تونس تحت الرقابة الدولية

تونس تحت الرقابة الدولية

24 يناير 2022
همّ سعيّد فرض واقع يقبل به المجتمع الدولي (Getty)
+ الخط -

تواترت في الأيام الأخيرة تصريحات مسؤولين في عواصم غربية بشأن الأوضاع في تونس، ومعها مواقف وتعبيرات دبلوماسية لم يعهدها التونسيون على مدى عقود من الزمن. 

وتشي كل هذه التطورات بالتدخل المباشر شيئاً فشيئاً في شؤون البلاد، بينما تراجعت خطابات السيادة الوطنية المعدّة للاستهلاك الداخلي، أمام نفاد الصبر الدولي واستمرار تدهور الأوضاع في البلاد.

وأكد السفير الأميركي في تونس دونالد بلوم لرئيسة الحكومة نجلاء بودن، الشهر الماضي، "أهمّية أن تؤمّن تونس من الآن فصاعداً عمليّة تشاور سياسي شفّافة تشمل الجميع".

وقال السفير الألماني بيتر بروغل، في محادثة مع وزيرة المالية سهام بوغديري نمصية، بمناسبة دفع قرض بقيمة 100 مليون يورو لتونس أخيراً، إن "قرار الدفع تم على أساس الثقة من أن خريطة الطريق، التي أعدها رئيس الجمهورية (قيس سعيّد)، ستمهد الطريق للعودة إلى النظام الدستوري، واستعادة المكتسبات الديمقراطية في البلاد".

وذكّر بروغل "بأهمية احترام حقوق الإنسان والحقوق الأساسية لجميع التونسيين، وكذلك ضمان فصل السلطات وسيادة القانون في البلاد". وأعلن أنه "مع ذلك ستراقب ألمانيا عن كثب التطورات المستقبلية، بالتعاون الوثيق مع شركائها الأوروبيين، وغيرهم من الشركاء الدوليين".

وفي بيان الإليزيه بشأن مكالمة سعيّد والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السبت الماضي، فقد دعا الأخير سعيّد إلى تنفيذ "مرحلة انتقالية جامعة". كما "أشاد بإعلان جدول زمني لمرحلة انتقالية، وشجع سعيّد على تنفيذ هذا الانتقال ضمن إطار جامع إلى أقصى حد ممكن". وأعلن أنّ سعيّد "تعهد باحترام دولة القانون والحريات".

وتبدو مصطلحات المراقبة، والشروط المقترنة بالقروض، والتزام الرئيس التونسي أمام رؤساء أجانب بشأن أوضاع داخلية، مسألة غريبة لم يعهدها التونسيون، برغم كل الأوضاع السابقة التي عاشوها في مراحل مختلفة من تاريخ البلاد، لأنها تعكس حجم الأزمة التي وصلتها، وحجم الكارثة المقبلة عليها إذا لم يتم تدارك هذا الأمر سريعاً.

وبقطع النظر عن الموقف الفرنسي المائع، الذي فرضه ضغط حقوقي وإعلامي بسبب تدهور الحريات في تونس، فإن هناك قلقاً دولياً حقيقياً من المنعرج الذي تتجه إليه الأزمة، بعد التصعيد الأخير ووصول التوتر إلى مرحلة تسبق الصدام.

وبينما يدعو كل العالم سعيّد إلى ضرورة وضع خطة تشاركية للمرحلة المقبلة، يواصل الأخير عزفه المنفرد، غير آبه بذلك. وكل همه كسب الوقت، ريثما يتقدم في فرض أمر واقع يقبل به المجتمع الدولي، وهو ما يعكسه الموقف الفرنسي مثلاً. وداخلياً، يواصل اللعب على تناقضات المعارضة، وحسابات الربح والخسارة من الاقتراب/ الابتعاد عن محيطه، بينما يعرف الجميع أن الكل خاسر، ولكن الطمع هو جريمة السياسيين.

المساهمون