بداية وعي أم صحوة متأخرة؟

بداية وعي أم صحوة متأخرة؟

28 مارس 2022
يستغل سعيّد تشتت هذه الأحزاب وتناقضاتها (Getty)
+ الخط -

أعلنت ثلاثة أحزاب تونسية، هي الحزب الجمهوري، والتكتل من أجل العمل والحريات، والتيار الديمقراطي، يوم الجمعة الماضي، عن دخولها في كيان سياسي جديد وتشكيل جبهة لتوحيد العائلة الديمقراطية الاجتماعية في تونس، وعزمها المشاركة مجتمعة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. وأضافت تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية التي تضم هذه الأحزاب أن الكيان سيعمل على "تقديم خطاب سياسي جديد".

وأفاد الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، بأنه لم يتم حسم شكل هذا الكيان السياسي، مرجحاً أن يكون انصهاراً بين الأحزاب في شكل حزب اجتماعي ديمقراطي جديد بإمكانه استقطاب أطراف أخرى، خصوصاً الكفاءات الوطنية، وفسح المجال أكثر للشباب والمرأة.

يشكّل هذا الاجتماع حدثاً سياسياً مهماً للغاية في تونس، ذلك أن المشهد راكد منذ أشهر، والرئيس قيس سعيّد يلعب على تشتت هذه الأحزاب وتناقضاتها وخلافاتها وأوهامها في إمكانية احتلال مكان في المشهد الجديد منفردة. أما التقاؤها فيقود إلى تجميع جهودها وإعلاء صوتها، والأهم أنه يؤسس لحياة سياسية حقيقية في البلاد، التي ينشط فيها أكثر من 200 حزب على الورق.

ولطالما نادى المراقبون في تونس بضرورة تجميع العائلات السياسية وإنهاء حالة الشتات الكبيرة التي دمرت البرلمانات المتعاقبة والحكومات الناتجة عنها، وبالتالي أي إمكانية لتطوير المسار الديمقراطي، وإنهاء الحالة الانتقالية نحو استقرار في المشهد السياسي.

ربما تحمل هذه المبادرة بداية وعي جديد وصحوة ضرورية وإن كانت متأخرة، وتشكّل حافزاً لبقية العائلات السياسية كي تنسج على منوالها وتضع حداً لانتفاخ زعمائها وطمعها في الاستئثار بإجماع الشعب التونسي عليها. ولكن ذلك يشترط أيضاً أن تكون تجربة ناجحة ولا تنتهي كما انتهت جبهات أخرى كثيرة قبلها بالتفكك والخلافات. ويُعوّل على رصانة قادة هذه الأحزاب، عصام الشابي وغازي الشواشي وخليل الزاوية، لقيادة هذه الخطوة المهمة، ليس لهذا الاختلاف فقط، وإنما الساحة السياسية كلها.

وبداية من اليوم الإثنين، تحاول مجموعة من النواب عقد جلسة عامة لمجلس النواب، هي في الحقيقة مجموعة من المستقلين من خارج تجمع حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة، دفعها اقتناعها بضرورة التحرك من أجل بحث حلول دستورية لإنهاء حالة الاستثناء ووضع أسس تحرك نحو انتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها. وهي أيضاً حالة صحو مهمة وإن كانت متأخرة، لوضع حد لهذا الوضع والالتقاء نحو حل جماعي على قاعدة المشترك الأدنى، على الرغم من الخلافات الكبيرة.

مشكلة بعض النخبة السياسية في تونس، أنها تهدر وقتها ووقت مواطنيها قبل أن تستفيق، ولكن أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي مطلقاً.