في الوقت الذي تدرس فيه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن دور أميركا في الصراع السوري الدائر منذ عشر سنوات، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى النأي بنفسها عن حروب الشرق الأوسط، كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مشغولًا بالفعل على الأرض، في محاولة لكسب الدعم لخطة جديدة بشأن سورية يمكن أن تعزز موقف روسيا كوسيط للأمن والقوة في المنطقة.
ولم تحدد الإدارة الأميركية الجديدة بعد كيف تخطط للتعامل مع سورية، التي باتت مجزأة بين ستة جيوش - بما في ذلك القوات الأميركية – نتيجة الحرب التي أدت إلى مقتل وتشريد الملايين، وصراع تخوضه أطراف متعددة مثل الجماعات التابعة لتنظيمي "القاعدة، "داعش" الإرهابيين وغيرها من الجماعات المتشددة الراغبة في استخدام سورية كقاعدة.
التعامل مع الحرب السورية سيشكل اختبارا لرغبة إدارة بايدن في التركيز على آسيا وليس الشرق الأوسط. ففي حال قلصت الولايات المتحدة وجودها، فإن روسيا وخصوم الولايات المتحدة الآخرين يقفون على أهبة الاستعداد للتدخل وتعزيز مكانتهم الإقليمية ومواردهم، ومن هنا جاءت جولة لافروف في الشرق الأوسط هذا الشهر.
وكان لافروف واقفاً بجانب وزير خارجية دولة الإمارات، الحليفة لواشنطن، عندما وجه رسالة تتماشى مع موقف موسكو بأن العقوبات الأميركية على النظام السوري تعيق الجهود الدولية لإعادة إعمار سورية. وقال الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان إن الوقت قد حان لعودة سورية مجددا إلى الجامعة العربية.
وقال فريدريك هوف، الذي عمل مستشارًا ومبعوثًا أميركيًا لسورية في إدارة أوباما "بعبارة أخرى، رسالة روسيا هي أن الحرب في سورية انتهت، الأسد انتصر، الأسد سيبقى في السلطة طالما أنه يتنفس".
وأشار هوف إلى أن هناك جزءًا غير مذكور من الرسالة، وهو أن روسيا تؤكد إعادة إعمار سورية، وتضع نفسها كوسيط لإدارة التهديدات الأمنية التي تشكلها سورية للمنطقة.
وشدد هوف، ومعه أيضا جيمس جيفري، الدبلوماسي المخضرم الذي عمل في ظل إدارات جمهورية وديمقراطية وعمل مبعوثًا للرئيس دونالد ترامب إلى سورية، على ضرورة بقاء الولايات المتحدة في البلاد، مستشهدين بطموحات روسيا. ويحذر جيفري: "إذا كان هذا هو مستقبل الأمن في الشرق الأوسط، فنحن جميعًا في ورطة. هذا ما يسعى إليه بوتين ولافروف".
وتقوم إدارة بايدن بمراجعة ما إذا كان ينبغي اعتبار سورية واحدة من أهم مشاكل الأمن القومي لأميركا. ولم تظهر أي علامة على القيام بذلك حتى الآن، على الرغم من إبراز الرئيس جو بايدن بعض مشاكل الشرق الأوسط الأخرى كأولويات - بما في ذلك حرب اليمن والبرنامج النووي الإيراني، حيث عين بايدن مبعوثين لهما – لكن موقفه بشأن سورية لم يراوح عتبة التصريحات.
ورفض المتحدثون في مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية الإجابة عن أسئلة محددة حول سياسة بايدن تجاه سورية، بما في ذلك ما إذا كانت الإدارة تنظر إلى الصراع في سورية كتهديد رئيس للأمن القومي أو تخطط لتعيين مبعوث.
ويتبع بايدن أوباما وترامب في السعي لتقليل الدور العسكري للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وتحويل تركيز السياسة الخارجية للولايات المتحدة إلى آسيا، حيث تزداد عدوانية الصين.
(أسوشييتد برس)