تحقيق بطعن محجبتين في باريس: اعتداء عنصري أم حادث عرضي؟

تحقيق بطعن محجبتين في باريس: اعتداء عنصري أم حادث عرضي؟

20 أكتوبر 2020
الحادث لم يلق اهتماماً لدى الإعلام الفرنسي (فرانس برس)
+ الخط -

تعرضت سيدتان محجبتان إلى عملية طعن قرب برج إيفل في العاصمة الفرنسية باريس، وذلك بعد يومين من مقتل أستاذ التاريخ صمويل باتي، بقطع رأسه على يد مهاجر من أصول شيشانية في مدينة كونفلان سانت أونورين، قرب العاصمة.
وكشفت صحيفة "لوموند"، مساء الثلاثاء، أن تحقيقاً في تهمة "محاولة القتل العمد" فتح من قبل مكتب المدعي العام في باريس، بعد تعرض سيدتين للهجوم بالسكاكين حوالي الساعة الثامنة من مساء الأحد الماضي، وأن شخصين رهن الاعتقال حالياً في الدائرة الباريسية السابعة.
وكان رواد وسائل التواصل الاجتماعي قد تناقلوا مقطعاً مصوراً، قالوا إن إحدى الضحيتين قامت بتصويره، لكن وسائل الإعلام الفرنسية لم تذكر شيئاً عن الحادثة إلا بعد تصدر وسم "العدالة للمحجبات" موقع "تويتر"، بعد ظهر اليوم الثلاثاء.
ووفقاً لمحضر التحقيق، فإن سيدتين من أصل جزائري تعرضتا "لاعتداء قد يحمل طبيعة معادية للإسلام بحضور أطفالهما"، من قبل سيدتين، أثناء سيرهما في حديقة شامب دو مارس بالقرب من برج إيفل.
ونقلت "لوموند" عن مصدر مطلع على التحقيق قوله إنه "في هذه المرحلة من التحقيق لا يوجد دليل يدعم فرضية وجود دافع عنصري، أو آخر مرتبط بارتداء السيدتين للحجاب وراء الاعتداء عليهما".
من جهتها، قالت صحيفة "ليبراسيون" إن المشكلة بدأت بسبب كلب غير مربوط كان برفقة السيدتين. ونقلت الصحيفة عن كينزا (49)، إحدى الضحيتين، قولها إنها خرجت مع ابنة عمها أمل للتنزه في شامب دو مارس، مساء الأحد، قبل أن يندلع شجار مع سيدتين بسبب كلبهما الذي أخاف الأولاد ورفضتا أن تربطاه.
ويظهر مقطع الفيديو، الذي تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، صراخ امرأة مذعورة تقول "اتصل بقسم الإطفاء، تعرضت للطعن"، وكذلك صوت نباح الكلب.


وقال مصدر في الشرطة لصحيفة "لوموند": "لم يرد ذكر للحجاب في الإجراءات. إنه اعتداء مؤسف ومثير للشفقة بسبب كلب، لكن ليس له بعد ديني"، لكن المدعي العام في باريس يعتقد "أنه من المبكر جداً الحديث عن الموضوع لأن التحقيقات لا تزال جارية"، وفقاً للصحيفة.
وبحسب ما تقول كينزا لـ"ليبراسيون"، فإن الدافع في البداية لم يكن دينياً من وجهة نظرها، لكنها أكدت توجيه عبارات عنصرية لها من قبل السيدتين: "عربية قذرة عودي إلى ديارك"، قبل أن تُطعن هي وابنة عمها أكثر من مرة. وأكدت أمل أقوال كينزا، لكنها أضافت في تصريح لـ"لوموند"، أن إحدى السيدتين قامت بتمزيق حجابها.
وتولى رجال الإطفاء نقل المحجبتين إلى المستشفى، حيث أصيبت أمل بطعنات عديدة وخضعت لعملية جراحية في يدها، بينما تعرضت كينزا إلى 6 طعنات، وأصيبت بثقب في الرئة، لكن حالتها الصحية مستقرة.
وتأتي هذه الحادثة في وقت تشهد فيه فرنسا حالة استقطاب كبيرة في أعقاب مقتل باتي، إذ ارتفعت أصوات اليمين، واليمين المتطرف، بالدعوة إلى طرد المهاجرين والتضييق على المسلمين في فرنسا.

ماكرون يترأس خلية أزمة

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد ترأس اجتماعاً لخلية أزمة في منطقة بوبيني، حيث أصدر وزير الداخلية جيرالد درمانان، يوم أمس الاثنين، قراراً بإقفال مسجد بانتان المجاور، وذلك في إطار عملية أمنية أطلقتها وزارة الداخلية ضد شخصيات وهيئات ومنظمات إسلامية تتهم بنشر "خطاب تحريضي".

وفي نهاية الاجتماع، قال ماكرون "إن الإجراءات لمحاربة الإسلاموية سيتم تكثيفها"، متوعداً بـ"بتصميم كامل على محاربة الإسلاميين". كما أشار إلى أنه أصدر قراراً بحل جماعة مؤيدة للقضية الفلسطينية تعرف باسم "جماعة الشيخ (أحمد) ياسين"، أسسها شخص يدعى عبد الحكيم الصفريوي، وهو من بين الموقوفين في قضية مقتل باتي، في إطار تحقيق حول تورطه بالتحريض على المدرس، خصوصاً أنه رافق والد أحد الطلاب الذي طالب بمنع باتي من التدريس بعد عرضه رسوماً كاريكاتورية للنبي محمد خلال درس حول حرية التعبير.

يأتي ذلك في وقت كشفت فيه صحيفة "لوموند" بعض وقائع اجتماع مجلس الدفاع في قصر الإليزيه يوم الأحد الماضي. ونقلت عن مصادر حضرت الاجتماع قولها إن ماكرون "يريد أن يظهر للفرنسيين أن يده لن ترتجف في مواجهة التحدي الذي أطلقه الإرهاب الإسلامي".
وبحسب أورور بيرجي، النائب من حزب ماكرون "الجمهورية للأمام" في البرلمان، فإن الرئيس شدد خلال الاجتماع الذي عقد خلف الأبواب المغلقة على "الحاجة إلى إجراءات فورية لإثبات الطابع الذي لا يتزعزع للدولة، والذي يمكننا أن نتحدى، وأن نتحكم في الأمر ونتصدى لرد قوي".
لكن يبدو أن الإجراءات المشددة التي بدأتها الحكومة، وتصريحات ماكرون، لا تروق لجميع السياسيين في فرنسا، إذ نقلت "لوموند" عن نائب لم تسمه في البرلمان، تشبيهه ماكرون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد قوله خلال الاجتماع "يجب ألا يتمكن الإسلاميون من النوم بسلام في بلادنا". وقال: "عندما رأيت هذه الجملة، ذكرني بفلاديمير بوتين، الذي قال إنه سيقتل الإرهابيين في المرحاض".