المغرب: استمرار هاجس استعمال "المال الانتخابي" وسط تبادل للاتهامات

المغرب: استمرار هاجس استعمال "المال الانتخابي" وسط تبادل للاتهامات

03 سبتمبر 2021
اتهامات لـ"الأحرار" الذي يتزعمه الملياردير المغربي عزيز أخنوش (فاضل سنة/فرانس برس)
+ الخط -

تجدّد، اليوم الجمعة، الجدل بين الأحزاب السياسية المغربية المشاركة في الانتخابات المتزامنة، المقررة في الثامن من سبتمبر/ أيلول الحالي، بشأن استعمال "المال الانتخابي" لاستمالة الناخبين، بعد خروج حزب "التجمع الوطني للأحرار"، الساعي إلى إزاحة الإسلاميين وقيادة الحكومة المقبلة، عن صمته، متهماً منافسيه بـ"التشويش" و"ضرب مصداقية الانتخابات".

ومنذ انطلاق الحملة الانتخابية الخميس الماضي، يسيطر هاجس استعمال "المال الانتخابي" على قيادات عدد من الأحزاب السياسية، خصوصاً حزب "العدالة والتنمية" (قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب) والأصالة والمعاصرة" (أكبر حزب معارض)، و"التقدم والاشتراكية" (المعارض) التي وجهت أصابع الاتهام، بشكل مباشر وغير مباشر، إلى "التجمع الوطني للأحرار"، كما حذرت السلطة من انعكاسات ذلك الاستعمال على نزاهة الانتخابات وصدقيتها.

وكانت من أبرز الانتقادات الموجهة لحزب وزير الزراعة ورجال الأعمال عزيز أخنوش، الطامح لقيادة الحكومة المقبلة، تلك الصادرة عن أمين عام "الأصالة والمعاصرة" عبد اللطيف وهبي في لقاء انتخابي مع مرشحي حزبه بمنطقة أزيلال (وسط) الأحد الماضي، حيث قال إن هناك من يريد "تحويل الفصل 47 من الدستور إلى موضوع تجاري ومالي"، وهو الأمر الذي اعتبره "إهانة للدستور".

ولمّح إلى أن هناك من يستعمل المال للظفر بالمرتبة الأولى، حتى يضمن تعيين رئيس الحكومة منه، في إشارة إلى حزب "التجمع الوطني للأحرار". وقال وهبي: "لقد أصبحت خائفاً على الدستور، وعلى المس بالفصل 47، وعلى الديمقراطية بالمغرب".

وينصّ الفصل 47 من الدستور المغربي على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب الذي يتصدّر نتائج انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، ما يجعل الأحزاب تتنافس على الظفر بالمرتبة الأولى لقيادة الحكومة.

وبينما تجدّدت أمس الاتهامات على لسان المدير المركزي للحملة الانتخابية لـ"العدالة والتنمية" عبد الله بوانو، الذي اعتبر استعمال الأموال في الانتخابات "منكراً فادحاً"، سارع "التجمع الوطني للأحرار"، الجمعة، إلى إصدار بيان عبّر فيه عن استيائه مما وصفه بالتصريحات الخطيرة الصادرة عن الأمين العام لـ"الأصالة والمعاصرة"، معتبراً أنها تروم "التشويش على الحملة الانتخابية الناجحة للحزب بجميع ربوع المملكة".

وأعرب الحزب، في أول ردّ رسمي على الاتهامات باستعمال "المال الانتخابي"، عن "رفضه القاطع لهذه الأساليب المبتذلة في ممارسة العمل السياسي"، لافتاً إلى أنه "يحتفظ لنفسه بحق الردّ على هذه الاتهامات بكافة الوسائل التي تحفظ لمناضلي الحزب كرامتهم، وللمغاربة أجمعين حقهم في ممارسة اختياراتهم في التصويت من دون ضغط وتشويش على الحزب الذي سيختارونه".

وقال إنه "وإذ يتفهم حالة الارتباك والذهول التي أصابت وهبي من مكانة الحزب الراسخة لدى فئات عريضة من المواطنين وفي جميع الجهات، والتي هي نتيجة طبيعية لحضور الحزب الوازن على الميدان خلال السنوات الأخيرة، من دون انتظار مواعيد انتخابية لممارسة الأدوار التأطيرية والبحث عن الحلول الناجعة للمشاكل المعبر عنها، فإن التجمع الوطني للأحرار يرفض رفضاً قاطعاً المسّ بحسن سير العملية الانتخابية، والإضرار بصورة المملكة المغربية وإشعاعها الإقليمي والدولي، والتراجع عن المكتسبات الديمقراطية التي حققتها بلادنا".

وأوضح أنه "يتابع بأسف شديد ما آلت إليه الممارسة السياسية من توزيع الاتهامات المجانية تجاه الحزب ومناضليه، معبراً عن استنكاره الشديد لـ"ضرب مصداقية الاستحقاقات الانتخابية القادمة بكاملها". وأضاف أن "فداحة الاتهامات الموجهة للحزب تتجاوز ضرب صورته مع المواطنين، ومصداقية المؤسسات الوطنية، بل تتعداها لتمسّ المواطن المغربي في ذمته وكرامته، وبممارسة وصاية وهمية عليه، خدمة لحسابات سياسية مغرقة في الأنانية الحزبية الضيقة".

وكانت الاتهامات باستعمال "المال الانتخابي" لاستمالة الناخبين قد دخلت منعطفاً جديداً، بعدما تقدمت الجمعية المغربية لحماية المال العام (مستقلة)، أول من أمس الأربعاء، بشكوى ضد مجهول إلى رئاسة النيابة العامة، مطالبة بفتح تحقيق معمق في تلك الاتهامات.

ويشكّل استعمال "المال الانتخابي" أحد أصعب التحديات التي تواجه الانتخابات البرلمانية والجهوية والمحلية المقبلة، وذلك من خلال شراء الذمم وأصوات الناخبين نقداً أو عيناً.

وتعتبر الجمعية المغربية لحماية المال العام أن الاتهامات باستعمال "المال الانتخابي" تشكل مساساً بنزاهة الانتخابات وصدقيتها، وتمسّ بالمبادئ الدستورية ذات الصلة بالشفافية والتنافس والمساواة، كما أن من شأن الصمت عنها أن يفهم على أنه يشكل تساهلاً مع الظاهرة، وتشجيعاً عليها ومحاباةً للمرشحين المشتبه بأنهم يوزعون الأموال.