المعارضة التركية المنقسمة تؤجل اختيار مرشحها المشترك بسبب الزلزال

المعارضة التركية المنقسمة تؤجل اختيار مرشحها المشترك بسبب الزلزال

13 فبراير 2023
تركيا ما زالت منشغلة بتداعيات الزلزال (الأناضول)
+ الخط -

كان من المفترض أن تتفق المعارضة السياسية المنقسمة في تركيا، اليوم الإثنين، على مرشّح مشترك لمواجهة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر صناديق الاقتراع.

ولكن كارثة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 35 ألف شخص في تركيا وسورية أدّت إلى تأجيل اجتماع كان مقرّراً في هذا الصدد، كما ألقت بظلال من الشك على موعد الانتخابات في مايو/ أيار.

وفي هذا الإطار، تروّج مصادر حزب "العدالة والتنمية" الحاكم والمعارضة بكثافة أنّ أردوغان سيؤجّل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 14 مايو/ أيار، في أعقاب أسوأ كارثة شهدتها تركيا في العصر الحديث.

ويقول الأستاذ المساعد في العلوم السياسية في جامعة "سابانجي" في إسطنبول بيرك إيسن: "هذا سيغيّر الأمور، ليس فقط بالنسبة إلى الحكومة، ولكن بالنسبة إلى المعارضة أيضاً".

كما يرى الخبراء أنّ الزلزال وأيّ تأخير في التصويت يمكن أن يكونا من العوامل التي تغيّر المشهد السياسي، والتي قد تتمثّل في فرص ومخاطر جديدة.

وبالتالي، بات لدى معارضي أردوغان مزيد من الوقت للتوصّل إلى إجماع بعد تأجيل اجتماع الإثنين إلى موعد غير محدّد، في ظلّ عدم تمكّنهم من الاتفاق على مرشّح منذ أكثر من عام.

ويرى المحلّلون أن عليهم استغلال الوقت بحكمة، في محاولة للاستفادة من الغضب العام في ضوء النطاق الهائل للدمار، من دون أن يبدو ذلك سعيا لتحقيق مكاسب سياسية من المأساة.

وفي هذا الإطار، يقول المستشار في المخاطر السياسية أنتوني سكينر إنّ "الأحداث المرعبة منحت المعارضة السياسية ذخيرة جديدة ضدّ الحكومة - ذخيرة مدفوعة بالغضب الشعبي والنقمة".

لم ينطق أردوغان بكلمة واحدة عن الانتخابات منذ الزلزال، ولكنّه يظهر على شاشات التلفزيون مرارا في اليوم، وهو يواسي الناجين ويعزّي الأمة.

"واجب إجراء الانتخابات"

لطالما اعتبر كمال كلجدار أوغلو، وهو موظف حكومي سابق يتمتّع بدعم وطني فاتر ويرأس الحزب العلماني الرئيسي في تركيا، المرشح الأوفر حظاً لمواجهة أردوغان.

ولكن ميرال أكشينار، من الحزب "الجيد" القومي، ترفض هذه الفكرة، ويبدو أنّها تدعم رئيس بلدية إسطنبول المعارِض الشعبي أكرم إمام أوغلو بدلاً منه.

يقول إيسن "كانت المعارضة في موقف حرج للغاية" مع انقسامات كثيرة، ويضيف أن السيناريو الأكثر ترجيحاً أن يصبح كلجدار أوغلو مرشّح المعارضة لأنّه "سيكون من الصعب جدّاً" على أحد آخر أن يقود حملة انتخابية على نطاق واسع في وقت الحداد الوطني.

يعتبر الخبراء أنّ الانتخابات في مايو/ أيار باتت غير واردة، ولكن يمكن أن تتمّ في يونيو/ حزيران، الذي يعدّ آخر موعد لإجرائها وفق الدستور.

ولا يمكن لأردوغان تأجيل الانتخابات إلى موعد أبعد من ذلك، من دون تعديل الدستور. لذا، يحتاج غالبية الثلثَين في البرلمان، أي 400 صوت، علما أنه يملك مع حلفائه 333 صوتاً، ما يعني أنه سيحتاج إلى المعارضة لدعم تأخير أطول.

من جهتها، تقول سينم أدار، الزميلة في مركز الدراسات التركية التطبيقية في برلين، إنّ إحدى ركائز استراتيجية المعارضة يجب أن تكون ضمان إجراء الانتخابات بحلول شهر يونيو/ حزيران.

يأتي ذلك فيما تدفع أكشينار باتجاه إجراء الانتخابات في يونيو/ حزيران.

وفي هذا السياق، قالت للصحافيين، الأسبوع الماضي: "من واجبنا كسياسيين إجراء هذه الانتخابات".

مواجهة أردوغان

ولكن المعارضة كانت منقسمة أيضاً في استجابتها للزلزال، فقد اختارت أكشينار البقاء صامتة وتجنّب المناطق التي ضربها الزلزال في الأيام الأولى، بينما زار كلجدار أوغلو المناطق المتضرّرة سعياً لمواساة الضحايا.

وهاجم أردوغان، متّهماً إياه بالفشل في جعل تركيا متأهبة للزلازل.

كما ظهر يوم السبت مع الزعيم الموالي للأكراد في ديار بكر المتضرّرة من الزلزال، والتي تعدّ المحافظة الوحيدة التي لم تصوّت لتحالف أردوغان في انتخابات العام 2018.

من جهتهما، نشر رئيسا بلديتي إسطنبول وأنقرة المعارضان صوراً لموظفي البلدية يساعدون في جهود الإنقاذ ورفع الأنقاض وتقديم الطعام الساخن للناجين.

أما أكشينار، فقالت إنّها انتظرت 72 ساعة لتجنّب أن تكون عقبة أمام جهود الإنقاذ.

يقول أدار إنّ الزلزال قد يؤدّي إلى انقسامات حادة في صفوف المعارضة، ويتجلى ذلك في الخلافات على المرشّح والأدوار التي سيؤديها كلّ حزب.

ورغم أن إيسن يحذّر من التركيز كثيراً على ردود الفعل المختلفة بعد مرور أسبوع فقط، إلّا أنه يرى أنّها تُظهر انعدام تنسيق بين أطراف المعارضة.

(فرانس برس، العربي الجديد) 

المساهمون