انتخابات مدريد: ضربة لليسار وتمدد لليمين المتطرف

انتخابات مدريد: ضربة لليسار وتمدد لليمين المتطرف

05 مايو 2021
لم يتمكن اليمين من الفوز بأغلبية مقاعد برلمان مدريد (الأناضول)
+ الخط -

في مؤشر على توجهات قد تكون مُعمّمة للناخبين الأوروبيين في مرحلة ما بعد كورونا، حقّق اليمين الإسباني وزعيمته الصاعدة إيزابيل دياز أيوسو، أمس الثلاثاء، فوزاً كبيراً في الانتخابات المحلية لمنطقة مدريد، ما كبّد الحزب الاشتراكي بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز هزيمة كبرى، في المنطقة التي تعدّ المحرك الاقتصادي الأول لإسبانيا. وستلقي نتائج انتخابات العاصمة الإسبانية بظلالها على العمل الحكومي للفترة المقبلة، والتي تكرس الانقسام السياسي، لا سيما خلال السعي لاستعادة الانتعاش الاقتصادي بعد تراجع الجائحة. ومن نتائج الانتخابات أيضاً، إعلان زعيم حزب "بوديموس" من أقصى اليسار، بابلو إيغليسياس، اعتزال العمل السياسي بالمعنى الحزبي، فيما تمهد النتائج لمرحلة من التوتر في العمل السياسي في مدريد، مع توجه دياز أيوسو للتحالف مع اليمين المتطرف. 

44 في المائة من الناخبين صوّتوا لدياز أيوسو، التي أدارت حملتها تحت شعار معارضة الإغلاق

وبحسب "أسوشييتد برس"، فإن 44 في المائة من الناخبين صوّتوا لدياز أيوسو، التي أدارت حملتها تحت شعار "الحرية"، وذلك بعد فرز 99 في المائة من الأصوات، ما رفع رصيد اليمين الإسباني بمعدل 22 في المائة عن الانتخابات السابقة التي جرت قبل عامين. وأظهرت النتائج الأولية أن الحزب الشعبي اليميني حصد 65 مقعداً في برلمان مدريد، أي أكثر من ضعف المقاعد التي كانت في حوزته بعد انتخابات 2019، ولكن من دون تمكنه من الفوز بأغلبية مقاعد البرلمان الـ136 (69 مقعداً) الضرورية لتشكيل الحكومة. كما رفع حزب "فوكس" اليميني المتطرف، الذي يشكل الخيار الأول لدياز أيوسو للتحالف معه، عدد مقاعده، من 12 إلى 13، وقال الزعيم المحلي للحزب في مدريد، روسيو موناستيريو، إن "أصواتنا ستكون مفصلية لتقرير كل شيء تقريباً خلال العامين المقبلين".

من جهتها، حصدت ثلاثة أحزاب يسارية مجتمعة، 41 في المائة فقط من الأصوات، على الرغم من حملتها التي اعتمدت على التعبئة العامة ملّوحة بفزّاعة اليمين المتطرف. وواجه رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، وحزبه الاشتراكي، وكذلك حزب "بوديموس" (معاً نستطيع) من أقصى اليسار، والمعارض للتقشف، الضربة الكبرى، ما دفع زعيم "بوديموس" بابلو إيغليسياس، إلى إعلان نهاية عمله السياسي الحزبي، بعدما كان حزبه قد ترك تأثيره على الحياة السياسية العامة في البلاد خلال معظم العقد الماضي. وخسر حزب سانشيز 13 مقعداً، ما أدى إلى تراجع عدد مقاعده، من 37 إلى 24، وهو ذات عدد المقاعد الذي حقّقه حزب يساري آخر، هو "ماس مدريد". واعترف مرشح الحزب الاشتراكي، أنجيل غابيلوندو، بالهزيمة، مؤكداً "استمرار العمل لتفادي المواجهة والتوتر". ودعا المرشح اليساري إلى "سجال هادئ"، معتبراً أن مدريد "لا تحتاج إلى توتر، بل إلى الوحدة، لأننا نواجه تحدياً كبيراً في خضم الجائحة". وكان الناخبون في مدريد قد أزاحوا حزب "مواطنون" الناشئ من يمين الوسط، والذي كان حليف دياز أيوسو قبل أن تدعو لانتخابات مبكرة ساعية لتوسيع جبهتها، إذ خسر كل المقاعد التي كانت بحوزته وعددها 26. 
وكانت إيزابيل دياز أيوسو، وهي زعيمة منطقة مدريد المنتهية ولايتها، والتي جدّدت فوزها، قد أطلقت منذ بداية تفشي وباء كورونا، حملة معارضة للإغلاق الكلّي، وداعمة للإجراءات المخففة في مواجهة الوباء، لاسيما عبر شنّ أعنف الهجمات السياسية ضد سياسة اليسار الحكومية في إدارة الأزمة الصحية، والتي لا تزال تلقي بثقلها على البلاد لعام ونصف العام تقريباً. وأكدت دياز أيوسو أن نتائج الاقتراع تدعم توجهها لإبقاء الحانات والمطاعم وقطاعات أعمال أخرى مفتوحة، لدعم الاقتصاد، حتى في عزّ الأزمة الصحية. وأضافت متحدثة أمس للمئات من أنصارها المحتشدين أمام مقر الحزب الشعبي في وسط مدريد، منتقدة سياسة سانشيز، أن "أسلوب الحكم، عبر الكثير من البذخ والنفاق من قصر مونكلويا (مقر رئاسة الوزراء الإسبانية)، جعل أيام (هذه الحكومة) معدودة".

أعلن زعيم "بوديموس" بابلو إيغليسياس  نهاية عمله السياسي الحزبي 

وشكلّ أيضاً تهافت سكّان العاصمة الإسبانية إلى مراكز الاقتراع، المفاجأة الثانية في هذا الاستحقاق، ما رفع نسبة التصويت بحدود 11 في المائة عن العام 2019، لتصل إلى 79 في المائة.
أوروبياً، حظيت دياز أيوسو على الفور بعد صدور نتائج الانتخابات، بدعم حزب "الرابطة" الإيطالي اليميني، وزعيمه ماتيو سالفيني. وكتب الأخير على "تويتر": "عمل جيّد وتهانيّ للرئيسة إيزابيل دياز أيوسو، الفائزة بانتخابات مدريد. سيّدة تملك الشجاعة والتفكير السليم، وجمعت بين حماية الصحة وحقّ العمل والحرية".

(فرانس برس، أسوشييتد برس، العربي الجديد)