النظام السوري يصر على عدم تحديد جدول زمني لعمل "الدستورية"

بعد لقاء بيدرسن... النظام السوري يصر على عدم تحديد جدول زمني لعمل "الدستورية"

22 فبراير 2021
بات واضحاً لبيدرسن أن النظام يتعامل مع اللجنة الدستورية على أنها أداة مساومة (فرانس برس)
+ الخط -

بات النظام السوري يصرّ أكثر فأكثر على أن يبقى المسار الدستوري خارج إطار زمني محدد، بعدما حُشر وفده في الزاوية، لا سيما خلال الجولة الأخيرة (الخامسة) وبات تحت ضغط الدخول بمناقشة مضامين دستورية وصياغتها، بعدما كان الرئيس المشترك للجنة عن وفد النظام، أحمد الكزبري، قد حسم أمر طبيعة مشاركة النظام في العملية الدستورية، بالإشارة إلى أنّ مهمتهم مناقشة المواضيع الدستورية، وليس وضع صياغات دستورية.

تكرر هذا الموقف خلال الزيارة التي يقوم بها المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسن، إلى دمشق ولقائه وزير الخارجية في حكومة النظام فيصل المقداد، صباح اليوم الإثنين، إذ تطرق اللقاء لمواضيع عدة خارج إطار اللجنة الدستورية، مع التعريج على الحديث عن المسار الدستوري بجزء منه، ويبدو أن النظام باتت يضع عدداً من القضايا على طاولة المساومة للانخراط جدياً في المسار الدستوري.

وقالت وكالة "سانا" التابعة للنظام، إنّ بيدرسن والمقداد بحثا عدداً من القضايا ذات الصلة بالوضع في سورية، بالتطرق إلى المسار السياسي والوضع الاقتصادي، مشيرة إلى أن "وجهات النظر كانت متفقة على أن الإجراءات القسرية الاقتصادية أحادية الجانب تزيد هذا الوضع صعوبة وخاصة في ظل انتشار وباء كورونا".

ونقلت الوكالة أنّ المقداد أشار، خلال اللقاء، إلى أنّ "الاحتلالين الأميركي والتركي للأراضي السورية وممارسات الاحتلال التركي في شمال شرقي سورية ودعمه للإرهابيين في سورية تنتهك السيادة السورية وتخالف القانون الدولي وكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بسورية"، على حد قوله، لافتاً إلى "الآثار الإنسانية للإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري رغم انتشار جائحة كورونا، وكذلك ممارسات مليشيا "قسد" الإجرامية والقمعية بحق أبناء الشعب السوري في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور".

وطالب المقداد بيدرسن بأن "ترفع الأمم المتحدة الصوت بموجب الميثاق والقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن في وجه كل هذه الممارسات، وأن تتخذ موقفاً واضحاً منها يتوافق والمبادئ والأهداف التي قام عليها القانون الدولي الإنساني".

وفي ما يتعلق بعمل اللجنة الدستورية، أشارت الوكالة إلى أنّ الجانبين أكدا "أهمية ضمان عدم التدخل الخارجي في شؤون لجنة مناقشة الدستور، وأن تتم كل هذه العملية بقيادة وملكية سوريتين، وألا يتم وضع أية جداول زمنية لعملها مفروضة من الخارج"، مع تشديد المقداد على "أهمية أن يحافظ المبعوث الخاص على دوره كميسّر محايد، وعلى أن اللجنة منذ أن تشكلت وانطلقت أعمالها باتت سيدة نفسها، وهي التي تقرر التوصيات التي يمكن أن تخرج بها، وكيفية سير أعمالها، مع التأكيد على أن الشعب السوري هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبل بلاده".

وتعقيباً على مخرجات اللقاء، قالت رغداء زيدان، عضو الهيئة المصغرة للجنة الدستورية عن المجتمع المدني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "النظام لا يرغب بالدخول الحقيقي في العملية السياسية أساساً، وبالتالي هو لا يريد أن يتعاطى جدياً مع العملية الدستورية، وحتى الآن يتعامل مع اللجنة ليس على أنها لجنة لصياغة دستور جديد ضمن إطار الحل السياسي؛ بل باعتبارها أداة لإيصال رسائله إلى المجتمع الدولي من جهة، وأداة للمساومة مع الأطراف الفاعلة في سورية من جهة أخرى. لذلك هو يرفض تماماً موضوع وضع جدول زمني، كما رفض ويرفض موضوع الاتفاق على منهجية عمل ضمن اللجنة لأن ذلك سيجبره على الانخراط الحقيقي في العملية الدستورية، وهو ما لا يريده بالطبع".

وعن إمكانية الضغط لتحديد جدول زمني، أشارت زيدان إلى أن ذلك "يمكن حدوثه في حال تم الاتفاق بين الأطراف الفاعلة في الملف السوري على شكل الحل السياسي وكيفية تطبيق القرار 2254، والذي يبدو أنه لم يحدث حتى الآن".

النظام السوري لا يرغب بالدخول الحقيقي في العملية السياسية أساساً، وهو لا يريد أن يتعاطى جدياً مع العملية الدستورية

وحول فرضية طرح النظام رفع العقوبات الاقتصادية عنه مقابل الجدية في العملية الدستورية؛ أكدت زيدان في حديثها لـ"العربي الجديد" أن "النظام يتعامل مع اللجنة الدستورية على أنها أداة مساومة، يريد من خلالها تحقيق بعض الأمور المهمة بالنسبة له، ومنها موضوع رفع العقوبات، لكنه بالوقت نفسه غير مستعد لتقديم تنازلات كبيرة، كونه غير مهتم بالحل السياسي، وغير مهتم كذلك بالوضع الإنساني المتردي في سورية، هو يريد ضمانات بقاء له، وتحصيل مكاسب تدعم وجوده، خاصة أن هناك دولاً تدعمه بشكل مباشر كروسيا وإيران".

وتابعت: "أما أن يكون هذا الأمر قابلاً للتطبيق فأظن أن الجانب الأميركي مصرّ على العقوبات، واليوم هناك نشاط كبير لتجريم الأسد ومحاسبته مع وجود مئات الوثائق التي تدينه".

ولفتت إلى أن "اللجنة الدستورية لن تستطيع أن تقوم بعملها التقني الدستوري ما لم يكن هناك فتح للمسار التفاوضي السياسي والبدء الفعلي بتطبيق القرار 2254، وإلا فإن النظام سيستمر بتعطيل عمل اللجنة وتضييع وقتها، وحرفها عن طريقها الذي وُضع لتحقيق هدف صياغة دستور جديد لسورية في إطار الحل السياسي.

من جهته، قال عبد المجيد بركات عضو الهيئة الموسعة في اللجنة الدستورية، عن وفد المعارضة، إنّ "بيدرسن ذهب إلى دمشق وهو محمل بأعباء كبيرة مرتبطة بمدى استمرارية العملية السياسية، كذلك هو محمل ببعض الرسائل، لا سيما أن إحاطته الأخيرة في مجلس الأمن أكدت إدراكه أنّ النظام هو الطرف المعطل في اللجنة الدستورية، وأن عليه نقل الصورة للمجتمع الدولي والدول الداعمة للنظام، وهذا ما حدث خلال جولة أستانة الأخيرة.

وأضاف بركات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، حول لقاء بيدرسن بالمقداد، أن "بيدرسن يحمل للنظام في هذه الزيارة سخط المجتمع الدولي حول تعامله مع العملية الدستورية، وأن هناك اتفاقاً من قبل الفاعلين في القضية السورية، لأن تكون هناك آلية عمل جديدة داخل اللجنة كي تحقق تقدماً، ولا بد أنّ بيدرسن نقل مطالب المعارضة بتحديد جدول زمني لعمل اللجنة".

وأشار بركات، إلى أن الواضح مما نقله إعلام النظام عن اللقاء، أنه "يريد هذا المسار ساحة زمنية واسعة، لتحقيق مكاسب في ساعات أخرى، عسكرية وغيرها، وعلى المبعوث الأممي، أن يكون أكثر وضوحاً أمام المجتمع الدولي وأمامنا نحن كمعارضة، بتحديد الطرف المعطل وآلية التعاطي معه".

وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم يصدر عن مكتب المبعوث الأممي أي تصريح حول زيارته لدمشق، التي قصدها بهدف تحديد موعد للجولة السادسة من اللجنة الدستورية بعد أن منيت الجولة الخامسة بالفشل، والذي حمّل بيدرسن مسؤوليته لوفد النظام مع نهاية الجولة التي انعقدت نهاية الشهر الماضي.

وكان بيدرسن قصد دمشق بعد زيارته إلى موسكو والتقى فيها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ولدى وصوله إلى دمشق أمس، قال: "مباحثاتي في دمشق ستركز على القرار 2254 وهناك العديد من القضايا التي آمل أن نتحدث بشأنها، وعلى رأسها الوضع الصعب الذي يعيشه الشعب السوري".

 

المساهمون