بايدن يعيّن أول قاضية سوداء في المحكمة العليا الأميركية

بايدن يعيّن أول قاضية سوداء في المحكمة العليا الأميركية

27 فبراير 2022
انخرط بايدن شخصياً في عملية اختيار مرشحته (درو أنغرير/Getty)
+ الخط -

رشّح الرئيس الأميركي جو بايدن، أول من أمس الجمعة، القاضية من أصول أفريقية كيتانجي براون جاكسون، كأول مرشحة أو مرشح له في المحكمة العليا الأميركية، وهو منصب ستشغله جاكسون مدى الحياة إذا ما صادق الكونغرس على تعيينها.

ويأتي ترشيح جاكسون (51 عاماً) وفاء لتعهد بايدن الانتخابي خلال حملته الرئاسية، إذ ستكون، إذا ما وافق مجلس الشيوخ عليها، أول قاضية سوداء في المحكمة العليا، وهي أعلى محكمة أميركية، ما يشكل سابقة تاريخية.

ويتوقع أن يواجه ترشيح جاكسون، التي أشاد بايدن بكفاءتها بعدما انخرط شخصياً في عملية اختيار مرشحه خلفاً للقاضي الليبرالي المتقاعد ستيفن براير، جلسة استماع صاخبة في مجلس الشيوخ، الذي يملك فيه الديمقراطيون أغلبية بفارق صوت واحد فقط عن الجمهوريين.

واستقبل المحافظون هذا الترشيح بفتور، وتحدث بعضهم عن استمرار غلبة "اليسار الراديكالي" في توجهات الحزب المنافس. لكن عدداً من الجمهوريين فضّل عدم إثارة مشكلة كبيرة حول هذا التعيين في موسم انتخابي، لتفادي تأطيره بقالب عنصري.

بايدن يختار أول قاضية سوداء بالمحكمة العليا

واختار بايدن جاكسون من بين 3 مرشحات من أصول أفريقية وصلن إلى المرحلة النهائية من المنافسة على المنصب، وذلك في ختام عملية اختيار جرت بشكل مدقق، لتجنّب التعرض لانتقادات خلال مرحلة التثبيت في الكابيتول.

وكتب بايدن على "تويتر"، أول من أمس، متحدثاً عن مرشحته للمحكمة العليا: "إنها واحدة من ألمع العقول القانونية في أمتنا، وستكون قاضية استثنائية". ولدى تقديمه جاكسون في البيت الأبيض، أشاد الرئيس الأميركي بـ"مؤهلاتها الاستثنائية"، وبعملها في القطاعين الفيدرالي والخاص.

لا تزال الغلبة للمحافظين في المحكمة المؤلفة من 9 قضاة

ورأى بايدن أنه "لفترة طويلة جداً، لم تكن حكوماتنا ومحاكمنا تشبه أميركا. أعتقد أنه آن الأوان لكي تكون لدينا محكمة تعكس كل مواهب وعظمة أمتنا مع مرشحة تملك مؤهلات استثنائية".

ودعا بايدن مجلس الشيوخ إلى سرعة الموافقة على التعيين. وفي بيان له، تحدث البيت الأبيض عن "لحظة "تاريخية"، فيما اعتبر الرئيس الأسبق باراك أوباما أن جاكسون "تشكل أساساً مصدر إلهام للنساء السود، مثل ابنتيّ، ما يتيح لهن الطموح إلى أهداف أعلى".

جلسة مصادقة صعبة في الكونغرس

لكن لا يتوقع أن تمر جلسة الاستماع لجاكسون في مجلس الشيوخ بسهولة، نظراً لحالة الاستقطاب السياسي القوي الراهن في أميركا، ما قد يحولّها إلى جلسة مساءلة.

وردّ بعض أعضاء المجلس من الجمهوريين سلباً على التعيين. وانتقد زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الترشيح، معتبراً أن "القاضية جاكسون هي الخيار المفضل للمصالح المالية القاتمة لأقصى اليسار".

ويُعدّ تعيين جاكسون أول تعيين لبايدن في المحكمة العليا، ولا يتوقع أن يغير في موازين القوى داخل الهيئة القضائية الأعلى في الولايات المتحدة المؤلفة من 9 قضاة، ومهمتها الحفاظ على دستورية القوانين وحسم النقاشات المهمة داخل المجتمع الأميركي.

وقبل بايدن، حظي الرئيس السابق دونالد ترامب بفرصة تعيين 3 قضاة في المحكمة العليا، مرسّخاً النزعة المحافظة في هذه المحكمة على مدى عقود على الأرجح، نظراً إلى أن قضاتها يعينون مدى الحياة (حتى وفاتهم أو التعاقد).

وفي حال تثبيت تعيين جاكسون، فستبقى المحكمة العليا الأميركية مؤلفة من 6 أعضاء محافظين (بينهم امرأة) و3 أعضاء تقدميين، كلهن نساء. وعلى مدى 232 عاماً من وجودها، لم تضم المحكمة العليا في الولايات المتحدة في صفوفها إلا قاضيين من أصول أفريقية، أحدهما كلارنس توماس الذي كان قد عيّنه الرئيس الأسبق جورج بوش الأب، والذي لا يزال عضواً في المحكمة. وعمل 115 قاضياً في المحكمة العليا الأميركية على مدى تاريخها.

حسابات انتخابية للديمقراطيين والجمهوريين

ويمثل اختيار القاضية جاكسون فرصة لإدارة بايدن كي تثبت للناخبين السود، الذين أنقذوا حملته للانتخابات التمهيدية في 2020، أن بإمكانه تنفيذ وعوده لهم في أعقاب الهزيمة الأخيرة للتشريع المتعلق بحقوق التصويت.

ولا يخفى أن الأميركيين من أصول أفريقية هم من أهم داعمي بايدن، مع تأييد له بنسبة الثلثين وفق استطلاع أخير أجرته شبكة "سي بي إس" ونشرت نتائجه الأسبوع الماضي. غير أن شعبيته بين صفوف هذه الفئة، والتي كانت تبلغ 85 في المائة في بداية عهده، تراجعت في الأشهر التي تلت تنصيبه في يناير/كانون الثاني 2021، ولم يتمكن بعد من استرجاعها.

وكانت جاكسون، الحاصلة على شهادة الحقوق من جامعة هارفرد، قد عيّنت في المحكمة الفيدرالية في واشنطن في عام 2013، وهي محكمة معروفة بأهمية الملفات التي تنظر فيها.

ونشأت جاكسون في ولاية فلوريدا، وهي أم لابنتين ومتزوجة من جراح مشهور. وحتى شهادتها شكّلت أيضاً نقطة سلبية بالنسبة لبعض الجمهوريين، الذين ندّدوا بالتمثيل المفرط في المحكمة العليا لقضاة من خريجي جامعات خاصة، في مقدمها "آيفي ليغ" و"هارفرد" و"يال".

ميتش ماكونيل: القاضية جاكسون هي الخيار المفضل للمصالح المالية القاتمة لأقصى اليسار

وفي هذا الإطار، ندّد السيناتور عن كارولاينا الجنوبية ليندسي غراهام، أول من أمس، بالترشيح، قائلاً إن "فرع يال -هارفرد للمحكمة العليا لا يزال يعمل بشكل كامل"، ملمحاً إلى أن هذا الأمر يخلق هيئة من النخب منفصلة عن واقع الحياة الحقيقية في أميركا. واعتبر غراهام أن بايدن رضخ أمام "اليسار الراديكالي".

كما توقع السيناتور عن كارولاينا الجنوبية، الذي اعتبر أن الانتقاد الليبرالي هو ما نسف حظوظ مرشحته الخاصة للمنصب القاضية جي. ميشال تشايلدز، أن تتضمن جلسة الاستماع في الكونغرس المخصصة لهذا الترشيح مساءلة "مهمة" للجنة القانونية، على أن "تجرى باحترام".

لكن عدداً من الجمهوريين في الكونغرس فضّلوا إظهار "الموضوعية" في تعليقهم على ترشيح البيت الأبيض، مكتفين بالقول إنهم سيدرسون سجّل جاكسون المهني، وذلك خشية انعكاس أي موقف متطرف لهم سلباً في صناديق الاقتراع التي ستفتح الخريف المقبل لإجراء الانتخابات النصفية للكونغرس.

وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، فإنّ هجوماً على جاكسون من قبل الجمهوريين، كمثل ما صرّح به كل من ميتش ماكونيل وليندسي غراهام، من شأنه إغضاب مرشحين متأرجحين يقنطون في الضواحي، علماً أن هؤلاء كانوا انقلبوا بشدة على الديمقراطيين أخيراً، بحسب ما تظهر استطلاعات الرأي، وسيكون تصويتهم أساسياً في معركة الانتخابات النصفية.
(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)

المساهمون