الوقائع الكاملة الواردة في لائحة الاتهام بقضية نزار بنات

الوقائع الكاملة الواردة في لائحة الاتهام بقضية نزار بنات: قائد القوة أمر بإكمال ضربه وتجاهل علاجه

رام الله

جهاد بركات

جهاد بركات
27 سبتمبر 2021
+ الخط -

كشفت الوقائع الواردة في لائحة الاتهام التي وجّهتها النيابة العسكرية الفلسطينية، اليوم الإثنين، ضد المتهمين بمقتل المعارض السياسي والمرشح النيابي السابق نزار بنات، معلومات جديدة عن حادثة مقتله أثناء اعتقاله من قبل جهاز الأمن الفلسطيني في الضفة الغربية، في 24 يونيو/حزيران الماضي. وأكدت المعلومات الجديدة تلك التي كانت قد أوردتها عائلته سابقاً حول ضربه بشكل مبرح واستخدام العتلة (أداة معدنية لإزالة المسامير)، لضربه أثناء نومه، قبل اعتقاله ثم ضربه بأحد أعمدة المنزل الذي كان موجوداً في داخله.

وأظهرت الوقائع التي تلتها النيابة الفلسطينية خلال جلسة المحاكمة الثانية للمتهمين بالقضية، وجود أمر من قائد القوة التي اقتمحت المنزل الذي اعتقل منه بنات لأفرادها بإكمال عملية الضرب بعد دخوله إلى المنزل، كما أكدت الوقائع عدم تنفيذ قائد القوة طلباً من مدير العمليات في جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني بنقل بنات إلى المشفى بشكل فوري، قبل أخذه إلى مقرّ الجهاز.
وأجّلت المحكمة العسكرية الخاصة/الجنوب، اليوم، الجلسة الثانية التي عقدت في مقر الهيئة القضائية لقوى الأمن في رام الله، وسط الضفة الغربية، لغاية الإثنين المقبل، في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول، بعد طلب ممثل النيابة العامة العسكرية إمهاله لتقديم ما تبقى لديه من بيانات. 

أمر قائد القوة التي اقتمحت المنزل الذي اعتقل منه بنات عناصر القوة بإكمال عملية الضرب

وعقدت الجلسة اليوم، وتليت خلالها التهم على المتهمين، بعد أسبوعين من عقد جلسة أولى، تعثرت خلالها تلاوة التهم بسبب تغيب محامي المتهمين بسبب إصابته بفيروس كورونا، كما قال. وبدأت الجلسة بتلاوة التهم، وهي ثلاث، موزعة على 14 عنصر أمن شاركوا في عملية اعتقال بنات في 24 يونيو/حزيران الماضي، والتي أدت إلى مقتله تحت الضرب. والمتهمون جميعهم من جهاز الأمن الوقائي، ومن بينهم قائد القوة الأمنية التي شاركت في العملية، وهو برتبة عقيد، فيما ثلاثة آخرون برتبة ملازم أول، واثنان برتبة رقيب أول، والباقون برتبة جندي. واتهم العناصر الـ14 بالضرب المفضي إلى الموت بالاشتراك، وإساءة استخدام السلطة بالمصادرة بالعنف بالاشتراك، ومخالفة التعليمات العسكرية، وهي تهم لا تقل عقوبتها عن السجن لمدة سبع سنوات، وقد تصل إلى المؤبد، بحسب عضو الفريق القانوني لعائلة نزار بنات غاندي أمين الربعي.

تفاصيل كما روتها تحقيقات النيابة العسكرية

وخلال تلاوة النيابة العامة العسكرية للائحة الاتهام والوقائع، بيّنت التحقيقات أن القوة الأمنية من جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني استندت في عملية إلقاء القبض على بنات على أمر عمليات، ومذكرة إحضار صادرة من النيابة العامة موجهة إلى جهاز الشرطة، وتحديداً إلى مدير شرطة الخليل. وقد تحركت القوة الأمنية بأربع مركبات، ووصلت إلى مكان وجود بنات في المنطقة الجنوبية في الخليل بجبل جوهر في الساعة الثالثة و18 دقيقة فجراً. وفور وصول أفرادها إلى المنزل، قام عدد منهم بفتح نافذة فيه بواسطة عتلة حديدية، والدخول دون التعريف عن أنفسهم، وقاموا بفتح الباب لمن تبقى من عناصر القوة الأمنية، ثم قام اثنان من القوة بالتوجه إلى قريبي نزار بنات، حسين ومحمد مجدي بنات، واللذين كانا ينامان على فراش على الأرض، وتمّ رشهما بغاز الفلفل ووضع المسدسات النارية على رأسيهما، والطلب منهما عدم القيام بأي الحركة.

أثناء ذلك، توجه عنصر أمن آخر إلى الراحل نزار، وبعدما تأكد من هويته، ضربه على رأسه أكثر من مرة بواسطة العتلة الحديدية، ثم انهال عليه بالضرب مستهدفاً كل أنحاء جسده. وبعد ذلك، شارك باقي أفراد القوة الأمنية بضرب بنات بـ"شراسة"، بحسب وصف النيابة العامة العسكرية. وحصل الضرب بواسطة عتلات وعصي وكعوب مسدسات وبالأيدي والأرجل، وسحب بنات من الفراش وتم خلع ملابسه العلوية، والاعتداء عليه وهو مستلق على ظهره، مع قلبه على بطنه، وتقييد يديه من الخلف، مع الاستمرار بضربه، ثم رشّه بالغاز بشكل مباشر وهو مقيّد.

وأظهرت الوقائع التي تلتها النيابة في جلسة علنية دون السماح لوسائل الإعلام بالتصوير، أن قائد الفرقة دخل إلى المنزل وهو يرتدي "فيست" (سترة) مكتوب عليها الأمن الوقائي، أثناء قيام القوة الأمنية بالاعتداء على نزار بنات، فقال لهم "كملوا". وبالفعل، فقد استمروا بالاعتداء على بنات، ثم قاموا برفعه وضربه على رأسه بعامود في المنزل، واقتياده إلى الخارج، لكنه وقع من بين أيديهم، فسحبوه من قدميه إلى الخارج واقتادوه باتجاه المركبة. ولم يعد بنات في تلك اللحظة، بحسب ما تظهر الوقائع، قادراً على الوقوف، فقام العناصر الأمنيون بالإمساك به وإخراجه نحو مركبتهم، مع الاستمرار بالاعتداء عليه، وقام أحدهم بضربه بواسطة يديه ورجليه والاعتداء عليه بواسطة كعب المسدس.

اتهم العناصر الـ14 بالضرب المفضي إلى الموت بالاشتراك، وإساءة استخدام السلطة بالمصادرة بالعنف بالاشتراك، ومخالفة التعليمات العسكرية

وأظهرت الوقائع عدم تقديم العناصر ما يحتاجه بنات من علاج، حيث نقل مباشرة إلى مديرية الأمن الوقائي، واتصل أحد الأفراد بقائد القوة، وأطلعه على وضع بنات الصحي. واتصل قائد القوة بدوره بمدير العمليات، الذي طلب منه نقل بنات إلى المشفى بشكل فوري، إلا أن القوة الأمنية أدخلته إلى مقر جهاز الأمن الوقائي محمولاً من يديه ورجليه، ولم تنقله إلى المشفى فوراً، وتم وضعه في قاعة الاستقبال لخمس دقائق قبل نقله إلى المستشفى، حيث وصل إلى هناك في حالة صعبة، وحيث لم تعد تبدو عليه أي علامات حيوية. وأوردت النيابة سبب وفاة بنات، وهي "الصدمة الإصابية (الرضحية) الناجمة عن الإصابات المتعددة، والتي تسببت بحدوث فشل قلبي حاد".

ورأى المحامي غاندي أمين الربعي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن " تلاوة التهم والوقائع كانت مهمة جداً"، مشيراً إلى أن الوقائع أكدت رواية الفريق القانوني وعائلة نزار بنات، "حيث تم الاعتداء عليه بالعتلة وهو نائم والاستمرار بضربه، على الرغم من أن أفراد الفريق المعتدي توجهوا إلى قائد المجموعة قائلين (يكفي؟)، لكنه طلب منهم الاستمرار".

وأكد الربعي أن الوقائع المذكورة تعني وجود إصرار على الضرب والتعذيب، والتي عبّرت عنها النيابة العسكرية بتهمة "الضرب المفضي إلى الموت بدلالة التعذيب والضرب واستخدام الشدة"، مؤكداً أن ما أوردته النيابة يشير إلى أنه كان بالإمكان إنقاذ بنات، لكن القوة المعتدية لم تطع الأوامر بنقله إلى المستشفى، والذي كان بنات قد وصل إليه لاحقاً وهو جثة هامدة. وقال الربعي: "هذا أمر في غاية الأهمية، حيث تم تثبيت أركان وعناصر الجريمة التي وقعت بحق بنات". وحول إمكانية استدعاء قادة في الأجهزة الأمنية، لفت الربعي إلى أن "اليوم اقتصر على تلاوة التهم، ولكن ستحصل الكثير من المفاجآت مع الوقت عند استدعاء الشهود".

وخلال جلسة المحاكمة، تبين إنكار المتهمين الـ14 للتهم، وأن النيابة العسكرية أعطتهم حق الصمت وهم التزموا بذلك الحق. ورفضت المحكمة طلباً من دفاع المتهمين بأن تنعقد المحكمة سرّياً، وأن يتم حظر نشر أي معلومات للإعلام من كافة الأطراف، ووقف تصوير الجلسات. وأكدت هيئة المحكمة أن الكاميرا التي تصور في القاعة خاصة بهيئة قضاء قوى الأمن، وغير مسموح لأي أحد الاطلاع على تسجيلاتها، مقرّرة السير في الإجراءات بشكل علني لغاية انتهائها، حتى النطق بالحكم. في المقابل، أكدت هيئة المحكمة أنها كانت قد قررت عدم تصوير الجلسات من قبل أي جهة إعلامية لاعتبارات المحافظة على الخصوصية والكرامة، معتبرة أن لا دخل للمحكمة بما يتداوله الإعلام خارج أروقتها.

وعند بوابة مبنى هيئة قضاء قوى الأمن، نظم عدد من النشطاء، بينهم غسان، شقيق نزار، وقفة رفعوا خلالها شعارات اعتبرت أن العدالة الكاملة هي بحصول تحقيق مستقل وشفاف، مطالبين بالعدالة الكاملة غير المنقوصة.
وقال غسان بنات لـ"العربي الجديد"، إنه لم يحضر جلسة المحكمة ولم يدخل إلى قاعتها، "لأن موقف العائلة واضح بأنها لن تجتمع مع القتلة تحت سقف واحد"، معتبراً أن المحاكمة "منقوصة" وجزء مما سماه "مسرحية"، حيث اعتبر المتهمين "كبش فداء". وقال: "لا يعنينا ما يحصل ما لم يكن وزير الداخلية وقائد جهاز الأمن الوقائي ونائبه خلف القضبان".

جاءت الجلسة على وقع اعتقال أحد أفراد عائلة بنات، وهو شاهد رئيسي في القضية

اعتقال آخر

وجاءت جلسة المحاكمة اليوم على وقع اعتقال أحد أفراد عائلة بنات، حيث اعتقل جهاز الأمن الوقائي، فجر اليوم، حسين بنات، وهو شاهد رئيسي في قضية نزار، وكان يبيت في المنزل ذاته الذي اعتقل منه. وتمّ تحويل حسين بنات إلى المباحث العامة، بحسب ما أكد محاميه شاكر طميزة لـ"العربي الجديد". وأحضر جهاز المباحث حسين بنات إلى مقر النيابة العامة في الخليل، دون عرضه عليها ودون التحقيق معه، ليبقى موقوفاً على ذمّة المباحث العامة حتى اللحظة، دون تمديد توقيفه من النيابة.

وعلّق غسان بنات على حادثة اعتقال ابن عمه حسين، بأن ما حصل "هو أسلوب ترهيب، حيث تم اعتقال شاهد رئيسي في القضية من المنزل ذاته الذي اعتقل منه نزار بنات"، معتبراً هذه الأعمال "صبيانية، ولن تثنينا عن مواصلة طريق نزار. المفترض أن يكون حسين شاهداً في المحكمة خلال الجلسات المقبلة". وحمّل غسان بنات السلطة الفلسطينية المسؤولية عن حياة ابن عمه، الذي يعاني من وضع صحي خاص في الجمجمة، ويحتاج إلى رعاية صحية دائمة.

 

ذات صلة

الصورة

مجتمع

طالبت عشرات المنظمات الحقوقية بالتحقيق فيما حدث منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى هذه اللحظة ضد النساء الفلسطينيات وتوفير الحماية اللازمة لهن وللمدنيين عموماً.
الصورة
GettyImages-1718833083.jpg

سياسة

نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي بعض المعطيات الميدانية بمناسبة مرور ستة أشهر على الحرب في قطاع غزّة والمعارك مع حزب الله في لبنان
الصورة

سياسة

أعلنت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استولت، بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على 27 ألف دونم من الأراضي.
الصورة
من إحياء يوم الأرض في سخنين، العام الماضي (أحمد غرابلي/فرانس برس)

سياسة

تحلّ ذكرى يوم الأرض هذا العام، على وقع حرب غزة، وتشكّل مناسبة لفلسطينيي الداخل الذين يتحضرون لإحيائها، عودةً إلى المربع الأول: وحدة الأرض ووحدة القضية.

المساهمون