توتر في سنجار العراقية بعد اختطاف مسلحي "العمال الكردستاني" فتاة

توتر في سنجار العراقية بعد اختطاف مسلحي "العمال الكردستاني" فتاة عربية

31 اغسطس 2023
مقاتلون من حزب العمال الكردستاني في شوارع سنجار (أسوشييتد برس)
+ الخط -

لليوم الثالث على التوالي، تشهد مناطق غرب الموصل ضمن محافظة نينوى شمالي العراق، توتراً أمنياً واحتجاجات عشائر عربية، إثر اختطاف مسلحي حزب العمال الكردستاني فتاة عربية، تنتمي إلى إحدى القبائل القاطنة بالمنطقة، وسط مطالبات بتدخل الجيش العراقي للحد من انتهاكات الحزب التركي المعارض الذي يتواجد داخل العراق منذ سنوات عديدة، ويهيمن على أجزاء واسعة من مدينة سنجار (115 كيلومتراً) غرب الموصل.
 
ووفقاً لما أفاد به مسؤول أمني عراقي في جهاز الشرطة بمحافظة نينوى، "العربي الجديد"، اليوم الخميس، فإنّ "مسلحين من حزب العمال الكردستاني، أقدموا على اختطاف امرأة عربية من قضاء سنجار، من عشيرة البجاري، وتسكن قرية حصاويك، التابعة لناحية الشمال إحدى ضواحي سنجار"، موضحاً أنّ "المعلومات التي حصلت عليها الأجهزة الأمنية تفيد باختطاف المرأة من قبل حزب العمال الكردستاني الذين يترددون على القرى الحدودية ومركز قضاء سنجار".
 
وأضاف المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، في اتصال عبر الهاتف، أنّ "الأجهزة الأمنية تواصل عمليات البحث عن المرأة التي يعتقد أنها نقلت إلى جبل سنجار حيث معسكرات التجنيد والتدريب والمقرات الرئيسية لمسلحي حزب العمال"، مشيراً إلى أنّ كيفية اختطاف المرأة ليست معلومة لكون أقربائها ذكروا أنها "فقدت بعد دخول آليات تابعة لمسلحي إحدى المليشيات التابعة لحزب العمال إلى القرية".

وبيّن أن عدداً من زعماء ووجهاء العشائر العربية "لوّحوا بالتحرك ضد مسلحي الحزب في حال لم تتخذ حكومة محمد شياع السوداني أي إجراءات ضدهم".

 وفي الساعات الماضية تداولت صفحات محلية في نينوى مقطعاً مصوراً لأحد وجهاء عشيرة الجبور في سنجار وهو يدعو لهبّة عشائرية ضد "العمال الكردستاني" من أجل إطلاق سراح المرأة العربية المختطفة، متوعداً بالرد على جريمة الاختطاف.

وأكد أحد الناشطين العرب من قضاء سنجار أنّ "التهديدات طاولت عائلة المرأة المختطفة من قبل أذرع حزب العمال الكردستاني، وذلك لإرغامها على عدم إثارة الموضوع".

وكشف الناشط، الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه، أنّ السلطات الحكومية لم تصدر أي تعليق أو بيان رسمي بشأن الحادثة، وهو ما يؤكد واقعة الاختطاف، معتبراً أنّ "الأجهزة الأمنية تحاول أن تبرر موقفها وتنفي وقوع خرق أمني ضمن قواطع مسؤوليتها، ولو كانت حادثة الخطف غير موجودة لبادرت تلك الأجهزة بالنفي".

موت سريري لاتفاق سنجار

النائب في البرلمان العراقي عن مدينة سنجار، محما خليل، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "حزب العمال ارتكب العديد من جرائم الاختطاف في سنجار، من أجل تجنيدهم في صفوف الحزب"، وبيّن أنّ الحزب يلجأ في بعض الأحيان إلى التجنيد عبر المال "مستغلاً حاجة الأهالي وفقرهم الشديد".

وأشار خليل إلى أنّ الوضع في سنجار يشبه "المريض الميت سريرياً بسبب غياب الدولة العراقية وسيطرة المليشيات الخارجة عن القانون على القضاء، وبالتالي انعدام فرص الحياة والعمل ما يدفع الشباب والنساء المتواجدين في سنجار إلى الالتحاق بالتنظيم مقابل مبالغ مالية تتراوح بين (200- 400) دولار في الشهر". وأوضح أنّ "العمال الكردستاني" لجأ أيضاً إلى "عمليات اختطاف بالقوة لرجال ونساء وتجنيدهم قسراً في التنظيم، مستخدماً التهديد بالقتل والتصفية في حال رفضهم الانخراط في المليشيات التابعة له".
 
وحمّل خليل الحكومة العراقية المسؤولية الكاملة عن تكرار الانتهاكات بحق سكان سنجار، "لأنّ وجود الدولة العراقية في القضاء هو مجرد وجود شكلي، بينما السيطرة الفعلية هي لحزب العمال الكردستاني"، مؤكداً أنّ "وضع سنجار كان في طريقه للحل قبل 3 سنوات لو نفذ اتفاق سنجار الخاص بتطبيع الأوضاع في القضاء"، بعد توقيعه في أكتوبر/ تشرين الأول 2020.

وينص اتفاق سنجار على إنهاء وجود حزب العمال الكردستاني والفصائل التابعة له والمليشيات المسلحة الأخرى، وتسليم الملف الأمني في محيط القضاء لقوات حرس الحدود والجيش العراقي وفي داخل القضاء للشرطة المحلية، والتي يفترض أن يكون قوامها من أبناء سنجار. كما ينص على تشكيل إدارة محلية مشتركة للقضاء وبالاتفاق بين حكومتي بغداد وأربيل، والبدء بإعادة النازحين، وتنفيذ حملة حقيقية لإعمار القضاء الذي تعرض للتدمير خلال العمليات العسكرية.

تقارير عربية
التحديثات الحية

تدخلات خارجية في سنجار

الباحث السياسي مصطفى خلدون رجح عدم التوصل إلى حل قريب لمشكلة قضاء سنجار، لـ"غياب الإرادة السياسية الحقيقية" لحل المشكلة.

وقال خلدون، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قضية سنجار لم تعد مشكلة داخلية عراقية، وتحولت منذ 2014 إلى قضية دولية بسبب تدخلات خارجية تتمثل بالتدخلات الإيرانية والتركية"، مضيفاً أنّ "إيران والجهات التابعة لها ترى في سنجار محطة لاستكمال السيطرة على الحدود العراقية السورية، وتطويق إقليم كردستان والاقتراب أكثر من الحدود التركية، بينما ترى تركيا في تواجد حزب العمال بقضاء سنجار القريب من حدودها مسألة أمن قومي يفرض عليها التدخل لمنع خطره على تركيا".

ولفت إلى أنّ "الدور العراقي غائب تماماً عن ملف سنجار، ويرجع ذلك إلى ضعف سلطة الدولة أمام الفصائل المسلحة، مما دفع الكثير من الجهات التي تشارك في الحكومة باتجاه إبقاء سيطرة الحزب العمال على سنجار". وتوقع "بقاء الأوضاع في القضاء على هذا الحال في الفترة المقبلة أيضاً، وذلك يعني أن الانتهاكات والخروقات التي يرتكبها مسلحو حزب العمال الكردستاني بحق أهالي سنجار من العرب والأيزيديين، وجميع المخالفين له، ستتواصل دون توقف". 

المساهمون