انتقادات لاعتقالات يوم تتويج الملك تشارلز.. والشرطة البريطانية تعتذر

انتقادات لاعتقالات يوم تتويج الملك تشارلز.. والشرطة البريطانية تعتذر

10 مايو 2023
غراهام سميث في مظاهرة ضد الملكية في بريطانيا (مارك كريسون/Getty)
+ الخط -

عبّرت الشرطة البريطانية عن أسفها لحادثة اعتقال ستة متظاهرين مناهضين للملكية، صباح السبت الماضي، قبل بدء مراسم تتويج الملك تشارلز بساعتين فقط.

وفي اتصال مع "العربي الجديد"، أكّد الرئيس التنفيذي لمجموعة "ريبابليك/الجمهورية"، غراهام سميث، أنه سيتّخذ "إجراءات قانونية" رغم تلقّيه اعتذاراً شخصياً من ضباط الشرطة بعد أن أُخلي سبيله دون توجيه أي اتهامات له، مشيراً إلى أن الشرطة اعترفت باعتقال ستة متظاهرين من الجمهوريين، في حين أنها اعتقلت ثمانية نشطاء من مجموعتهم فقط، مما يرجّح فرضية المزيد من الاعتقالات الموجّهة ضدّ "المعارضين" يوم التتويج.

وكانت الشرطة البريطانية اعتقلت، صباح السبت، مجموعة من النشطاء المناهضين للملكية، متذرّعة بحيازتهم "مواد ممنوعة" أُدرجت حديثاً على قانون النظام العام الخاص بالتعامل مع الاحتجاجات.

إلا أن سميث نفى حيازتهم تلك "المواد الممنوعة"، الأمر ذاته نفته الشرطة لاحقاً في بيان الاعتذار، قائلة إنها "لم تكن قادرة على إثبات اعتقادها بأن ما في حوزتهم سيستخدم لتعطيل حركة المرور أو لعرقلة سير التتويج".

ويتضمّن القانون المحدّث، والذي تمّ تمريره عشية التتويج، بنوداً جديدة تجعل أساليب الاحتجاج التي اعتاد نشطاء البيئة اتّباعها، كإغلاق الطرقات والتمدّد على مدارج المطارات لمنع الطائرات من الإقلاع أو في الشوارع لعرقلة سير الحافلات إضافة إلى استخدام الأقفال والجنازير، غير قانونية.

ومع أن وزارة الداخلية البريطانية نفت أي صلة بين تمريرها القانون الجديد وبين مراسم التتويج، إلا أنه يصعب على المراقب تصديق أن الأمر غير مقصود وأنه كان مجرّد "صدفة"، ما أثار حملة من الانتقادات ضدّ حكومة ريشي سوناك، المتهمة أكثر فأكثر بعدم تقبّلها الاختلاف وبممارستها "القمع" و"التسلط" تحت غطاء القانون.

وكان نائب البرلمان عن "حزب المحافظين" والوزير السابق، ديفيد ديفيس، من أبرز الأصوات المعارضة للتغييرات التي أدرجتها وزيرة الداخلية، سويلا برافرمان، بمباركة سوناك في قانون النظام العام التي تتيح للشرطة ممارسة سلطات "غير معتادة" واعتقال المتظاهرين السلميين وتقييدهم وتجريمهم. لاحقاً، طالب لجنة الشؤون الداخلية المختارة بـ"مناقشة القانون وتدقيقه لضمان فهمه وتنفيذه بشكل عادل".

ويُذكر أن ديفيس ليس جمهورياً إلا أنه يدافع عن "حق الجمهوريين في التظاهر بسلام"، خاصة وأن سجلّ الشرطة مليء بالسوابق "الخطيرة" في ملف الاعتقالات الموجّهة ضدّ المناهضين للملكية أو للحكومة، حيث أقدمت الشرطة على الكثير من الاعتقالات الصيف الماضي بعد وفاة الملكة إليزابيث خلال جنازتها وخلال الجولة التي قام بها الوريث الشرعي وزوجته في كل أنحاء المملكة المتحدة.

رواية "1984" لجورج أورويل

من جانبه، اعتبر رئيس شرطة مانشستر السابق، بيتر فاهي، أن القانون الجديد "فضفاض للغاية" ويحتاج للمزيد من التدقيق والشرح بما يتيح لضباط الشرطة فهمه قبل تنفيذه.

كما قال في لقاء مع "بي بي سي" إن القانون بشكله الحالي "سيؤثر سلباً على كل أنواع الاحتجاجات في المجتمع المحلي كما سيشكّل ضغوطاً كبيرة على أفراد الشرطة"، منتقداً تمريره قبل التتويج بما لم يتح الوقت أمام "الضباط المساكين" لتفسيره قبل التتويج بيومين فقط.

وفي البيان الذي نُشر، أمس الثلاثاء، تدّعي الشرطة أنها لم تكن على علم بالاجتماعات التي عقدتها مجموعة "ريبابليك" مع ضبّاط الشرطة في الأسابيع التي سبقت مراسم التتويج، الأمر الذي نفاه سميث في ردّه الرسمي على موقع المجموعة، قائلاً إن الضابط الذي اعتقله، صباح يوم السبت مع سبعة نشطاء آخرين، على علم بالاجتماعات التي عقدت، إلا أنه قال حرفياً إن "عقد الاجتماعات والحصول على إذن مسبق من الشرطة لن يحدث فرقاً".

كما يشير بيان الشرطة إلى اعتقال ما مجموعه 64 شخصاً خلال العملية الأمنية المرافقة للتويج وسط العاصمة لندن، بتهم "تعطيل المراسم وخرق السلام والتآمر للتسبب بإزعاج عام وحيازة سلاح هجومي وحيازة المواد المخدّرة". ويقول البيان إن عناصر الشرطة اعتقلت أولئك الذين "اعتقدنا أنهم عازمون على تعطيل المراسم".

وكان قاضي المحكمة العليا المتقاعد ستيفن باسي من بين شخصيات أخرى أرسلت لصحيفة "ذا غارديان" رسائل احتجاج على الاعتقالات المرافقة لمراسم التتويج، وقال باسي في رسالته إن "تصرفات شرطة العاصمة أصابتني بالغثيان"، متسائلاً بلهجة ساخرة "لماذا اعتذرت الشرطة عن الاعتقالات التي قامت بها؟ لا يوجد ما ينبغي الاعتذار عنه، لأن الحكومات اليمينية القمعية لا تستطيع العمل بمفردها، بل تحتاج إلى وكلاء أوفياء ينوبون عنها في الأفعال القذرة".

بينما وصف القس في كنيسة ستريتون، ديفيد هوارد، ما حدث يوم السبت برواية "1984" لجورج أورويل، قائلاً إن "الشرطة تصرّفت وكأنها في موسكو أو بكين وليس في لندن. إن الديمقراطية في خطر لأن الحكومة الحالية ترى أن الاختلاف معها والتفكير المغاير، جريمة يعاقب عليها القانون".

أما الضابطة في شرطة بريستول، هيلاري باور، فكتبت في رسالتها أن كلمات روبرت بيل الحكيمة كانت أول ما تعلّمته لدى انضمامها إلى الشرطة قبل 46 عاماً، التي يقول فيها "من خلال اللباقة والفكاهة الجيدة، يمكن الفوز بامتثال الجمهور للتوجيهات، وبالتالي يتم تجنّب استخدام القوة"، مضيفة أن "هذه العبارة قد تم حذفها على ما يبدو من المناهج الدراسية".

ودافع رئيس الحكومة ريشي سوناك عن التشريع الجديد قائلاً إن "ما فعلته الحكومة هو منح أفراد الشرطة السلطات التي يحتاجونها لمواجهة حالات الاضطراب الخطير"، كما رفض التعليق بشكل مباشر على اعتقال نشطاء مجموعة "ريبابليك" مكتفياً بالقول إن "الشرطة مستقلة من الناحية العملية عن الحكومة" وإنه "من غير الصواب التدخل في قراراتهم".

ويُذكر أن قانون النظام العام الذي مرّرته وزارة الداخلية، الأسبوع الماضي، هو ثاني تشريع رئيسي للحكومة يغير قوانين الاحتجاج في أقل من عامين، ويتيح القانون الجديد اعتقال المتظاهرين إن امتلكت الشرطة أي شكوك حول نيّتهم في إحداث "اضطرابات خطيرة" بما فيها "العبث بالبينة التحتية الوطنية الرئيسية" و"إغلاق الطرقات وعرقلة السير واستخدام السلاسل والأقفال"، على أن تتراوح فترة سجن من تثبت التحقيقات تورّطه في التهم الجديدة بين 12 شهراً و3 سنوات.

المساهمون