انطلاق أعمال البرلمان الأردني: رئاسة محسومة واختبار استعادة الثقة

انطلاق أعمال البرلمان الأردني: رئاسة محسومة واختبار استعادة الثقة

10 ديسمبر 2020
بلغت نسبة الاقتراع في الانتخابات الأردنية 29.9% (الأناضول)
+ الخط -

يفتتح العاهل الأردني عبد الله الثاني، اليوم الخميس، أعمال الدورة غير العادية لمجلس النواب الـ19 بخطاب العرش، على وقع تدابير فرضها فيروس كورونا على استعدادات مجلس الأمة لمراسم افتتاح أعمال الدورة غير العادية، في ظل ظروف اقتصادية صعبة تعيشها البلاد، وانتخابات برلمانية عزف أغلب الأردنيين عن المشاركة بها، ووضع إقليمي معقد ومتقلب. وسيقتصر حضور الجلسة الافتتاحية على عدد محدود من الأشخاص، وهم أعضاء مجلسي الأعيان والنواب والحكومة، بسبب الإجراءات الاحترازية والوقائية المتخذة للحد من تفشي وباء كورونا. وتتضمن تلك الإجراءات الالتزام بارتداء الكمامات، والتباعد بين الحضور، وتوزيع أماكن الجلوس، لتكون مقاعد النواب تحت القبة، والأعيان والوزراء على الشرفات، فضلاً عن إجراء فحص كورونا للحضور قبيل الافتتاح.


أمام المجلس الجديد مشروع قانون الموازنة للعام المقبل

ويواجه مجلس النواب الجديد قضايا صعبة وأحمالاً ثقيلة، وأبرزها الصورة السلبية غير المريحة في الأوساط الشعبية، إضافة إلى الاستحقاقات التي تفرضها الأجندة التشريعية على جدول المجلس في الفترة المقبلة، كانتخاب رئيس المجلس ونوابه ومساعديه، وقانون الموازنة العامة لسنة 2021 واستحقاق الثقة بحكومة بشر الخصاونة. وهذه البنود حددها الدستور بمواعيد ثابتة ولا تحتمل التأخير أو التأجيل، فالحكومة بحاجة لتقديم طلبها لأخذ الثقة من المجلس، وهو ما نصّ عليه الدستور بـ30 يوماً من تاريخ بداية الدورة. أما مشروع الموازنة الجاهز في أدراج الحكومة، فيجب تقديمه وإقراره، وهو بحاجة لمناقشة طويلة من اللجنة المالية وأعضاء المجلس.

وينتظر المجلس استحقاق آخر يتمثل في إقرار قانون الإدارة المحلية، خصوصاً أن العمر الزمني للمجالس البلدية ومجالس المحافظات المُنتخبة عام 2017 سينتهي العام المقبل، مع الحاجة إلى إجراء انتخابات جديدة وفق قانون الإدارة المحلية، الذي يفترض أن يحل محل قانوني البلديات واللامركزية، وبما يتوافق مع التعديل الذي جرى على وزارة البلديات التي أصبح اسمها وزارة الإدارة المحلية.

ويصل النواب الجدد إلى تحت قبة البرلمان وصورتهم المشوهة تحضر معهم، وتحاصرهم الاتهامات والشبهات، فالعديد منهم ملاحقون من قبل القضاء، بسبب مخالفة قانون الدفاع أو بتهمة شراء الأصوات. فالمال والجهوية نظما صفوف المجلس الـ19، في ظل قانون انتخاب استطاع، بشكل كبير، هندسة تشكيلة البرلمان، في وقت استقبلت محاكم الاستئناف ما يزيد عن 61 طعنا بالأعضاء الفائزين.

مع العلم أن هناك 130 نائباً أوصلتهم أدنى نسبة اقتراع في تاريخ الانتخابات التشريعية (29.9 في المائة)، في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلى قبة البرلمان، منهم نحو 98 وجهاً جديداً، أمامهم مسؤولية إعادة الثقة بمجلس النواب التي لا تتجاوز 20 في المائة، وفق أغلب استطلاعات الرأي، وإلا فقدان الثقة بهذه المؤسسة التشريعية بشكل أكبر، ما ينعكس أيضاً على الكثير من مؤسسات الدولة.

ويقول الرئيس السابق لـ"الجمعية الأردنية للعلوم السياسية" خالد شنيكات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن العاهل الأردني سيتحدث في الافتتاح عن السياسات الحكومية وسياسات الدولة في الفترة المقبلة، لا سيما مواجهة كورونا، والعلاقة بين السلطات، والسياسة الخارجية من خلال التركيز على القضية الفلسطينية، أبرز الملفات في علاقات الأردن الدولية، اضافة إلى الوضع الاقتصادي، مرجحاً ألا يكون الخطاب طويلاً.

ويلفت شنيكات إلى بعض الخطوات الإجرائية خلال الافتتاح، ومنها إدارة الجلسة الأولى من قبل أكبر الأعضاء سناً، وأصغر نائبين سناً لمساعدته، لانتخاب رئيس مجلس جديد، لا سيما في ظل غياب الرئيس السابق لمجلس النواب الأردني لسبع مرات متتالية عاطف الطراونة. ويرى أن النائب عبد المنعم العودات أقرب الأشخاص لتولي رئاسة المجلس الجديد، وهو شخص غير خلافي بالنسبة للدولة، لافتاً إلى أنه حتى الآن لا يوجد مرشح آخر لرئاسة المجلس، فهذا الأمر يرتبط بفرص النجاح واحتمالاتها. ويشير إلى أن أبرز الأعمال المتوقع مناقشتها خلال الفترة القريبة المقبلة هي الثقة والرقابة بالحكومة، ومناقشة الموازنة، وطرح ملفات في الاستثمار والاقتصاد، إضافة إلى ما سيطرحه الملك في خطاب العرش.


يبقى النائب عبد المنعم العودات الأوفر حظاً لرئاسة البرلمان

بدوره، يرى الإعلامي وليد حسني، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن النائب العودات هو المرشح الأبرز لرئاسة مجلس النواب، لاعتبارات عديدة، أبرزها كونه الخيار الوحيد للدولة ليكون رئيساً لفرع السلطة التشريعية، لا سيما بعد تراجع السيناريوهات التي كانت تتوقع دعم النائب أيمن المجالي. كما لا ترغب الدولة في أن يكون النائب المخضرم عبد الكريم الدغمي في سدة الرئاسة، لاعتبارات سياسية.

ويضيف حسني: "تبدو الطريق سالكة تماماً أمام العودات ليكون رئيساً لسنة واحدة، بحكم أن الدستور يقتضي أن تكون ولاية رئيس الدورة غير العادية سنة واحدة، بخلاف الدورة العادية التي تكون مدة رئاستها سنتين". وأوضح أن "ما ينطبق على الدورة العادية بموجب الدستور ينطبق على الدورة غير العادية بموجب الدستور أيضاً". وحول جدول أعمال المجلس، يشير حسني إلى أن الأولوية ستكون لمناقشة الثقة والموازنة، لكن هناك أيضا 73 مشروع قانون موجودة في مجلس النواب، تحتاج إلى إقرار، مرجّحاً أن يحظى قانون الأسلحة والذخائر بالأولوية والاهتمام.

ويرى مراقبون أن وصول العودات إلى رئاسة المجلس بالتزكية، أو عبر انتخابات بلا منافسة حقيقية، يعكس صورة سلبية عن الحياة السياسية في الأردن، خصوصاً أن عدداً من أعضاء المجلس تلاحقهم التهم والشائعات. والنائب العودات من محافظة إربد ومن مواليد 1 أغسطس/ آب 1973، وفاز عن المقعد المسلم في الدائرة الأولى ويحمل بكالوريوس قانون من جامعة اليرموك، وتولى رئاسة اللجنة القانونية 5 دورات في المجلسين السابقين.