تركيا تتوعّد "قسد": انتهاء "المرحلة الأولى" من العمليات العسكرية

تركيا تتوعّد "قسد": انتهاء "المرحلة الأولى" من العمليات العسكرية

12 أكتوبر 2023
جنود أتراك على الحدود مع سورية، نوفمبر 2022 (مهمت عاكف بارلاك/الأناضول)
+ الخط -

أعلنت تركيا أول من أمس الثلاثاء انتهاء ما قالت إنها "المرحلة الأولى" من حملة عسكرية ضد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) شمال شرقي سورية، رداً على هجوم طاول إحدى المديريات التابعة لوزارة الداخلية التركية في العاصمة أنقرة في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، تبناه "حزب العمال الكردستاني".

وفيما نفت "قسد" أي صلة لها بالاعتداء، فإن الجانب التركي ينظر إلى هذه القوات على أنها نسخة سورية من "العمال الكردستاني"، وحمّلها المسؤولية. وتوعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء، بتكثيف الضربات ضد المقاتلين الأكراد في سورية والعراق.

وقال خلال اجتماع كتلة حزبه النيابية "العدالة والتنمية" في أنقرة: "قمنا بالفعل بتكثيف العمليات الجوية وسنواصل ذلك وسنظهر للإرهابيين أن بإمكاننا تدميرهم في أي مكان وزمان".

انتهاء "المرحلة الأولى"

وكان أردوغان قد أعلن أول من أمس الثلاثاء، في أنقرة، أن المرحلة الأولى من العملية العسكرية ضد "قسد" شمال شرقي سورية، انتهت، متوعداً القوات بمواصلة تنفيذ العمليات.

وأكد أن العملية استهدفت "فقط أعضاء التنظيم الإرهابي والمنشآت التي يستخدمها الإرهابيون ومصادر الدخل وقدرات الإرهاب"، مشيراً إلى أنه منذ بداية الشهر الحالي أسفرت العمليات التركية عن تدمير 194 هدفاً تابعاً لمن وصفهم بـ "الإرهابيين"، و"تحييد 162 إرهابياً". وتطرق الرئيس التركي إلى المسيّرة التركية التي تم إسقاطها من قبل القوات الأميركية في شمال شرقي سورية، أثناء العملية، واصفاً ما جرى بأنه "حادث غير سار".

أردوغان: سنظهر للإرهابيين أن بإمكاننا تدميرهم في أي وقتٍ

ووقع الحادث في 5 أكتوبر الحالي. وجاءت العملية التركية ضد "قسد"، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، رداً على انفجار طاول إحدى بوابات مديرية الأمن التابعة لوزارة الداخلية التركية بمنطقة قزلاي (وسط العاصمة أنقرة)، تبناه "الكردستاني".

واعتبرت أنقرة أن الحملة التي شنتها ضد "قسد" عقب الهجوم "تندرج في إطار حقوق الدفاع عن النفس التي يكفلها القانون الدولي للقضاء على الهجمات الإرهابية على الأراضي التركية ولضمان أمن الحدود". وأكد موقع "نورث برس" التابع لـ"قسد" أن العملية التركية أدت الى مقتل تسعة مدنيين بينهم امرأتان، وإصابة 15 شخصاً بينهم 4 أطفال و3 نساء، مشيراً إلى مقتل نحو 40 شخصاً من القوى الأمنية التابعة لـ"قسد" في هذه العملية.

وأضاف "نورث برس" أن المواقع المستهدفة من قبل الجيش التركي توزعت بين 28 موقعاً للبنى التحتية، و150 موقعاً سكنياً، و34 موقعاً عسكرياً، بينهم 21 لقوات النظام، و7 أراضٍ زراعية و3 معامل صناعية، ومدرسة ومستشفى.

إلى ذلك، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القصف التركي طاول، إضافة لمواقع عسكرية، البنى التحتية شمال شرقي سورية، كمحطات الكهرباء والمياه، ومراكز طبية، وصوامع حبوب، ومصانع.

وهذه ليست العملية التركية الأولى ضد "قسد" تعتمد على المسيّرات، فقد سبق أن شن الجيش التركي حملات قصف جوي طاولت قياديين ومعسكرات تدريب تابعة لـ"قسد" التي تؤكد أن الجانب التركي يختلق الذرائع لتقويض سلطتها شمال شرقي سورية، وأنها لا تشكل أي خطر على الأمن القومي التركي.

وأبدى الباحث في مركز "جسور" للدراسات رشيد حوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، اعتقاده بأن تركيا حققت عدة أهداف من وراء العملية، مضيفاً أن الطيران التركي استهدف مصانع قرميد ومحطات للغاز، أي بنى تحتية تستخدمها "قسد" لصالح الأعمال العسكرية كبناء الأنفاق.

ورأى حوراني أن تعطيل منشآت النفط والغاز يحرم هذه القوات موارد مالية ضرورية لبناء المنشآت العسكرية، مشيراً إلى أن "الجانب التركي استهدف شخصيات قيادية في قسد، وهو تأكيد على دقة الجانب الأمني وأن لدى أنقرة بنك أهداف في شمال شرقي سورية".

واعتبر أن الحملة "اعتمدت بنسبة 95 في المائة على الطيران المسيّر في تنفيذ الضربات، وهذا يؤدي دوراً في الدعاية للمسيّرات التركية في العالم"، مضيفاً أن "أنقرة كرست من خلال العملية لمبادئ التعاطي مع قسد وداعمه الكردستاني كمنظمة إرهابية، ولا يمكن التنازل عن التعامل معها دون ذلك".

أهداف تركيا من التصعيد ضد "قسد"

من جانبه، رأى المحلل السياسي التركي هشام جوناي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الجانب التركي "كان يأمل أن تفضي العملية إلى القضاء على أكبر عدد ممكن من معاقل قوات قسد في شمال شرقي سورية"، مضيفاً أن الولايات المتحدة، من خلال إسقاط المسيرة التركية، وجّهت رسالة مباشرة لتركيا مفادها بأنها لن تسمح لتقدم أكبر للحملة على قسد، وأنها تقف ضد أي عملية برية ضد هذه القوات، وهو ما دفع تركيا للتوقف".

واستبعد جوناي أن تكون هناك مرحلة ثانية لهذه الحملة تتضمن توغلاً برياً في شمال وشمال شرقي سورية "وفق عسكريين أتراك تحدثت إليهم بهذا الخصوص".


رشيد حوراني: تركيا استهدفت بنى تحتية تستخدمها "قسد" عسكرياً

 

وأوضح أنه ربما يكون للحملة العسكرية ضد "قسد" صلة بالانتخابات البلدية المقبلة في تركيا (المقررة في مارس/آذار المقبل). وبرأيه فإن "العملية كانت جس نبض الشمال السوري، واكتشفت أنقرة أن واشنطن مستمرة في دعم المنظمات الكردية هناك".

وتعتبر أنقرة "قسد" نسخة سورية من "الكردستاني" الذي تصنفه ودول أخرى ضمن خانة "التنظيمات الإرهابية". وشملت العملية التركية الكثير من المناطق الواقعة تحت سيطرة "قسد"، في شمال شرقي سورية، وأبرزها: الحسكة وريفها، وريف حلب الشمالي، وريف الرقة الشمالي.

وكان الجيش التركي قد شن عمليتين ضد "قسد"، الأولى كانت في مطلع عام 2018 في منطقة عفرين، في ريف حلب الشمالي الغربي، وانتهت بطرد "قسد" من المنطقة التي باتت تحت النفوذ التركي.

وحصلت العملية الثالثة في أكتوبر 2019، والتي انتهت سريعاً مع سيطرة الأتراك على شريط حدودي في منطقة شرق الفرات، بطول مائة كيلومتر وعمق 33 كيلومتراً، يضم منطقة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي، ومنطقة رأس العين في ريف الحسكة الشمالي الغربي.

ويلوّح الجيش التركي بعملية ثالثة ضد "قسد"، إلا أن رفض الأطراف الفاعلة في الملف السوري أي تغيير في خريطة السيطرة الميدانية يحول دون ذلك.