تشارلز ملكاً في زمن "غير ملكي": الجمهوريون سيتظاهرون بأثناء التتويج

تشارلز الثالث ملكاً في زمن "غير ملكي": الجمهوريون يحشدون لتظاهرات في أثناء مراسم التتويج

20 ابريل 2023
تشير استطلاعات الرأي إلى أن البريطانيين باتوا أقل قناعة باستمرار الملكية في بلادهم (Getty)
+ الخط -

ملايين الناخبين البريطانيين يترقّبون مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث المقرّرة بعد أسبوعين، التي ستمنحهم عطلة نهاية أسبوع طويلة، من السادس وحتى التاسع من شهر مايو/ أيار، إضافة إلى الكثير من الاحتفالات المحلية الخاصة بكل حيّ من أحياء المملكة.

 في الوقت ذاته، هناك بضعة آلاف من البريطانيين المعارضين للملكية يستعدون للتظاهر في ساحة الطرف الأغر وسط العاصمة لندن وفي مناطق أخرى مثل غلاسكو وإدنبرة وكارديف، رافعين شعار "ليس ملكياً"، في إشارة إلى أن الملك تشارلز الثالث ورث العرش بطبيعة الحال ولم ينتخب. 

وقال المدير التنفيذي لمجموعة "الجمهورية" Republic غراهام سميث، في لقاء خاص مع "العربي الجديد"، إن المظاهرة المقرّرة تزامناً مع مراسم التتويج ستكون "أكبر عمل احتجاجي" في تاريخ المجموعة التي تأسست قبل 50 عاماً، إلا أنها لن تحمل أي طابع شبيه بالمظاهرات المثيرة للشغب مثلاً أو التي تؤرق السلطات في بريطانيا أو في بلدان أوروبية أخرى، على غرار ما تقوم به جماعات "إكستنشن ريبليون". 

ويعتقد سميث، وهو أحد أكثر النشطاء المناهضين للملكية التزاماً في بريطانيا، أن وفاة الملكة إليزابيث الثانية الصيف الماضي "بدّلت مشاعر الكثير من البريطانيين تجاه التاج"، فـ"الملكية كانت بالنسبة إليهم هي الملكة، وبالتالي فقدوا أسباب دعمهم مع رحيلها". كذلك، كانت الملكة عصيّة على المساس طوال فترة حكمها الممتدة على سبعة عقود، إلا أن ابنها الملك تشارلز ليس كذلك، بحسب سميث، الذي يرى أن شعبية الملك أقل بـ20 نقطة من شعبية والدته، وفق الاستطلاعات، وبالتالي "من غير المستغرب أن تنمو الرغبة بإلغاء الملكية مع تتويج الملك الجديد". 

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن كبار السن من البريطانيين، إضافة إلى اليافعين، باتوا أقل قناعة بأن الملكية ستستمر في بلادهم خلال المئة عام القادمة. كذلك تشير إلى أن نسبة الأشخاص الذين يؤمنون بأهمية العائلة المالكة قد انخفضت كثيراً، مقارنةً بما كانت عليه سنة 1952 عندما اعتلت إليزابيث العرش. 

إحصاء آخر أجرته الصيف الماضي شركة يوغوف، كشف أن 41 بالمئة من الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً يتطلّعون إلى رئيس منتخب، مقابل 31 بالمئة يؤيدون استمرار النظام الملكي. وهو رقم "صادم" بالنسبة إلى ما كشف عنه الاستطلاع ذاته قبل عامين، الذي أظهر أن 46 بالمئة من الشباب يؤيدون النظام الملكي مقابل 26 بالمئة فقط يعارضونه. 

يقول سميث إن ما يقارب سبعة ملايين شخص يعارضون التاج اليوم، وإن "الحماسة تجاه العائلة المالكة تنخفض بشكل لافت"، مضيفاً أن عملهم يتركّز حالياً على شريحة كبيرة لا يستهان بها "تقف في الوسط، لا تعنيها الأسرة المالكة ولا تهمّها أخبارها ويومياتها"، فتحاول مجموعة "الجمهورية" جذبها من منطقة اللامبالاة إلى منطقة الفعل والمطالبة بالتغيير و"استبدال الملك برئيس دولة منتخب وديمقراطي". 

وكانت الاحتفالات التي رافقت إعلان تشارلز الثالث ملكاً رسمياً في سبتمبر الماضي قد ترافقت مع مظاهرات صغيرة ومتفرّقة، ومع وجود أمني كبير واعتقالات. إذ صدر قبل أيام قليلة حكم بالعمل 100 ساعة غير مدفوعة الأجر بحق شاب بريطاني يبلغ من العمر 23 عاماً، كان في صفوف المتظاهرين ضدّ الملك تشارلز في منطقة يورك وأقدم على رشقه بالبيض، ما يثير بعض التساؤلات والمخاوف حول المظاهرة المقررة في السادس من مايو/ أيار والتي قد تثير بدورها أعمال شغب أو ردود فعل "عنيفة" من قوى الأمن.

إلا أن سميث يستبعد ذلك ويبين لـ"العربي الجديد" أن مجموعته تواصلت مع الشرطة وأن كل المظاهرات ستكون "سلمية"، وبالتالي لن تقع أي مشاكل من هذا القبيل، لافتاً إلى أن مجموعته ستنفذ "نشاطات أكثر غزارة خلال الأشهر القليلة القادمة".

 ويشير سميث إلى أن المملكة المتحدة بلد ديمقراطي حيث لا وجود لأي قوانين "تعوق التظاهر السلمي ضد الملكية" أو "تجرّدنا من حقنا في أن نكون ضدها". وعمّا حققته المجموعة منذ تأسيسها قبل خمسين عاماً، يقول سميث إنها بدأت مجموعةً صغيرة جداً، إلا أنها توسّعت خلال الخمس عشرة سنة الماضية، حيث أقامت العديد من الفعاليات الكبيرة ونظّمت حملات حول أعراس العائلة وحول اليوبيل الذهبي واليوبيل البلاتيني. ويرى سميث أن "المناخ السياسي والاجتماعي قد تغير كثيراً في السنوات العشر الماضية"، وأن أحداثاً كثيرة ساهمت في "تبدّل المزاج العام تجاه التاج"، بما فيها التقشف والتخفيضات المالية وارتفاع الضرائب وتكاليف المعيشة وجائحة كوفيد-19، وأيضاً ملفّات كثيرة مثل أوضاع الأقليات والظلم الذي يتعرّض له السود والاستعمار والعنصرية وغيرها. 

ويلفت سميث إلى أن الأزمات الاقتصادية بشكل خاص انعكست سلباً على فكرة الملكية، فـ"العائلة الملكية ترمز اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى عدم المساواة في توزيع الثروة وإلى الظلم الاجتماعي".

ولما كانت الملكة إليزابيث الثانية "عصية على المساس"، لم تكن القضايا المالية المرتبطة بثروتها وممتلكاتها وبما ورثته أو ستورّثه حديثاً شائعاً في الإعلام البريطاني مع بعض الاستثناءات. 

إلا أن الملك تشارلز الثالث فتح شهية الإعلام خلال الأشهر القليلة الماضية، وقبل أن يتوّج حتى، للحديث أو "فضح" ممتلكاته وثرواته. وأوردت صحيفة "ذا غارديان"، الخميس، تحقيقاً موسعاً أجرته حول ثروته الشخصية التي "أُبعِدَت إلى حد كبير عن التدقيق العام، ومن المستحيل معرفة القيمة الحقيقية والكاملة لممتلكاته". إلا أن الصحيفة عملت على "تدقيق شامل" لأصول الملك وممتلكاته في الريف والمجوهرات المرصّعة بالألماس وغيرها، لتخلص إلى أنه ورث أصولاً "دفعت ثروته إلى ما يقارب ملياري جنيهاً إسترلينياً".
 
ويرجّح التحقيق أن الأصول التي ورثها عن أمّه كانت معفاة من أي مساهمة في الخزانة العامة. 

وفي بيان نشر رداً على ما أوردته الصحيفة، قال متحدث باسم الملك: "إننا لا نعلق على الشؤون المالية الخاصة. لكن الأرقام التي وردت في التحقيق، مزيج إبداعي من التكهنات والفرضيات وعدم الدقة".