بشكل ساخر على حسابها على "فيسبوك"، قائلة: "أميرة المؤمنين مصحوبة بالوصيفة الأولى والثانية تخطب عليكم يا معشر الأمة هنيئاً لكم، سيرك سعيد يسقط الانقلاب".

المساهمون