تظاهرات أميركا: توقيفات ونهب في فيلادلفيا واحتجاجات عنيفة في واشنطن

28 أكتوبر 2020
+ الخط -

شهدت مدينة فيلادلفيا الأميركية، الثلاثاء، ليلة جديدة من التظاهرات، تخلّلتها توقيفات وعمليات نهب، غداة مقتل رجل أسود على يد الشرطة، في وقت اندلعت احتجاجات عنيفة في واشنطن، اليوم الأربعاء، على خلفية مقتل رجل من ذوي البشرة السمراء كانت تطارده الشرطة الأميركية.

وذكرت محطة "إن بي سي 4" المحلية أن 4 عناصر شرطة أصيبوا، وألقي القبض على شخص على الأقل، خلال الاحتجاجات على مقتل الأميركي كارون هيلتون براون (20 عاماً)، أمام مركز شرطة المقاطعة الرابعة في واشنطن.

وقالت إدارة شرطة العاصمة، وفق "الأناضول"، إن عناصرها حاولوا إيقاف براون، الجمعة، عند موقف مروري، أثناء قيادته دراجة كهربائية من دون أن يرتدي خوذة القيادة. وأضافت أن الضحية اصطدم بسيارة أثناء مطاردته، قبل أن تقدم له المساعدة الأولية لكنه لقي حتفه متأثراً بجراحه في المستشفى.

 

وطالب المحتجون، بما فيهم ذوو الضحية الشرطة، بـ "إظهار مقطع فيديو" يثبت زعمهم، فيما حمّلت عائلة براون الشرطة مسؤولية الحادث.

وفي فيلادلفيا، كتبت شرطة المدينة في تغريدة عبر "تويتر" أن "حشداً كبيراً" يضمّ نحو ألف شخص يهاجم متاجر في شمال شرق فيلادلفيا.

 

وأظهرت مشاهد التُقطت من مروحية مخربين يُفرغون متجر ألبسة رياضية ومحلاً آخر، كما أظهرت مقاطع فيديو صورتها وسائل إعلام محلية نهب متجر أغذية كبير في شمال المدينة.

 

وخرجت التظاهرات في حيّ آخر، في "ويست فيلادلفيا" (غرب فيلادلفيا) حيث كان يعيش والتر والاس جونيور، الشاب الأسود البالغ 27 عاماً الذي أرداه شرطيان بعد ظهر الاثنين. وأفاد صحافيون في وكالة "فرانس برس" بأن عدد المتظاهرين مساء الثلاثاء تخطى ألفاً، وكانوا يسيرون قبل أن توقفهم الشرطة التي فرضت طوقاً أمنياً.

وتفرّق الحشد لكن مجموعات صغيرة تضم كل منها نحو مائة شخص، انتشرت في الحيّ، فأحرق بعضهم مستوعبات نفايات وقطع أثاث نقلوها إلى وسط الطريق، وفق "فرانس برس".

 

وفي عدة أماكن، تدخّلت الشرطة من دون إنذار مسبق لتفريق المجموعات الصغيرة مستخدمة أحياناً الهروات، وأوقفت عدداً من الأشخاص.

وفي اليوم السابق، أُصيب أكثر من ثلاثين شرطياً بجروح، بينهم شرطية كسرت ساقها بعدما صدمتها شاحنة "عمداً"، وفق ما ذكرت المسؤولة عن شرطة المدينة دانيال أوتلو، وهي كانت لا تزال في المستشفى الثلاثاء.

وتم تعليق مهام الشرطيين المتورطين بمقتل والتر والاس جونيور بانتظار نتائج التحقيق الذي تجريه الشرطة والمدعي العام المحلي.

وكان الشرطيان قد توجّها إلى مكان الحادث بعد أن ورد اتصال يفيد عن شجار عائلي وعن وجود رجل يحمل سكيناً. وأوضح المتحدث باسم شرطة فيلادلفيا إريك غريب أن والاس جونيور رفض إلقاء سلاحه رغم أوامر الشرطة. وأكدت عائلة الشاب بلسان محاميها أن الاتصال لم يكن موجهاً للشرطة إنما للطوارئ الصحية، إذ إن والاس جونيور يعاني من مشاكل نفسية وكان في خضمّ نوبة.

 

واعتبر إيزرا أليدو، وهو فنان من أصل أفريقي يبلغ 25 عاماً، أن "الشرطيين مدربان بشكل سيئ". وقال نات تورنر وهو مصوّر أميركي أفريقي عمره 61 عاماً "لا يمكن إعادة تأهيل الكراهية"، مشيراً إلى أن النقابة الوطنية الرئيسة للشرطيين أعربت أخيراً عن دعمها للرئيس الأميركي دونالد ترامب. وأضاف أن شرطيي فيلادلفيا "لا يدركون على ما يبدو أن أرواحنا لديها قيمة مثل أي روح أخرى".

 

استدعاء الحرس الوطني

وللحفاظ على النظام في هذه المدينة التي باتت إحدى ساحات المعركة الانتخابية الرئيسية بين الجمهوريين والديمقراطيين، استدعت رئاسة البلدية الثلاثاء الحرس الوطني. وأعرب رئيس البلدية الديمقراطي جيم كيني عن قلقه حيال ارتفاع مفاجئ لمنسوب التوتر في مدينة حيث ترافقت تظاهرات حركة "بلاك لايفز ماتر" (حياة السود مهمة) إثر مقتل جورج فلويد في أواخر أيار/ مايو، مع أعمال تخريب وعنف وارتفاع معدّل الجرائم. إلا أنه ميز بين "المتظاهرين السلميين الذين كانوا هنا مساء أمس وسيكونون ربما هنا لأسبوع أو اثنين" والمتظاهرين الذين يقومون بـ"أعمال تخريب ونهب وهي ليست أشكال مقبولة لحرية التعبير".

 

البيت الأبيض يراقب عن كثب

وإذا تواصلت أعمال العنف في الأيام المقبلة، فإن الوضع في فيلادلفيا يمكن أن يصبح مسألة مركزية في نهاية حملة الانتخابات الرئاسية، فقد جعل ترامب والجمهوريون من ارتفاع معدّل الجريمة في المدن الكبيرة التي غالباً ما يديرها الديمقراطيون حجةً ضد جو بايدن.

وغالباً ما يذكر الرئيس الأميركي بنسيلفانيا وتحديداً فيلادلفيا، كمكان يسجّل أكبر خطر بحصول عمليات تزوير انتخابي، حتى لو أنه لم يحصل أي حادث يدعم هذه النظرية.

وقالت مديرة مكتب التواصل الاستراتيجي في البيت الأبيض أليسا فرح صباح الثلاثاء، "إننا نراقب الوضع عن كثب. نحن على استعداد لنشر موارد فدرالية إذا لزم الأمر. الرئيس ترامب لن يتسامح مع العنف الموجه ضد قوات الأمن الأميركية".

وعلّق المرشح الديمقراطي جو بايدن أيضاً سريعاً على الأمر، فندّد بـ"إجحاف" جديد ضد الأميركيين من أصل أفريقي، الذين يشكلون جزءاً مهماً من ناخبيه، محذراً في الوقت نفسه من أعمال النهب ومهاجمة الشرطيين. وقال "النهب ليس التظاهر، إنه مخالفة"، مؤكداً أن ترامب "غير قادر" على "جمع الناس، لكننا سنتمكن من تحقيق ذلك".

المساهمون