دعا باحث عسكري إسرائيلي، اليوم الأحد، القيادة السياسية والعسكرية في دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى استخلاص العبر من المعركة التي شنها الجيش الأميركي في عام 2004 على مدينة الفلوجة العراقية، قبل شن العملية البرية في قطاع غزة.
وقال الباحث في الشؤون العسكرية يجيل ليفي إنّ العبرة الأولى التي يتوجب على إسرائيل استيعابها من معركة "الفلوجة" قبل شن العملية البرية في قطاع غزة تتمثل في وجوب تجنب سقوط عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين في العملية البرية، على اعتبار أن هذه النتيجة ستفضي إلى تهاوي الشرعية الدولية التي تحظى بها إسرائيل لشن حربها على غزة.
وفي تحليل نشرته صحيفة "هارتس" اليوم الأحد، قال الباحث الإسرائيلي إنّ الأميركيين فقدوا الشرعية الدولية عند محاولتهم احتلال الفلوجة لأول مرة بسبب العدد الكبير من القتلى في أوساط المدنيين.
وأضاف أن ما يفاقم الأمور تعقيداً حقيقة أنه رغم الضغوط التي مارسها جيش الاحتلال على المواطنين الفلسطينيين في غزة وشمال القطاع لترك منازلهم، إلا أن الكثير من العائلات الفلسطينية بقيت مكانها.
وبحسب ليفي، فإن الولايات المتحدة كان بوسعها تجاهل ردود الفعل الدولية حينها، لكن إسرائيل لا تستطيع فعل ذلك الآن، لافتاً إلى تعاظم الاحتجاجات في العالم على تصاعد عدد الشهداء من المدنيين الفلسطينيين في الغارات.
أما العبرة الثانية، وفقاً للباحث، فتتمثل في أن العملية البرية في القطاع، في حال لم تسفر عن "إنجاز واضح وحاسم"، فستفضي إلى تفجر حركة احتجاج ضد الحرب، تماماً كما حدث في الولايات المتحدة في أعقاب معركة "الفلوجة".
وأعاد ليفي إلى الأذهان حقيقة أن النخب السياسية الحاكمة في إسرائيل تبدي حساسية كبيرة إزاء ردة فعل الجمهور على عدد القتلى من الجنود في المعارك والمواجهات العسكرية.
وبحسب الباحث الإسرائيلي، فإن العبرة الثالثة من معركة الفلوجة تتجسد في أن "الانتصار العسكري لا يفضي إلى إنجاز سياسي، بل على العكس تماماً"، لافتاً إلى أن حجم الضرر البالغ الذي لحق بالمواطنين العراقيين والبنى التحتية التي تخدمهم أجج الكراهية في أوساط الشعب العراقي تجاه الأميركيين، وهو ما وفر البيئة لتشكل المليشيات المسلحة المناوئة للوجود الأميركي، ومنحها إسناداً شعبياً.
وأشار الباحث إلى أن الفشل الأميركي في الفلوجة أسهم في عدم تشكل نظام سياسي عراقي مستقر، ما أثر سلباً على قدرة الولايات المتحدة على سحب قواتها من العراق.
وأضاف أن هذا الواقع دفع الأميركيين إلى تغيير تكتيكاتهم، بحيث بدأوا يتوجهون إلى التأثير على "قلوب وعقول" العراقيين، من خلال إبداء قدر كبير من ضبط العمليات العسكرية حتى في ظل المخاطر التي يتعرض لها الجنود الأميركيون، من منطلق أن قدرة الولايات المتحدة على تحقيق أهدافها في العراق تتوقف على تقليص عدد المدنيين العراقيين الذين يقتلون خلال عمليات الجيش الأميركي.
وبحسب ليفي، فإن القلق الأميركي من تداعيات عملية برية إسرائيلية في قطاع غزة دفع إدارة الرئيس الأميركي جون بايدن إلى إرسال جنرالات أميركيين كانوا قد لعبوا دوراً في معركة "الفلوجة" ضد المقاومة العراقية، كما لعبوا أدواراً في معركة "الموصل" ضد تنظيم "داعش".
وخلُص ليفي إلى أنه بالاستناد إلى العبر السابقة، فإن الأميركيين يوصون إسرائيل بتجنب شن العملية البرية أو شن عملية برية محدودة، مستدركاً أن العقلية الإسرائيلية تحديداً في هذه الظروف تجعل من الصعب تبني هذه العبر.